الدين والحياة

منتجو برامج المسابقات يتاجِرونَ بأحلامِ المتسابقينَ

بقلم: بروفيسور محمد شريدة

أضحت الوسائل الاعلامية على اختلاف أنواعها وأشكالها تعتمد اعتمادا كبيرا على برامج المسابقات لتتاجر بأحلام الناس وأكل أموالهم بالباطل دون جهد أو عناء يذكر .
وجميعُ هذه البرامجِ و المسابقاتِ التي تعتمدُ على مشاركةِ الشخصِ من خلال الرسائل أو الاتصالِ الهاتفي على أرقامِ معروفةٍ مُسبقاً؛ أنّ تكلُفةَ الاتصالِ عليها مختلفةٌ عن الاتصالِ العادي، وهي  بلا شكٍّ من صريحِ (القمار)، بل ما هي إلا صورةٌ جديدةٌ لـ (اليانصيب) المعروفِ بصورتِه البدائيةِ الساذجة.

و يضيفُ:” الفَرقُ بينهما صورِيٌّ، و المالُ الذي يَغنمُه أحد المتسابقين، و المتمثلُ في الجائزة التي يفوزُ بها  ، هو في الحقيقةِ جزءٌ من الأموالِ التي تكبَّدها المتسابقونَ الآخَرون جرّاءَ اتّصالِهم على هذا الرقم، وهو كالمالِ الذي يَغنمُه بعضُ المُقامرين في اليانصيب، والذي هو جزءٌ ممّا تكبَّده المقامِرونَ الآخَرونَ في شراءِ قسائمِ الاشتراكِ.

وكِلتا الصورتَين لليانصيب، الصورةُ القديمةُ المتمثلةُ في قسائم اشتراك (كوبونات) تباعُ في الأسواق، والصورةُ الحديثةُ المعروضةُ في تقنيَّتِها الحديثةِ من خلال الاتصالِ بأحدِ الأرقامِ، كِلتاهما “قمار” داخلٌ في المَيسِرِ الذي نزلَ تحريمُه صريحاً في كتابِ الله، قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إنما الخمرُ والميسرُ والأنصابُ والأزلامُ رِجسٌّ من عملِ الشيطانِ فاجتنِبوهُ لعلكم تُفلحون، إنما يريدُ الشيطانُ أنْ يُوقِعَ بينَكمُ العداوةَ والبغضاءَ في الخمرِ والمَيسرِ، ويَصُدَّكم عن ذِكرِ اللهِ وعن الصلاةِ فهل أنتم مُنتَهون” .

ويتابعُ:”  يَخرجُ المتسابقُ من المسابقةِ؛ إمّا غانِماً وإمّا غارماً، إمّا أنْ يَغنمَ ما غرِمَه غيرُه من المتسابقين، فيكسبُ الجائزةَ التي هي من أموالِهم، وإمّا أنْ يَغرمَ ما دفعَه ويذهبَ عليه” ، وعلى هذا فكلُّ مسابقةٍ تحقَّقتْ فيها هذه المُخاطرةُ فهي حرامٌ ، و لا اعتبارَ لِما يحتَجُّ به بعضُهم من أنّ هذه المسابقاتِ قد انتفعَ بها بعضُ الفقراءِ! فكم من فقيرٍ اغتنَى بسببِها في أقلِّ وقتٍ وجهدٍ!! فهي فرصةٌ ينبغي ألاّ يُحرَمَ منها الفقراءُ!

وهذه حُجّةٌ داحِضةٌ، إنما يُخادَعُ بها الصبيانُ، فإنّ العربَ في الجاهليةِ؛ كانوا يدفعونَ ما غنِموهُ من لحمِ “الجَزور” الذي تقامَروا عليه إلى الفقراءِ، ولا يأكلونَ منه، ومع ذلك حرَّمه الإسلامُ، ونهى عنه أشدَّ النهيِ، ولم يَستثنِ هذه الصورةَ مع أنّ فيها خيراً للفقراءِ، فكيف إذا كان المُقامِرُ يأكلُ ما قامرَ عليه، ولا يدفعُه للفقراءِ؟!.

وينوِّهُ “الشريدة” إلى أنّ هذه القنواتِ ومُنتجي البرامجِ يتاجِرونَ بأحلامِ المتسابقينَ وأمانِيِّهِم، وتُستأكَلُ من حرصِهم وتشوُّفِهم للجوائزِ، والتي لا تمثّلُ إلا قدْراً ضئيلاً من عوائدِ اتصالاتِ المتسابقين. فعليها إثمانِ: إثمُ الإعانةِ على الإثمِ، ولا شكَّ أنها مُعينةٌ على الإثمِ؛ بإقامتِها لهذه المقامَراتِ، وأنها بصنيعِها هذا داعيةٌ إلى ضلالةٍ ، وإثمُ أكْلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ، وكلِّ ما ربِحتْهُ من هذه المسابقاتِ فهو سُحتٌ، وكلُّ لحمٍ نَبتَ من سُحتٍ؛ فالنارُ أَولَى به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى