
الثريا_ إسراء أبو زايده
الضربُ، والشتمُ، والتهديدُ، إحدى الأساليبِ القمعيةِ التي يتعاملُ بها السجّانُ الإسرائيلي؛ لإجبارِ النساءِ الفلسطينياتِ على الاعترافِ باتّهاماتٍ باطلةٍ يُلصقونَها بِهنَّ، دونَ مراعاةٍ لأدنَى التعاملاتِ الإنسانيةِ، فلا يَكترثُ الاحتلالُ لِسِنٍّ أو مكانةٍ اجتماعيةٍ، أو حالةٍ مَرضيةٍ، ضارباً بالقوانينِ الدوليةِ عُرضَ الحائطِ، فيتعرَّضنَ لأبشعِ أنواعِ العنفِ اللفظي و الجسدي، في سياقِ ذلك “الثريا” تُلقي الضوءَ على وضْعِ الأسيراتِ داخلَ السجونِ الصهيونيةِ، و آلياتِ التعاملِ معهنّ، و المشكلاتِ التي يتعرّضنَ لها…
المسئولةُ الإعلاميةُ بنادي الأسيرِ الفلسطيني في الضفةِ المحتلةِ “أماني سراحنة”؛ تُبيّنُ أنّ ما يقاربُ الـ (85) أسيرةً، بينهنّ(14) قاصراً، يتمُ التنكيلُ بهنَّ في سجونِ الاحتلالِ، موضّحةً أنّ العددَ قابلٌ للزيادةِ؛ بسببِ الأحداثِ الراهنةِ في القدسِ والضفةِ الغربيةِ.
انتهاكُ الحقوقِ الإنسانيةِ :
وتقولُ سراحنة:” نحن كُنا نتحدثُ قبلَ عامِ (2015) عن (26 ) أسيرةً فقط، دونَ وجودِ أيِّ قاصرٍ منهنَّ، ولكنّنا الآنَ نتحدثُ عن عددٍ كبيرٍ من الأسيراتِ الفلسطينياتِ والقاصراتِ، حيثُ يتمُ اعتقالُ نساءٍ _يومياً_ بحُججِ الطعنِ، وزجُّهنَّ في المعتقلاتِ”.
وتصِفُ “سراحنة” أوضاعَ الأسيراتِ داخلَ السجونِ “بالمُزرية”، حيثُ تنتشرُ الأمراضُ بين النساءِ، خصوصاً مع وجودِ العديدِ من الأسيراتِ الجريحاتِ والمَرضى، واللاتي لا يتلَقَينَ العلاجَ المناسبَ، حيثُ أنّ إدارةَ السجونِ تُهمِلُهنَّ طبياً وصحياً؛ ما يفاقمُ مشاكلَهنَّ وجروحَهنَّ .
وتوضّح “سراحنة” بأنّ السجونَ التي توضعَ فيها الأسيراتُ غيرُ مُهيأةٍ للمعيشةِ الإنسانيةِ، وتفتقدُ للتهويةِ وللنظافةِ، ولا تَفرِقُ شيئاً عن القبور!، غيرَ أنّ من يعشِنَ فيها لا يزَلنَ أحياءً، علاوةً على أنّ مساحتَها بالنسبةِ لعددِ الأسيراتِ تُعدُّ ضيقةً جداً، فمثلاً يوجدُ في الغرفةِ (27) أسيرةً وحماماً واحداً!، وهذا ما يجعلُهنَّ ينتظِرنَ لفتراتٍ طويلةٍ للدخولِ على الحمّامِ!.
وتُجدّدُ “سراحنة” مَطالِبَهنَّ المستمرةَ في نادي الأسير بإغلاقِ الكثيرِ من السجونِ، كونَها لا تليقُ باحتجازِ آدميّينَ، عِلماً بأنّ مُطالباتِهنَّ السابقةَ كانت تُقابَلُ بالرفضِ، مؤكّدةً بأنّ الأسيراتِ في سجونِ الاحتلالِ يُعانينَ من أوضاعٍ قاسيةٍ، ويواجِهنَ سياسةَ عقابٍ غيرَ مَنطقيةٍ، بعيدةً كلَّ البعدِ عن الحياةِ الإنسانيةِ الكريمةِ، إضافةً إلى انتهاكِ إدارةِ السجونِ كافةَ الحقوقِ الإنسانيةِ للأسيراتِ، دونَ مراعاةٍ لاحتياجاتِهنَّ الخاصة.
أوضاعٌ صعبةٌ :
ومن جانبِه، يفيدُ محامي نادي الأسير “فواز شلودي” بأنّ الأسيراتِ الفلسطينياتِ يتواجدنَ تحتَ سطوةِ السجّانِ الإسرائيليّ في سجنَينِ؛ أولُهما سجنُ “هشارون”؛ حيثُ بلغَ عددُ الأسيراتِ بهذا القِسم (34) أسيرةً، في منطقةِ ” افن يهود” القريبةِ من منطقةِ نتانيا، وثانيهما سجنُ “الدامون”؛ وبلغَ عددُ الأسيراتِ فيه حوالي (25) أسيرةً، والسجنُ يقعُ على جبلِ الكرملِ.
ويشيرُ “شلودي” إلى معاناةِ الأسيراتِ من الاكتظاظِ داخلَ الأقسامِ، والصعوبةِ في استيعابِ أيِّ أسيرةٍ جديدةٍ، حيثُ تصبحُ الأرضُ فراشاً لها، منوّهاً إلى إمكانيةِ افتتاحِ قسمٍ جديدٍ في سجن “هشارون”؛ حتى يتمَ استيعابُ الأسيراتِ الجديداتِ، إلاّ أنّ هذا القِسمَ إذا تمَّ افتتاحُه؛ لن يتّسِعَ كما هو معروفٌ إلى أكثرَ من (45) أسيرةً، مُعرباً عن استياءِ الأسيراتِ، ومُطالبتِهنّ بصورةٍ مستمرةٍ بافتتاحِ قِسمٍ كبيرٍ يتّسِعُ لأعدادِهنَّ.
وفي معرِضِ ردِّهِ عن أوضاعِ الأسيراتِ داخلَ السجونِ؛ يجيبُ محامي نادي الأسير:” أزورُ الأسيراتِ مرتينِ في الشهرِ، وأنا على اطلاعٍ تامٍ بأوضاعِ الأسيراتِ في سجنِ “هشارون”، وما تشتكينَ منه، وأهمُّها مشكلةُ عدمِ وجودِ طبيبةٍ نسائيةٍ، إضافةً إلى ارتفاعِ عددِ الأسيراتِ المصاباتِ”.
ويوضّحُ “شلودي” بأنّ عددَ الأسيراتِ المصاباتِ بسجنِ “هشارون” بلغَ تِسعَ أسيراتٍ، والكثيرُ منهنّ بحاجةٍ إلى متابعةٍ طبيةٍ حثيثةٍ ومستمرةٍ، لاسيّما وأنّ إصابتَهنّ بليغةٌ، ومنهن: الأسيرةُ (عبلة العدم، لَما البكري، مرح باكير، استبرق نور)، وغيرُهنَّ الكثيراتُ، مشيراً إلى معاناةِ الأسيراتِ داخلَ السجنِ، فيما يتعلقُ بالزياراتِ والتأخُرِ بالسماحِ للأهلِ بالزيارةِ، وخاصةً الموقوفاتِ منهن، علاوةً على ذلك تعاني الأسيراتُ القاصراتُ من مشكلةِ الحصولِ على ملابسَ تتناسبُ مع حجمِ أجسادِهنَّ الصغيرة، وتضطّرُ الأسيرةُ منهنَّ لاستلافِ الملابسِ من الأسيراتِ الراشداتِ لحينِ السماحِ للأهلِ بالزيارةِ، وإحضارِ ملابسَ تتناسبُ مع أحجامِهنَّ.
ويذكرُ بأنّ الأسيراتِ يَشعرنَ بانعزالِهنَّ عن العالمِ الخارجي؛ نظراً لانقطاعِ التواصلِ بينهنّ وبين عوائلهنّ، وفي حالِ تمَّ التواصلُ؛ لا يشعُرنَ بالراحةِ والخصوصيةِ أثناءَ الزيارةِ.
وينقلُ محامي نادي الأسيرِ الحديثَ على لسانِ الأسيرةِ شيرين العيساوي:” بأنّ غرفةَ الانتظارِ صغيرةٌ جداً، وفي حالِ السماحِ باستخدامِ حمّامِ قواتِ النقلِ (الناحشون) عادةً ما يكونُ قذراً”، إضافةً إلى شكوى الأسيراتِ من “البوسطة” بشكلٍ عام، وخاصةً ساعةَ خروجِهنَّ من السجنِ في الثالثةِ صباحاً، وعودتِهنَّ إلى السجنِ الساعةَ الحاديةَ عشرةَ ليلاً، مع تقديمِ وجبةِ طعامٍ واحدةٍ لهنّ فقط.
ويطالبُ المؤسساتِ الداخليةَ التي تُعنى بشؤون الأسرى، و المؤسساتِ الدوليةَ، وعلى رأسِها “الصليب الأحمر”، والأممَ المتحدة، ممارسةَ الضغوطاتِ على سُلطاتِ الاحتلالِ لوقفِ انتهاكاتِها المتواصلةِ بحقِّ الأسيراتِ، إلى جانبِ تفعيلِ دورِها في دعمِ نضالِهنَّ في ظِلِّ الهجماتِ التي تُرتكبُ بحقِّهنَّ في الأسرِ.
ولا تزالُ سلطاتُ الاحتلالِ الإسرائيلي تواصلُ الزجَّ بعددٍ من الأسيراتِ الفلسطينياتِ في سجونِها؛ دونَ محاكماتٍ أو اتهاماتٍ بدَعوى” الاعتقالِ الإداري “، لاسيّما وأنَّ الاعتقالَ الذي تُمارسُه بحقِّ أبناءِ الشعبِ الفلسطينيّ غيرُ قانونيّ .