منشد الإحساس المرهف مراد: بكلِّ ما تعانيهِ غزة هي الأجمل و الأقرب لقلبي

حوار: صابر محمد أبو الكاس
فنانٌ شنّفَ الآذانَ بدِفءِ صوتِه وقوةِ حَنجرتِه، فأطلقَ في رحلتِه الفنيةِ عدداً من الأناشيدِ؛ مُناصراً فيها أرضَه “فلسطين” التي غابَ عنها اثنينِ وعشرينَ عاماً، ومُحَيِّي من خلالِها عدداً من البلدانِ التي وقفتْ إلى جانبِ “فلسطين” فأنشدَ لمصرِ الثورةِ، وقطرِ الخيرِ، وتركيا السخيّةِ.
بدأتْ رحلتُه مع الإنشادِ من بيتِ جدِّه، فلكَ أنْ تقولَ: هي وراثةٌ قبلَ أنْ تكونَ موهِبةً، فأُسرتُه جميعُها مُولَعةٌ بالفنِّ والإنشادِ.
“السعادة” في حوارِ خاصٍ مع الفنانِ الفلسطيني الشاب “أحمد نبيل مراد” لنتعرّفَ عليه، ويُطلِعَنا على محطاتِ حياتِه الشخصيةِ والأُسريةِ والاجتماعيةِـ إلى جانبِ أعمالِه الفنيةِ.
مَن يسمعْ أناشدَ “أحمد مراد” يَشغَفْ ليتعرّفَ على شخصيتِكَ، هل أطلعتَنا على بطاقتِك التعريفيةِ؟
“أحمد نبيل رمضان مراد” فلسطينيّ الجنسية، ولدتُ بتاريخ (21-07-1988) في إمارةِ دُبي، بدولةِ الإماراتِ العربية المتحدة، وعشتُ فيها منذ طفولتي (22 )عاماً، ودرستُ فيها جميعَ المراحلِ المدرسيةِ؛ حتى التحقتُ بجامعةِ “الشارقة” ولم أُكملْ دراستي فيها بسببِ تعرُّضي لظروفٍ اضطّرتني للعودةِ إلى وطني فلسطين، وكان ذلك في أواخرِ عامِ( 2010 )، درستُ مؤخّراً بكالوريوس صحافةٍ وإعلامٍ من جامعة الأُمةِ بغزة، وحالياً أعملُ مديراً ومشرفاً فنياً لاستديو مؤسسةِ الحريةِ للإنتاجِ الفنيّ، ولم أتزوجْ بعدُ.
بعد أنْ لمستَ الفرْقَ بين العيشِ في غزةَ والإماراتِ. .. ألَم تشعرْ بالحنينِ للإماراتِ؛ خاصةً في ظِل ما تعانيهِ غزة من أزماتٍ؟
بكلِّ ما تعانيهِ غزة من أزماتٍ؛ تبقَى الأجملَ في نفسي، فالإنسانُ يحبُّ حبيبَه مُتحمِّلاً كلَّ مشاكلِه، وكذلك كان حبي للإماراتِ، فبالطبعِ أحِنُّ لأصدقائي فيها، ولأقربائي وأحبابي الذين قضيتُ معهم أجملَ أيامِ حياتي هناك، كما تَزورُني دوماً ذكرياتي مع فريقِ الأُفقِ للفنِّ الإسلامي، الذي شكّلَ مرحلةً مُهمةً جداً من مراحلِ حياتي في مسيرتي الفنيةِ.
متى كانت بداياتُك الفنيةُ والإنشاديةُ؟ وكيف بدأتَ؟
بدأ مشوار الفني منذُ نعومةِ أظفاري وأنا في الإمارات، وتحديداً في الصف الأولِ مع مدرّسِ الموسيقى حينما علّمني العزفَ على آلةِ (الأكورديون،) وصولاً إلى الصفِّ الرابعِ، ثُم المرحلةِ الإعداديةِ فالثانويةِ، وقد شهدتُ تلك الفترة تدريباً على الأداءِ الصوتي أيضاً، الأمرُ الذي أهَّلَني لاعتلاءِ منصةِ الإذاعةِ المدرسيةِ على الدوام.
كما أنّ تدريبي على الأداءِ الصوتي في المرحلةِ الابتدائيةِ؛ تزامنَ مع حِفظي لأجزاءٍ من القرآنِ الكريم فحفظتُ جزءَ (عمَّ )على يدِ المُنشدِ العراقي (د.محمد العزاوي) في معهدِ تحفيظِ القرآنِ بعَجمان، أمّا في المرحلةِ الثانويةِ فقد انضمَمتُ إلي (فريقِ الأفقِ للفنِّ الإسلامي) وأنا في المرحلةِ الثانويةِ من دراستي، وكنتُ _بالمناسبةِ_ ثالثَ عضوٍ فيها، وبدأتُ معهم مشواري بشكلٍ أكثرَ جِديّةً، وقُمنا بالعديدِ من الفعالياتِ الجميلةِ.
بما أنكَ خُضتَ تجارِبَ كثيرةً في المشوارِ الفنيّ؛ كيف استفدتَ من هذه التجاربِ؟
في الحقيقةِ إنها ساهمتْ بشكلٍ إيجابي في هذه المسألةِ، فبعدَ عودتي لغزةَ في عام( 2010 )عَرضتْ عليّ (مؤسسةُ الحرية للإنتاج الفني) والتي أعدُّها مؤسستي الأمَّ في غزة، الانضمامَ إليها، فسجّلتُ معهم أعمالاً عديدةً، وصوَّرنا بعضَها في كليبات لاقتْ انتشاراً واسعاً، وأصبحتُ أعملُ فيها كإداري للاستديو، كما شاركتُ مع العديدِ من الاستديوهات والفِرَقِ في غزة ، منهم استديو (مشاعل) واستديو (أصايل) واستديو (صولو) واستديو (وتر) وسجّلتُ معهم العديدَ من الأعمالِ المختلفة، وكنتُ عضواً في فريقِ النشيدِ الخاصِّ، كذلك بمكتبِ (منظمةِ فور شباب الشبابية) بفلسطينَ في عام( 2012) وأشرفتُ _بحَمدِ الله_ فنيّاً على تنفيذِ احتفالاتِ ومهرجاناتِ “طيورِ الجنةِ” بغزةَ مع مؤسسةِ الحريةِ في عام (2013) كما أشرفتُ فنياً على تنفيذِ ألبومِ الأفراحِ (يوم الهَنا) والذي أنتجتْهُ مؤسسةُ الحريةِ للإنتاجِ الفني والإعلامي، حيث أدّيتُ فيه ثلاثةَ أعمالٍ فرديةٍ، وثلاثةَ أعمالٍ مشترَكةٍ مع فنانينَ أصدقاء، ونحن الآن نُحضِّرُ لإطلاقِ ألبوماتٍ جديدةٍ، كما كنتُ حَكماً في عِدّةِ مسابقاتٍ إنشاديةٍ محليةٍ في غزة.
هذا على الصعيدِ المِهني، فماذا على صعيدِ مشاركاتِك الفنيةِ في المهرجانات؟
بفضلِ اللهِ؛ شاركتُ خلال مسيرتي الفنية، في العديدِ من الاحتفالاتِ والمهرجاناتِ،التي تَخطّتْ حاجزَ مائتي احتفالٍ ومهرجانٍ داخلَ وخارجَ فلسطين، أبرزُها كان في الإماراتِ ضِمنَ مهرجان (يا قدسُ إنا قادمون) ومهرجان (صرخة وطن) ومهرجان (سنَكسِرُ الحصار .. هذا هو القرار) وهنا في غزةَ مهرجانُ (العُرس الفلسطيني الأول) ومهرجان (العرس الفلسطيني الثاني) وكذلك الأوبريت المسرحي (للحرية باب) والعديدِ من المهرجاناتِ الأخرى، كما سافرتُ مع مؤسسةِ الحريةِ إلى السودانِ في عام( 2012 )لإحياءِ العديدِ من الاحتفالاتِ والمهرجاناتِ ، وسافرتُ مع فريقِ “مشاعل الفني” إلي لبنان في عام (2011) للمشاركةِ في مهرجانِ مسابقةِ الأغنيةِ الوطنيةِ الفلسطينيةِ، حيثُ حصلتْ الفرقةُ حينها على المركزِ الأولِ بالمسابقة.
ما أكثرُ الأناشيدِ والمُنشدينَ الذين أثَّروا فيكَ، والذين تُحبُّ السماعَ إليهم؟ ولماذا؟
أكثرُ الأناشيدِ التي أحبُّ سماعَها؛ أنشودةُ (إنسان) لحمزة نمرة، و(إنْ شاءَ الله) لماهر زين، و(Healing) لسامي يوسف، و(كان بنفسي) لمحمد بَشّار، والسببُ يعودُ لِما تَحمِلُه هذه الأناشيدُ من مَعانٍ وعِبَرٍ جميلةٍ، ولأنها مؤثِّرةٌ وتمَّ أداؤها بإحساسٍ عالٍ، كما أنني أرى بأنّ لوني قريبٌ من لونِهم الإنشادي.
ما أبرزُ الأناشيدِ التي أدَّيتَها؟ وإلى أيِّ مدَى ساهمتْ في تجسيدِ قضايانا الوطنيةِ؟
في الواقعِ أنني أدّيتُ عدداً من الأناشيدِ؛ لاسيّما الوطنيةُ منها؛ التي تنطلقُ من واقعِنا الفلسطينيِّ بما يَحمِلُه من معاناةٍ وتضحياتٍ، وخيرُ مِثالٍ على ذلك أنشودتي التي حملتْ اسمَ (صابر ع الأَسْر) فقد حازتْ على اهتمامٍ شعبيٍّ ورسميٍّ كبيرَينِ؛ كونَها تتحدثُ عن قضيةٍ وطنيةٍ مُهمةٍ، تخصُّ جميعَ الأطيافِ الفلسطينيةِ وتوَحِدُهم، وهي قضيةُ الأَسرى كما أنّ لي أنشودةً بعنوانِ (ستون عاماً) مع فريقِ الأُفقِ للفنِّ الإسلامي، والتي خصَّصناها لتتحدّثَ عن ذِكرى النكبةِ الفلسطينيةِ، فسَردْتُ فيها بعضَ صوَرِ المأساةِ التي تعرّضتْ لها فلسطينُ، وبعضَ صوَرِ البطولةِ التي جسّدتْها غزةُ في صراعِها مع الحصارِ الغاشمِ..
نوَدُّ التطرُّقَ لشخصيتِك وحياتِك, وأبدأُ بالسِّمَةِ التي تسيطرُ على شخصيتِك؟
في الحقيقةِ إنّ شخصيتي تُحبُّ الضحكَ والمزاحَ، ونادراً ما أصِلُ لِقِمَّةِ العصبيةِ، فأنا هادئٌ بِطَبْعي، و أكون هادئاً في أكثرِ الأوقاتِ التي أكونُ فيها مشغولَ البالِ، وقد زادَ هدوئي كثيراً في الآوِنةِ الأخيرةِ.
رُبما زيادةُ الهدوءِ هذه ناجِمةٌ عن اتِّخاذِك مَنْحىً جديداً في حياتِك؛ كاعتِزالِ العزوبيةِ مَثلاً، والإقدامِ على الزواجِ، أليس كذلك؟
فيما يتعلّقُ بالزواجِ؛ فقد فكّرتُ فيه قبلَ عامٍ تقريباً، ولم يَحدُثْ نصيبٌ آنَذاك، بعدَها غضَضْتُ التفكيرَ عنه إلى ما بعدَ عامينِ أو ثلاثةٍ؛ إلى أنْ أجِدَ ما أبحثُ عنه.
ما مواصفاتُ الزوجةِ المِثاليةِ التي تبحثُ عنها؟
أَحلمُ بزوجةٍ مثقّفةٍ ومتعلمةٍ، مَرِحةٍ، صاحبةِ ذوقٍ فنيِّ عالٍ، ملتزمةٍ، حنونةٍ، وفيّةٍ، تَفهمُني بنظرةٍ، قنوعةٍ، عقلُها واسعٌ وقلبُها كبيرٌ، وأنْ تكونَ مُكمِّلةً لِما أفتقِدُه.
ما أكثرُ الصعوباتِ والعقباتِ التي واجهتْكَ في حياتك؟
لابدّ أنْ يكونَ في حياةِ كلِّ إنسانٍ عقباتٌ، وأبرزُ ما واجَهتُه من صعوباتٍ هي تَحمُّلي للمسؤوليةِ الأُسريةِ؛ كَوني أكبرَ إخوتي عمراً، كما أنّ ما واجَهتُه من ظروفٍ صعبةٍ اضطرَّتني للانقطاعِ عن دراستي في الإماراتِ، والانتقالِ لغزةَ لأبدأَ دراستي فيها من جديدٍ؛ كان له أثرٌ كبيرٌ في تأَخُري في العديدِ من الأمور…
ماذا تتمنّى؟ وما هو طموحُك المستقبليّ؟
أتمنّى تحقيقَ الاستقرارِ لي ولأُسرتي، وطموحي كبيرٌ بأنْ أُحقِّقَ رسالتي، وأنْ أتميَّزَ فيها بأفكارٍ وألوانٍ جديدةٍ_ يغمرُني فيها توفيقُ ربّي_ لِتصِلَ لأكبرِ شريحةٍ من الجمهورِ حولَ العالمِ، مستثمِراً ذلك في بعضِ الأفكارِ الإعلاميةِ التي سأُنفِّذُها عمّا قريبٍ.