أرض فلسطين أرض عربية إسلامية

الأستاذ الدكتور صالح الرقب- أستاذ العقيدة – الجامعة الإسلامية
إنّ أرض فلسطين أرض عربية إسلامية، وستبقى كذلك، رغم اغتصاب اليهود لها ومحاولتهم إقامة دولتهم المزعومة عليها، وستبقى فلسطين في قلب كل مسلم. ونستند في ذلك إلى التالي:
– إنّ أرض فلسطين كانت أرض أنبياء الله ورسله عليهم السلام , ولقد كان هؤلاء الأنبياء الذي عاشوا على أرض فلسطين وما حولها مسلمين، وكانوا أئمة هدى وخير، لم يعرفوا سوى الإسلام رسالة ومنهجاً ودعوة، وقد أخبر الله تعالى في كتابه الكريم عن هذا الأمر قائلاً : عن إبراهيم عليه السلام: {ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين}. وكان عليه السلام يدعو ربه بقوله: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمّة مسلمة لك}، وقال عن موسى عليه السلام: {وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين}، وقال تعالى عن بلقيس: (قالت يا أيها الملأ إني ألقي إليّ كتاب كريم إنّه من سليمان وإنّه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين).المقصود اسلام التوحيد لرب واحد.
– إن الأنبياء جميعهم لم يذكروا بورثة اليهود لأمر الدين ولا الأرض التي اغتصبوها , بل تبرءوا منهم ، فاليهود هم الذين قتلوا أعداداً كبيرة من الأنبياء، وهم الذين حرّفوا رسالة الأنبياء، وشوّهوا الحقّ الذي جاءوا به من عند الله وطمسوا معالم الرسالات، وبدّلوا وغيّروا شرائع المرسلين حسب ما أملته عليهم أهواؤهم ونفسيتهم المتمردة على الحق دوماً، وهم الذين أساءوا الأدب مع الأنبياء حيث وصفوهم بالرذائل التي تتنزه عنها العامة ناهيك عن كونهم رسل من عند الله مؤيدين بوحيه
– إن خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم قد أسرى الله تعالى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بفلسطين، ولم يُعلم عنه عليه الصلاة والسلام أنه خرج بعد بعثته الشريفة خارج جزيرة العرب إلا لهذه الأرض المباركة، وكان هذا الخروج الوحيد بأمر الله تعالى ورعايته في رحلة ربانية، اختار الله تعالى وقتها وزمانها، واختار صاحبه فيها جبريل عليه السلام أمين الوحي، وهو تعالى الذي رسم كيفية الرحلة وخطاها بعونه ورعايته ، قال تعالى:(سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) وفي المسجد الأقصى جمع الله تعالى لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام المرسلين والأنبياء السابقين من حملة الهداية ورسالة الإسلام إلى الأرض ليستقبلوا صاحب الرسالة الخالدة النبيّ والرسول الخاتم، وقد صلى بهم رسول الله عليه الصلاة والسلام إماماً ركعتين). وقد أكدت لنا هذه الرحلة وأحداثها عمق الصلة والترابط بين مركزي الدعوة الإبراهيمية: فلسطين والجزيرة العربية، كما أكدت أنّ قيادة الإنسانية هي لرسول الله صلى الله عليه وسلم قائداً ونبياً خاتماً لجميع الرسالات السابقة ومجدداً لبعثها على هدى الإسلام حيث قال نبينا محمد عليه الصلاة والسلام :نحن معشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد).
– إنّ الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح أرض فلسطين سنة 16هـ، وطهرّها من رجس الاغتصاب والاحتلال الروماني الوثني ثم المسيحي الذي دام سبعة قرون، واستلم الخليفة المسلم مفاتيح القدس بيده الشريفة من بطريرك النصارى صفرنيوس، ولما أشرف على المدينة المقدسة كبّر فوق الجبل الذي يعرف بجبل المُكبّر، لقد أزال عمر رضي الله عنه بنفسه وبثوبه الأوساخ والقاذورات التي وضعها النصارى في المسجد الأقصى نكاية باليهود وحقداً عليهم، وبني عمر رضي الله عنه مسجداً أمام الصخرة، جعل الصخرة في مؤخرته). ولمّا فتح عمر بن الخطاب فلسطين لم يقسّم أرضها بين الفاتحين المسلمين، لكنّه جعلها ملكاً لذرا ري المسلمين يتوارثونها جيلاً بعد جيل، وإذا كان الخليفة الثاني أمير المؤمنين جعلها وقفاً على المسلمين وهو المعروف بعدله حتى عند اليهود والنصارى ، فإنّ فعله يدل على ملكية المسلمين عامّة لها، وأنه لا يجوز لفرد منهم أو جماعة أن يتنازلوا عنها.
– لقد ظلت فلسطين أرضاً إسلامية أربعة عشر قرناً منذ أن فتحها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث حافظ على إسلاميتها الخلفاء الأمويون ففي عهد عبد الملك بن مروان تمّ تشييد المسجد الأقصى في بناء جديد وتشييد مسجد قبة الصخرة، وقد أوقف خراج مصر المسلمة لسبع سنين في هذا التشييد، وحافظ العباسيون على إسلامية أرض فلسطين، ففي عهد أبي جعفر المنصور تعرض المسجد الأقصى لهزة أرضية هدمت بعض أجزائه فقام المنصور رحمه الله ببنائه على أحسن ما يكون، وفي عهد الخليفة المهدي تمّت إصلاحات وتوسعات جديدة في المسجد).
– إنّ أرض فلسطين روتها دماء الصحابة والتابعين وغيرهم من جنود المسلمين وقوادهم ممن استشهدوا فيها، وكل قطرة دم زكيه سالت على هذه الأرض تشهد بإسلاميتها، ولقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض الشام والأرض المقدسة ملاذاً وموئلاً آمناً للمسلمين إذا تعرضوا للفتن، قال عليه الصلاة والسلام: (بينا أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي، فظننت أنّه مذهوب به، فأتبعته بصري، فعمد به إلى الشام)، ألا وإنّ الإيمان حيث تقع الفتن بالشام).
– إنّ الكتاب المقدس عند اليهود-المصدر التاريخي للادعاءات الصهيونية في الحقّ التّاريخي في فلسطين- لا يصلح أن يكون وثيقة تاريخية موثوقاً منها لما فيه من الخرافات والأساطير، ولأنّ يد التحريف والتزوير قد امتدت إليه وقد أثبتت حقائق العلم والمكتشفات الأثرية ذلك الأمر.
– إنّ العرب الكنعانيين هم أوّل القبائل قدوماً إلى هذه الأرض، التي عرفت فيما بعد باسمهم، فهم سكانها الأصليون، كما أثبتت ذلك الدراسات التاريخية، وكما أثبت نصوص الكتاب المقدس، وإنّ الكتاب المقدس يعتبر أرض كنعان أرض غربة لأنبياء بني إسرائيل وأولهم أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام.
– إنّ الممالك التي أقامها اليهود في فلسطين هي ممالك كبيرة لم تدم طويلاً ، عمّرت فترة صغيرة من الزمان ثم انتهت. وأنّ وجود اليهود على أرض فلسطين كان وجوداً متصلاً منذ دخولهم مع نون بن يوشع تعتريه هجرة ثم عودة ، بينما وجود العرب فيها كان وجوداً اقدم ومتواصلاً منذ ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد وحتى الآن.
– إنّ المكتشفات الأثرية من قبل علماء اليهود وغيرهم من الأوربيين تكذب ادعاءات اليهود في الحق التّاريخي، وتثبت أنّها أساطير لا صلة لها بالحقيقة العلمية.
– إنّ معظم يهود اليوم ليس لهم صلة ولا علاقة بالعبرانيين والإسرائيليين الذين سكنوا فلسطين قديماً، وليس لهم صلة بالعرق السامي، إنهم من أصول تهودت عبر التاريخ. وقد أكّد هذه الحقيقة العلماء الأوروبيون ودارسوا علماء أجناس البشر.
– إنّ أرض فلسطين عربية الهوية والتاريخ، ثم أصبحت بالفتح الإسلامي إسلامية الهوية والانتماء، بل إسلاميتها تمتد إلى الأنبياء والمرسلين الذين سكنوها عبر التاريخ، لأنّ الأنبياء جميعاً مسلمون بمعنى موحدون، والمسلمون امتداد لهم .
لقد أقام اليهود اليهود دولتهم عبر الغزو والاستعمار، ومن خلال وسائل الإرهاب والقهر التي مورست ضد عرب فلسطين. ويبقى الحق التاريخي والديني ثابت لأهلها العرب الذين سكنوها قبل غيرهم من الأمم والشعوب بآلاف السنين.