غير مصنف

إعلام النهضة سلاح التغيير ..

بقلم / دعاء الشريف

من المعروفِ أنّ من أهمِّ الوسائلِ في نهضةِ الأمةِ وتطورِها ورفعتِها ؛هو الإعلامُ والوسائلُ الإعلاميةُ، فالإعلامُ هو المُعبِّرُ عن روحِ الأمّةِ وخصائصِها وسماتِها وشكلِها من ضعفٍ أو قوةٍ وتقدُّمٍ أو تأخُر، فالإعلامُ هو جُلُّ حياةِ الأمةِ على كافةِ النواحي والأصعدةِ، أيًا كان نوعُ هذا الإعلامِ.. وطالما أنّ الإعلامَ القويَ هو نهضةُ الأمةِ؛ فحينَها يراودُنا السؤالُ عن طبيعةِ هذا الإعلامِ القويِ الذي تنهضُ به الأممُ.

ويمكِنُنا القولُ: إنّ الأمةَ تنهضُ من خلالِ الإعلامِ الذي يهتمُ بنشرِ الأخلاقياتِ والقيَمِ  والسلوكياتِ التي تُغيّرُ وعيَ المجتمعِ، وتأخذُ بيدِه إلى الرقيِ والتقدمِ والتطورِ في كافةِ المجالات، وأنْ يُعبِّرَ عن قيمِ العدلِ والحريةِ والدعوةِ إلى الالتزامِ بالقانونِ، هو ذاك الإعلامُ القويُ والسليمُ، ويمكنُنا القولُ أيضًا: إنّ المطلوبَ من الإعلاميينَ -كي يرتقيَ إعلامُهم، وتنهضَ به أمتُهم- أنْ ينحازَ إعلامُهم إلى الطبقاتِ البسيطةِ المتواضعةِ والفقيرةِ في المجتمعِ، ويمدّوا أيديَهم إليهم ببرامجِهم وأفكارِهم وهمومِهم، وأنْ يحملَ هذا الإعلامُ على عاتقِه مشكلاتِ هذه الطبقاتِ، ويضعَ لها الحلولُ والأفكارُ؛ فبذلك يكونُ قد حققَ الإعلاميُ شروطَ وسماتِ الإعلامِ الصحيحِ الناهضِ بأمتِه وشعبِه، الساعي لرفعتِه وتقدمِه، ولا بدَّ أنْ يعيَ ويعرفَ جيدًا -من يعملُ في هذا المجالِ- كيف عليه أنْ ينهضَ بأمتِه من خلالِ تلك المهنةِ، ومن خلالِ الأمانةِ التي حملَها على عاتقِه.

إذاً على كل من أرادَ النهوضَ بأمتِه، والرقيَ بشعبِه من خلالِ رسالتِه الإعلاميةِ؛ أن يُطبّقَ خصائصَ إعلامِ النهضةِ، وإعلامِ القوةِ، والتي تتمثلُ في أنْ يكونَ الإعلاميُ صادقًا وواضحًا في نقلِ رسالتِه، وأداءِ أمانتِه بالشكلِ المطلوبِ، وعليه أنْ يكونَ صادقًا بكلِّ ما تَحملُه الكلمةُ من معنى، سواءٌ كان الصدقُ في الخبرِ أو الكلمةِ أو الحُكمِ، فمن يَصُدقْ في الخبرِ، ويكسبْ ثقةَ الناسِ ويلتزمْ  بذلك، ولم يغيّرْ من الحقيقةِ شيئًا، وينقلْ الكلمةَ الصادقةَ بغيرِ تقصيرٍ، وبغيرِ دلالاتٍ توحي بأهدافٍ غيرِ واضحةٍ، ويراعي الأسلوبَ الدعويَ والإعلاميَ، ويبتعدْ عن الألفاظِ الرخيصةِ والأسلوبِ الحادِّ، ويَصدُقْ في الحُكمِ على الخبرِ، ويتوَخَ في كلِ خبرٍ التفسيرَ الصحيحَ؛ يكُنْ بذلك قد أدّى أمانتَه ورسالتَه الإعلاميةَ على أكملِ وجهٍ، وكما هو مطلوبٌ في الإعلامِ الناهضِ بأمتِه وشعبِه. ومن الواجبِ على الإعلامِ أنْ يكونَ واقعيًا ؛لا يخضعُ للأهواءِ المنحرفةِ والكلماتِ المزيفةِ، وهذا هو ما يميّزُ إعلامَ النهضةِ، والإعلامَ الراقيَ عن غيرِه ممّن يتّبعونَ أساليبَ أخرى في مجالِ الإعلامِ، فالواقعيةُ لا تعني عدمَ الاستقرارِ في الأحكامِ والضوابطِ؛ بل العكسَ من ذلك، ولذلك يجبُ أنْ تكونَ الواقعيةُ في ضبطِ القواعدِ والمصالحِ بعيدةً كلَّ البعدِ عن الأغراضِ الشخصيةِ والأهواءِ المنحرفةِ، والمُسمياتِ التي تهدفُ لشهرةِ صاحبِ هذه المهنةِ، أو العاملِ في الجانبِ الإعلامي.

ومن المُلاحَظِ في الآونةِ الأخيرةِ أنّ الإعلامَ أصبح يبتعدُ عن أسلوبِ الإثارةِ والتشويقِ، وبات لا يؤثرُ ولا يثيرُ، وأصبح المُتابعُ والمُشاهدُ يشعرُ بالمللِ في ذلك الوقتِ؛ لعدمِ وجودِ الأسلوبِ الجيدِ والمثيرِ للمُشاهدِ، وهذا ما نلاحظُه في إعلامِنا الفلسطيني، قلّةٌ قليلةٌ من يعملُ ويسخّرُ كلَّ طاقاتِه لأجلِ الرقي بالمجتمعِ، والعملِ لمصلحةِ المتابعِ والمُشاهدِ.

فهناك الكثيرُ ممن يسعى من خلالِ مهنتِه للشهرةِ والرياءِ.. وحتى يُقالَ عنه إنه إعلاميٌّ أو صحفيٌّ، أو يعملَ في السلكِ الإعلامي، لكنّ حقيقةً.. لا يجيدُ معنى الإعلامِ الصحيحِ، ولا يُجيدُ كيفيةَ التعاملِ مع الجمهورِ والمتابعينَ؛ لذلك على العاملينَ في المجالِ الإعلاميِّ أنْ يعملوا جاهدينَ بكلِّ طاقاتِهم لنهضةِ الأمةِ من خلالِ إعلامِهم، وأنْ يتميّزَ الإعلامُ بالمرونةِ وأسلوب الإثارة والتشويق والتيقن من المعلومة بشكل صحيح قبل إعلانها أو نشرها؛ حتى يعلمَ المُتابعُ أنّ هذا الإعلامَ -كونَه صادقًا في نشرِ رسالتِه، وأداءِ أمانتِه- فإنه هو الإعلامُ الراقي والصادقُ، وهو السلاحُ الأقوى في أيِّ معركةٍ إعلاميةٍ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى