مقاطعةُ البضائعِ الإسرائيليةِ هل ستصبح نهجَ حياةٍ أَمْ مُجردَ هَبّةٍ وطنيةٍ؟

على الرغمِ من انتهاءِ العدوانِ على قطاعِ غزةَ؛ إلاّ أنّ حملةَ المقاطعةِ للمنتجاتِ الإسرائيليةِ مازالت مستمرةً وقائمةً، وتزدادُ فعاليةً يوماً بعدَ يومٍ، فلا يكادُ يخلو مكانٌ للتسوقِ_سواءٌ كان “مولاً” تجارياًأو دكاناً صغيرةً في أحدِ الأحياءِ السكنيةِ الضيقةِ_ من ملصَقٍ كُتبَ عليه :” لِعلمكَ… أنتَ تتبرّعُ بشرائكَ هذا المُنتَجِ بـ(16%) للجيشِ الإسرائيلي” في خطوةٍ شبابيةٍ جماهيريةٍ لمحاربةِ شراءِ المنتَجِ “الإسرائيلي” ودعمِ المنتَجِ الوطني؛انطلقتْمع العدوانِ”الإسرائيلي” على غزة .
وبدأتْ الحملةُ على شبكةِ الإنترنت من قِبلِ شبابِ قطاعِ غزةَ والضفةِ الغربية، حيث أطلقتْ صفحةً على موقعِ”الفيسبوك”باسمِ(16%)مُهمَّتُها نشْرُ دعواتٍ لمقاطعةِ المنتجاتِ والبضائعِ الإسرائيليةِ في الأسواقِ الفلسطينيةِ والعربيةِ والدوليةِ، وتعريفُ المواطنِ بالصناعةِ الوطنيةِ البديلةِ.
واستخدمتْ الحملةُ كافةَ الوسائلِمن مطبوعاتٍ وملصقاتٍ وتصاميمَ الكترونيةٍ؛ وصلتْإلى كلِّ مكانٍ في قطاعِ غزةَبواسطةِ عددٍ من المتطوّعينَ الذين انضموا للحملةِ بهدفِ ضربِاقتصادِ الاحتلالِ، كخطوةِ مقاومةٍالكترونيةٍ وميدانيةٍ شبابيةٍ .
فخورونَ بالمقاطعةِ
من داخلِ أحدِ”المولات” التجاريةِالتقينا السيدةَجمانة البنا “39 عاما ” ، أثناءَ تسوُّقِها تقولُ لـ” السعادة “:” أنا من مناصري المقاطعةِ منذُ عدّةِ سنواتٍ؛ لكني كنتُ أجدُ صعوبةً في الحصولِ على البديلِ، أو معرفةِ أصلِ كلِّ المنتَجاتِ ، ولكن منذُ الحربِ الغاشمةِ على قطاعِ غزةَ قرَّرتُ المقاطعةَ بشكلٍ كاملٍ،ولا يَهمُّني أنْ أقضيَساعاتٍ بالتسوقِ! لكنْ في النهايةِ لا أُدخِلُأيَّ منتَجٍ إسرائيليٍّ لمنزلي .
وتضيفُك” بدأتُ أشرحُ لأطفالي عن هدفِ المقاطعةِ، وأنّ عليهم أنْ ينظروا إلى غلافِ كلِّ شيءٍ يشترونه من المنتَجاتِ؛ لأنّ كلَّ”شيكل” يُدفعُ لإسرائيلَ، هناك حصةٌ منه تذهبُ لدعمِ الجيشِ ، مضيفةً: إنّ أبنائي أصبحوا حريصينَ على المقاطعةِ أكثرَ مني! .
في حين يقولُأبو رمزي البورنو “55 عاماً” : “لم أُفكرْ يوماً قبلَ الآنِ بمقاطعةِ المنتجاتِ الإسرائيليةِ؛ لقناعتي أنّ السوقَ الغزيةَ سوقٌ صغيرٌ أمام البضائعِ الإسرائيليةِ، مقارنةً بالدولِ الأوربيةِ ، لكنّ ابني الجامعي أقنَعني أنّ هناك مقاطعةً دوليةً كبيرةً، فقرّرتُ أنْ أكونَ جزءاً من المقاطعةِبشكلٍ كاملٍ.
ويضيفُ:” سجّلتُ كافةَ المنتجاتِ الإسرائيليةِ التي أستخدِمُها في منزلي، بمساعدةِ أبنائي و زوجتي، وجلسنا عبرَ شبكةِ الانترنت من خلالِ صفحاتِ المقاطعةِ؛ لنبحثَ عن البديلِ_والحمدُ للهِ_ الآن لا يوجدُ أيُّ منتَجٍ إسرائيليٍّ داخلَ منزلي ، وأشعرُ بفخرٍ كبيرٍ في نفسيةِ أبنائي؛ كونَهم مقاطعينَ لهذه المنتجاتِ .
منسّقُ الحملةِ في غزةَ؛ الناشطُ والمدوّنُ خالد صافي يقولُ لـ” السعادة “:”إنّ الدافعَ وراء القيامِ بهذه الحملةِ؛ هو أنّ العدوانَ الإسرائيليَّ على غزةَ زادَ من مُحبِّي غزةَ والمتعاطفينَ معها، كما زادَ من كارهي الاحتلالِ الإسرائيليِّ، وكلِّ ما يمُتُّ له بصِلةٍ، بعدَ الدمارِ الهائلِ الذي أحدَثه في غزةَ، والعددِ الضخمِ من الشهداءِ، فكان حرِيٌّ بنا أنْ نفكِّرَ في ضربةٍ موازيةٍ للضربةِ العسكريةِ التي تلقّاها، توجِعُ الاقتصادَ الإسرائيليَّ وتؤلِمُه، خاصةً وأنّ هناك الكثيرَ من المساندينَلغزةَ على مستوى العالمِ؛ ينتظرون أيَّ فعاليةٍ أو حملةٍ لتقديمِ العونِ والمساعدةِ عبرَ مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ،منوِّهاً أنّ الأسواقَ الفلسطينيةَتحتويعلى بضائعَ إسرائيليةٍ بقيمةِ(4-4.5) مليارِ دولارٍ، تَجني منها سلطاتُ الاحتلالِ(16%) ضرائبَ تذهبُ إلى الجيشِ البَربريِّ.
السؤالُ قبلَ الشراءِ
ويضيفُ:”الفئاتُ المشارِكةُ في هذه الحملةِ؛ هي من كافةِ شرائحِ المجتمعِ وأطيافِه، حيثُ انضمَّ للحملةِ شبابٌ دونَ الثامنةَ عشرَ، ومنهم فوق سنِّ الأربعينِ من الجِنسيينِ، ومنهم الموظفونَ والطلابُ والمواطنون العاديون، حيثُوصلَ عددُهم قرابةَ(1300) شخصٍ، مُهمّتُهم البحثُ والتنقيبُ عن أسماءِ المنتجاتِ والشركاتِ الإسرائيليةِ، وتلك التي تعملُ بغطاءٍ تحتَ مُسمَّى وَهمِيٍّ، وبرقمٍ مختلفٍ، بينما هي تعودُ لجذورٍ إسرائيليةٍ ، كما تمَّ التوجُّهُ للمحلاتِ التجاريةِ،ولَصقُ رسالةٍتحذيريةٍ: “بِشرائك هذا المنتَجِ؛ أنتَ تتبرّعُ ب (16% )للجيشِ الإسرائيلي” إلى جانبِ فريقِ التصميمِ والطباعةِ؛ الذي يتفنّنُ في إخراجِ اللوحاتِوالبوستراتِ المسانِدةِ للحملةِ، لنشرِها على أوسعِ نطاقٍ .
ويتابعُ: “الحملةُ مستمرةٌ، والمقاطعةُ قائمةٌ حتى بعدَ انتهاءِ الحربِ، فهذه المرّةُ المقاطعةُ جاءت من قلوبِ وعقولِ المواطنين، حتىأصحابِ المحلاتِ والمولاتِ التجاريةِ ، وعملوا معَنا كأنهم جزءٌ من الحملةِ، وعرّفونا بكلِّ المنتَجاتِ الإسرائيليةِ لدَيهِم ، أمّا عن المواطنينَ فقد استطعْنا من خلالِ هذه الحملةِ أنْ نُدخِلَ لثقافتِهم تَفقُدَ المنتَجِ قبل شرائهِ، وهو أمرٌ غيرُ مسبوقٍ، حيثُ لم يكنْ يلتفتُ لمصدرِ السلعةِ، ومكانِ تصنيعِها سابقاً، الآنَ كثيرٌ من الناسِ يسألُ عن بلدِ المُنتَجِ قبلَ شرائهِ، وهذا بِحدِّ ذاتِه إنجازٌ”.
وحولَ صفحةِ( 16 %) على الفيسبوك،يقولُ صافي : ” هناك تفاعلٌ كبيرٌ من قِبلِ الأوساطِ المختلفةِ، وهى جزءٌ بسيطٌ من الإشاراتِ التي توحي بتفاعلِ المواطنينَ مع الحملةِ، والاستجابةِ لها، فقد بلغَ عددُ المعجَبينَ بهذه الصفحةِ أكثرَ من( 28)ألفَ شخصٍحتى اللحظةِ ، كما وبرزتْ ملامحُ التفاعلِ مع الحملةِ من خلالِ طلبِالكثيرِالانضمامَ للحملةِ، وتقديمَ ما لديهِم من طاقاتٍ وإبداعاتٍ، للمشاركةِ كشبابٍ فاعلينَ في الحملةَ.