
الثريا_ إسراء أبو زايدة
يعتبر ملف الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي من أصعب الملفات التي يمكن أن نتحدث عنها، نظراً لصعوبة وصف آلامهم، لا سيما وأن أغلبهم بات ينتظر الموت نتيجة الاهمال الطبي لحالتهم، واتباع سياسة الموت البطيء من خلال مسكنات تفاقم من حدة المرض والإصابة، مع استمرار بقائه تحت رحمة سجَان سخر كل امكانياته لقتل الإنسان الفلسطيني من خلال برامج معدة من قبل خبراء بارعون بقتل الروح داخل الجسد.
“الثريا” ألقت الضوء على مأساة الأسرى داخل السجون من خلال التواصل مع هيئة شؤون الأسرى والمحررين، والمحامين الذين تابعوا حالتهم.
يشهد حال الأسير المريض بسام السايح (44)عاماً، من مدينة نابلس، تدهوراً خطيراً على صحته، لاسيما وأنه يعاني من وضع صحي مزرٍ منذ تاريخ اعتقاله (8/10/2015)، حيث يهتك جسده النحيل سرطان الدم والعظام، كما ويعاني من قصورٍ في عمل عضلة القلب بنسبة (85%)، إضافة إلى التهابٍ مزمنٍ في رئته وارتفاع في ضغط الدم، مما جعله عاجزاً عن تلبية احتياجاته الشخصية.
جرعات مميتة
ووفقاً لأقوال هيئة الأسرى والمحررين بأن السايح يقبع حالياً في سجن “مجدو”، ويتعاطى علاجاً كيماوياً بجرعات تفوق المعقول، مشيرة إلى أنه يُخشى عليه من تدهور وضعه الصحي بحيث يصل إلى مرحلة عدم الاستجابة للعلاج.
وتذكر الهيئة بأن سلطات الاحتلال نقلت الأسير السايح إلى سجن “إيشيل”، حيث يتواجد شقيقه أمجد بعد فراق استمر (14) عاماً، وجاء ذلك بعد ممارسة أسرى حركة حماس لخطواتٍ احتجاجية على إدارة مصلحة سجون الاحتلال خلال الشهر الماضي.
وتطالب الهيئة في بيان صدر عنها بتدخل كافة الجهات الرسمية والحقوقية الدولية، والضغط على سلطات الاحتلال للإفراج الفوري عن الأسير السايح الذي قد يسقط شهيدًا في أي لحظة.
مماطلة في العلاج
وفي حالة أخرى للأسير المريض معتصم رداد (33 عامًا) من مدينة طولكرم؛ الذي يعاني نزيفاً حاداً في الأمعاء؛ وسط تجاهل إدارة مصلحة السجون بتقديم علاج حقيقي وجذري لحالته الصحية؛ لاسيما وأنها اشتركت مع الشاباك الاسرائيلي في إحباط قرار محكمة الافراج المبكر بذريعة أنه يتلقى العلاج اللازم لحالته الصحية المتدهورة، علاوة على معاناته من صداع مستمر، وارتفاع ضغط الدم ونسبة الكولسترول في الدم, وعدم انتظام في نبضات القلب.
ويُذكر أن الأسير المريض رداد قد وافق مرتين على الخضوع للعملية الجراحية من أجل استئصال كافة الأمعاء الغليظة وجزء من الأمعاء الدقيقة؛ إلا أن أطباء إدارة مصلحة السجون الاسرائيلية قرروا إرجاء العملية دون تحديد موعد؛ وهذا التأجيل هو السبب الرئيسي لاستمرار نزيف الأمعاء؛ بالرغم من مكوثه في مشفى سجن الرملة؛ وتلقيه لكافة الأدوية المقررة من الأطباء إلا أن حالته الصحية لم تشهد أي تحسن؛ بل تزداد تدهورا يوما بعد يوم.
وتؤكد الهيئة بأن المحكمة الإسرائيلية قبل ما يقرب العام رفضت طلب الإفراج المبكر المقدم من قبل محامي الأسير المريض رداد؛ بذريعة أنه يتلقى العلاج اللازم؛ وذلك بعد تضليل متعمد من قبل إدارة مصلحة السجون وجهاز الشاباك الذين أوضحوا للمحكمة بأن حالة الأسير مستقرة وهو يتلقى العلاج اللازم مما دفع القاضي الاسرائيلي بالقول للأسير رداد وبعنصرية مقيتة “لن يفرج عنك حتى تصل للموت”.
ويوضح نادي الأسير بتعرض الأسير رداد خلال مرضه للعديد من الأساليب التعسفية التي تهدف للتنغيص على الأسير وعائلته، ومنها منع عائلته من الزيارة وكذلك التعمد بنقله للمشفى عبر البوسطة الحديدية مما يتسبب له بآلام حادة؛ مما اضطره في النهاية للمكوث الدائم في مشفى سجن الرملة.
ويُشار إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت الأسير رداد بتاريخ 12/01/2006م، وحكم عليه بالسجن لمدة عشرين عاماً بتهمة الانتماء والعضوية في سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي ومقاومة الاحتلال الاسرائيلي.
مؤشر خطير
ويشاطر الأسير المريض بالسرطان يسري المصري (30)عاماً، من سكان دير البلح بقطاع غزة، والمحكوم بالسجن عشرين عاماُ، باقي الأسرى في المعاناة والألم، حيث تشهد حالته المرضية تفاقماً ملحوظاً في الآونة الأخيرة.
وتوضح الهيئة بأن الأسير المصري يمر بوضع صحي صعب وحرج وحالته خطيرة جدا وتزداد سوءا، حيث ظهر لديه تضخم وانتفاخ بالغدد اللمفاوية، ووجود كتل ورمية سرطانية صغير داخل الكبد، إضافة إلى صداع وغثيان وألام بالصدر والمعدة والعمود الفقري والعظام وورم بالقولون، علاوة على وجود بروتين على شبكية العين تسبب بظهور نقاط سوداء وخطوط أثناء الرؤية وتزداد مع الوقت، مما يشكل خطورة على حياته.
وتشير الهيئة بأنه تم إبلاغ الأسير بنقله إلى مستشفى سجن الرملة، بعد أن أجرى صورة ” سي تي”، والتي بينت وجود كتل ورمية داخل الكبد، وذلك يُعد مؤشراً خطيراً وبحاجة الى تدخل فوري وسريع للسيطرة على المرض والحد من انتشاره من خلال عمليات استئصال.
يُذكر أن الأسير المصري، تعرض لإهمال طبي منذ أكثر من عامين بعد ظهور أورام خبيثة لدية في الغدد اللمفاوية، ولم يتم معالجته بشكل جدي، ولم ينقل الى المستشفى سوى لفترات قصيرة جدا، كما تعرض لتهديدات من ضباط الاستخبارات الاسرائيلية حين تم نشر أوضاعه الصحية في وسائل الاعلام.
أخطاء طبية
كما ويقبع الأسير المريض سامي أبو دياك (34) عاماً، من مدينة جنين في مستشفى سجن الرملة، وذلك حسب ما أفاد به محامي هيئة الأسرى كامل الناطور، مبيناً بالقول:” إن المحكمة المركزية الاسرائيلية في القدس ستنظر في الطلب المقدم من قبل هيئة شؤون الأسرى بإدخال طبيب الى الأسير ابو دياك”، حيث يعاني الأسير أبو دياك من إصابته بأورام في الأمعاء وذلك بعد إجراء عملية قص (80)سم من الأمعاء الغليظة، ولا زال وضعه الصحي في خطر لا سيما وأنه يعيش على أجهزة الأكسجين.
ويحمِل الناطور أطباء السجون الإسرائيلية المسئولية الكاملة نتيجة التدهور الصحي الذي جرى على الأسير أبو دياك بسبب حالة التلوث والتسمم التي أصيب بها بعدما أجريت له عملية جراحية في مستشفى “اساف هروفيه” ونقل على إثرها إلى عدة مستشفيات لتلقي العلاج..
يذكر أن الأسير أبو دياك محكوم بالسجن 3 مؤبدات و30 عاماً ومضى على اعتقاله في سجون الاحتلال (13) عاما .
وفي ذات السياق نقل محامو الهيئة شهادات عن تدهور الأوضاع الصحية لعدد من الأسرى القابعين في السجون.
شجب واستنكار
وبدوره طالب رئيس هيئة الأسرى والمحررين عيسى قراقع، المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول قراقع :” يجب أن يكون يوم الأسير بمثابة صرخة ضد كل قوانين وسياسات الموت الإسرائيلية، حيث إننا نتحدث عن ما يقارب 1700 حالة مرضية داخل السجون، ترتكب بحقهم جرائم طبية ممنهجة”.
ويضيف خلال بيان صدر عن الهيئة في يوم الأسير الفلسطيني:” ومن بين هذه الحالات المرضية عشرات الأسرى من ذوي الاحتياجات الخاصة من معاقين ومشلولين ومقعدين، وعدد كبير مصابين بأمراض خطيرة ومزمنة كتشمع الكبد وأمراض القلب والرئة والسرطان، والجرحى والمصابين بالرصاص والذين يعانون من أمراض عصبية ونفسية التي لا تقل خطورة عن الأمراض الجسدية وربما تكون أكثر صعوبة”.
تكثيف الجهود
ويشدد قراقع على ضرورة أن تتكاتف كل الجهود، وأن يكون لها صدى أقوى وأكبر لتضاهي حجم الجرائم المستمرة بحق أسرانا المرضى، مؤكدا على ضرورة طرق كل الأبواب بعزم وصرامة نحو إنقاذ حياتهم، ودعوة الجميع لتحمل مسؤولياته الإنسانية والأخلاقية والمهنية.
ويعرب رئيس هيئة الأسرى عن قلقه مما يتعرض له الأسرى في ما يسمى مستشفى سجن الرملة، كونه يفتقد كافة المقومات الصحية والإنسانية، والذي لا يصلح لكي يكون عيادة متنقلة.
والجدير بالذكر أن ما يقرب (1700) أسير مريض يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتمارس ضدهم جرائم ممنهجة ويحرمون من العلاج والدواء والرعاية الصحية اللازمة.