لوحاتُ “الكيبورد” الغزيّةُ ثورةٌ موازيةٌ لانتفاضةِ القدسِ في الضفةِ

الثريا_ إسراء أبوزايدة
مع كلِّ صباحٍ مخطَّط ٌجديدٌ، وتهويدٌ متواصلٌ، وعربدةٌ مستمرةٌ في ساحاتِ المسجدِ الأقصى، أثارتْ حفيظةَ الشعبِ الفلسطيني، الذي انتفضَ مفجِّراً حراكاً شعبياً في ظِلِّ تكالُبِ القريبِ والبعيدِ على أرضِ فلسطينَ، وشعبِها ومقدساتِها، فتَحرَّكَ شبابُها بصدورِهم العاريةِ، وحجارتِهم المباركةِ، وخناجرِهم المنتفضةِ، وأعلنوها ثورةً إمّا نصرٌ أو استشهادٌ.. لتحريرِ فلسطينَ من دَنسِ المحتلِّ.
في الضفةِ انتفضَ الشابُّ والشيخُ والمرأةُ والرجلُ والطفلُ، والحواجزُ الصهيونيةُ التي- تمكّنت من غزةَ، ومنعتْ أهلَها من مشاركتِهم- لم تتمكنْ من الفضاءِ الإلكتروني، الذي أتاحَ لهم أنْ يكونوا سَنداً وعوناً لإخوانِهم، بالكلماتِ “الكيبوردية” التي انطلقتْ كالرصاصِ في وجهِ المحتلِّ، وكان أثرُها تصريحاً مباشراً من رئيسِ الوزراءِ الصهيونيّ “بنيامين نتياهو” بالقولِ “معركتُنا الأساسيةُ يجبُ أنْ تتركّزَ ضدَّ مواقعِ التواصلِ الاجتماعي التحريضيةِ، والإعلامِ الفلسطيني، وتلا هذا التصريحَ
إطلاقُ الاحتلالِ لآلافِ حساباتِ “الفيسبوك” الوهميةِ؛ لاستدراجِ الشبابِ الفلسطينيّ، بإطلاقِ آلافِ الحساباتِ الإلكترونيةِ المزيَّفةِ؛ لمراقبةِ كلِّ ما يُنشَرُ في مواقعِ التواصلِ، والحصولِ على المعلوماتِ الاستخباراتيةِ.. “الثريا” في مساحتِها تتحدثُ عن الانتفاضةِ الإلكترونيةِ خلفَ لوحاتِ “الكيبورد” التي حرّكتْ أعتَى ترسانةٍ عسكريةٍ في العالمِ….
يَعدُّ الناشط ُالسياسي “أدهم أبو سلمية”، بأنّ الانتفاضةَ الإلكترونيةَ ما هي إلا طعناتٌ إعلاميةٌ لإرباكِ الصهاينةِ، قائلاً:” عهدُنا أنْ نبقى سَنداً لأهلِنا في الضفةِ والقدسِ، إنْ قدّرَ اللهُ أنْ يحملَ الأبطالُ هناك خناجرَهم؛ فنحن هنا سنُترجِمُ الخناجرَ لصواريخَ تحرقُ الصهاينةَ، أخضرَهم ويابسَهم”.
وقائعُ جديدة :
ويؤكدُ بأنّ ما يَشهدُه الوضعُ على الأرضِ، هو تأسيسٌ لجيلِ التحريرِ القادمِ؛ وليس مُجردَ هبّةٍ شعبيةٍ، أو انتفاضةٍ عابرةٍ، مشيراً إلى قولِ وزيرِ الحربِ الصهيوني يعلون:” لا نستطيعُ فِعلَ أيِّ شيءٍ أمامَ حاملي السكاكينِ.. والأوضاعُ سيئةٌ للغايةِ”، مُعلقاً على ذلك:” إنّ الاحتلالَ في حالةِ انهيارٍ؛ لأنّ أهمَّ بنودِ عقيدتِه العسكريةِ، تقومُ على نقلِ معركتِه لأرضِ العدوِّ، لكّ ما يَحدثُ اليومَ؛ أنّ المعركةَ في قلبِ كيانِه، وهذا هو المُقلِقُ له”، مُلَخِّصاً ذلك بالقلقِ والارتباكِ الذي أصابَ الاحتلالَ، وبحثِه عن طوقِ نجاةٍ، ومراهنتِه على السلطةِ والدولِ العربيةِ للتدخُلِ لإنقاذِ الموقفِ.
ويشيرُ “أبو سلمية” إلى الدورِ الذي لعبتْهُ انتفاضةُ الأقصى؛ في تراجُعِ رئيسِ وزراءِ “إسرائيل” نتنياهو عن مُخطَّطِه للبناءِ في حائطِ البراق، وتجميدِ مخطَّطاتٍ استيطانيةٍ، إضافةً إلى منْعِ وزراءِ حكومتِه، ونوابِ الكنيست من دخولِ المسجدِ الأقصى، مبيّناً بأنها انتفاضةٌ تفرضُ وقائعَ جديدةٍ على الأرضِ، تتطلبُ من الأُمةِ رعايتَها واحتضانَها ودعمَها بكلِّ الوسائلِ.
مؤشّرٌ إيجابي :
فيما يُسَخِّرُ الناشطُ والإعلاميُّ “رضوان الأخرس” حساباتِه عبرَ مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ؛ لنشرِ الحقائقِ، وفضحِ جرائمِ الاحتلالِ، وزعزعةِ أمنِهم، مُبدِياً رأيَّه بردودِ الأفعالِ التي يلحظُها في وسائلِ الإعلامِ الجديد:”هناك اهتمامٌ كبيرٌ ألحَظُه على مواقعِ التواصلِ- حتى من غيرِ الفلسطينيينَ، ومن غيرِ العربِ- رغمَ الأحداثِ الساخنةِ التي تشهدُها المنطقةُ، وهذا مؤشِّرٌ إيجابي”.
فضْحُ الانتهاكاتِ :
وتؤكّدُ الناشطةُ “سناء المبيض” بأنّ الانتفاضةَ الإلكترونيةَ لبّتْ مطالبَها، لاسيّما في ظِلِّ تجنيدِ قواتِ الاحتلالِ (5000) حسابٍ عبرَ مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ؛ لضربِ حساباتِ النشطاءِ في الانتفاضةِ الإلكترونية.
وتستنكرُ “المبيض” تعرُّضَ حسابِها للحظرِ من قبلِ إدارةِ “الفيس”، وإجبارَها على إزالةِ بعضِ الصورِ، كونَها تحريضيةً، مؤكِّدةً على مضيِّها بفضحِ الانتهاكاتِ والاعتداءاتِ على الشعبِ الفلسطيني.
وفي معرِضِ ردِّها حولَ الرسالةِ التي توَدُّ إيصالَها للعالمِ، تقولُ:” رسالتي إيصالُ القضيةِ الفلسطينيةِ، وتفعيلُها على مرأى العالمِ، وفضْحُ الانتهاكاتِ الإسرائيليةِ والجرائمِ التي تَحدثُ في الضفةِ؛ من عملياتِ إعدامٍ للشبابِ والفتياتِ، وإحراقِ العائلاتِ والأطفالِ”.
وتضيفُ:” لن ننسى “أبو خضير، وعائلة الدوابشة”، والفتياتِ اللاتي أُعدمنَ بدمٍ باردٍ، من أجلِ الحجابِ؛ “كهديل الهشلمون، وإسراء عابد، وشروق دويات”.
تشكيكٌ بالروايةِ :
وتنوِّهُ الناشطةُ “إسراء العرعير” بأنّ أمرَ رئيسِ الوزراءِ الإسرائيلي(نتنياهو) جنودَه بتخصيصِ حساباتٍ على (الفيس بوك) يأتي للتشكيكِ بالروايةِ الفلسطينيةِ؛ لِما يحدثُ من انتهاكاتٍ في المسجدِ الأقصى، والأراضي المحتلة، مؤكِّدةً على أنّ الرسالةَ قد وصلتْ وبقوةٍ.. وردودُ الفعلِ الإيجابيةُ دليلٌ على ذلك.
وتُبيّنُ “العرعير” بأنّ الرسالةَ التي تريدُ إيصالَها؛هي معاناةُ الشعبِ الفلسطيني تحتَ الاحتلالِ، والمستمرةَ منذُ أكثرَ من سِتينَ عاماً، وأننا لن نَكِلَّ أو نمَلَّ حتى تحريرِ كافةِ أراضينا المحتلةِ .
حربٌ ضَروسٌ :
ولا تتركُ الناشطةُ “دعاء الشريف” حدَثاً إلاّ وتُوثِّقُه عبرَ صفحتِها على (الفيس بوك)، مؤكّدةً أنّ الرسالةَ وصلتْ “إلكترونياً شكلاً ومضموناً ونصاً”، وأنّ الانتفاضةَ الإلكترونيةَ أشعلتْ الانتفاضةَ الميدانيةَ، إلى جانبِ الانتهاكاتِ والجرائمِ الصهيونيةِ، رغم أنها دافعٌ أساسٌ لانطلاقِ الشبابِ الثائرِ للانتقامِ.
وتوضّحُ “الشريف” بأنّ مواقعَ التواصلِ الاجتماعي؛ شكّلت حرباً ضروساً، وبثّتْ الحَميَّةَ والحماسَ في صدورِ الشبابِ، فخرجوا ثائرينَ منتقِمينَ لأبناءِ شعبِهم.
وتَعُدُّ بأنّ تهديدَ (نتنياهو) نشطاءَ الإعلامِ الجديدِ بالملاحقةِ؛ جاء نتيجةَ ردودِ الفعلِ الإيجابيةِ نحو الهبّةِ الإلكترونيةِ، لاسيّما وأنّ مواقعَ التواصلِ باتت في الآونةِ الأخيرةِ مواقعَ مُحرِّضةً على الثورةِ والجهادِ، وضربِ العدِّ في عقرِ دارِه.
واشتركتْ كلٌّ من “دعاء” وسابقتِها “إسراء” بالمضيِّ في فضحِ انتهاكاتِ وجرائمِ العدوِّ، وأنّ الشبابَ الفلسطينيَّ كاللهيبِ الثائرِ، مؤكّدتينِ بالقولِ:” حساباتُنا ستبقَى مسخّرةً نصرةً لفلسطينَ وشعبِها، ويجبُ عدمُ حرفِ البوصِلةِ لموضوعٍ آخَرَ؛ كونَ فلسطينُ قضيتَنا الأولى”.
خطةٌ ممنهجةٌ :
وبدورِه يوضّحُ المحلِّلُ والكاتبُ السياسي د. “مصطفى الصواف” الدورَ الذي يجبُ أنْ تلعبَه وسائلُ الإعلامِ كافةً، في إيصالِ رسالةِ الشعبِ الفلسطينيّ، لاسيّما وأنَّ الفلسطينيَّ صاحبُ حقٍّ، مشيراً إلى تحريكِ وسائلِ الإعلامِ الجديدِ البوصلةَ في انتفاضةِ الأقصى، مع التنويهِ على افتقارِها لحاضنةٍ توجِّهُها بشكلٍ ممنهجٍ وسليمٍ، وخُطةٍ متكاملةٍ يتمُّ على أساسِها توزيعُ المَهام.
ويَعدُّ “الصواف” أنّ العملَ بشكلٍ فرديٍّ وعشوائيّ؛ يقلّلُ من الفائدةِ المرجوّة، مُعقِّباً على الرسائلِ التي كفِلتْ بإيصالها مواقعُ التواصلِ للجمهورِ الفلسطينيّ بالقولِ:” بكلِّ تأكيدٍ الرسالةُ وصلتْ لجميعِ أهالي الضفةِ وال(48)، والأهمُّ أنْ تصِلَ لتشكيلِ رأيٍّ عامٍّ مساندٍ لِما يجري في الضفةِ”.
وفيما يتعلقُ بتصريحاتِ “نتنياهو” حولَ وسائلِ الإعلامِ الجديدِ، يضيفُ:” الشبابُ الغزيُّ متابعٌ جيّدٌ، ويرُدُّ بسرعةٍ عبرَ تعليقاتِه المختلفةِ، ولديهِ حِسٌّ وطنيّ وسياسيّ مُرهَفٌ، فلا تفوتُه شاردةٌ ولا واردةٌ..، وأعتقدُ أنهم تناولوا تصريحاتِ “نتنياهو” بشكلٍ جيّدٍ ومعبِّرٍ، وتعليقاتٍ ساخرة”، متابعاً:” إضافةَ إلى رسائلِ التحدي، والتصميمِ على المواصلةِ، والدعوةِ إلى المؤازرةِ والمشاركةِ لكُلِّ مَن يتمكنُ من ذلك”.
ويرى “الصواف” بأنّ تصريحاتِ رئيسِ الوزراءِ الإسرائيليّ ،تُغلِّفُها حالةٌ من الإرباكِ والعجزِ من قِبلِ قواتِ الاحتلالِ، الأمرُ الذي يؤدي إلى شِحنةٍ من الثقةِ لدَى الشبابِ المنتفضِ.
وحّدَ البوصِلةَ :
ويعقّبُ الكاتبُ والمحلّلُ السياسي “إبراهيم المدهون” عبر صفحتِه على (الفيس بوك) حولَ توجيهِ غزةَ بوصِلةَ الانتفاضةِ إلكترونياً، واستجابةِ الغزيِّينَ لنداءاتِ الضفةِ، قائلاً: ” إنّ الشعبَ الفلسطينيّ، سواءٌ في الضفةِ أو في قطاعِ غزةَ، أو في الداخلِ الفلسطينيّ؛ هو شعبٌ واحدٌ، وإنْ قسَّمه الاحتلالُ الإسرائيليّ، لذلك فإنّ التحرُّكَ في غزةَ هو رسالةٌ من شبابِ غزةَ إلى شبابِ الضفةِ؛ “أننا معكم، و سنكونُ سنَداً لكم، و لن نتركَكم وحدَكم”، مؤكّداً على أنّ الوجدانَ الفلسطينيَّ وحّدَ البوصلةَ وطريقةَ المواجهةِ.
ويرى “المدهون” أنّ ما يَحدثُ هو بعيدٌ عن الفصائلِ والتحزُّبِ، واصفاً ذلك بالموجةِ الثوريةِ الوجدانيةِ.
ويُشارُ إلى أنّ انتفاضةَ القدسِ كانت تَتابُعَ سلسلةِ أحداثٍ سبقتْها من إضرابِ الأسرى، وعمليةِ أسرِ المستوطنينَ، وحادثةِ حرْقِ “محمد أبو خضير”، والهبّةِ التي تلتها، وأخيراً أحداثُ الأقصى، والاعتداءُ على المرابطاتِ فيه.