طفلةٌ تحصُدُ الجائزةَ الأُولى في مسابقةٍ للرسمِ في “فرنسا”

السعادة:خاص
وحدَها أحلامُ أطفالِ قطاعِ غزة؛ تبقَى بين الأرضِ والسماءِ، لا تغادِرُها ولا تتحقّقُ ، على الرغم من بساطتِها ، فمَن يحلَمُ بالضوءِ؛ لا يراهُ منذُ قرابةِ أكثرَ من ثماني سنواتٍ؛ هي عمرُ أزمةِ انقطاعِ الكهرباءِ بشكلٍ يوميّ على مدينةِ غزةَ؛ التي تقبعُ تحتَ حصارٍ اقتصاديٍّ ومحارَبةٍ دوليةٍ .
فمنذُ عامِ (2006) و قطاعُ غزةَ يعيشُ أزمةً متواصلةً؛ تتفاوتُ حِدّتُها بين الفَينةِ والأُخرى، بانقطاعِ التيارِ الكهربائي الذي يَعدِمُ كلَّ أوجُهِ الحياةِ في العديدِ من الأُسرِ، في ظِلِّ صعوبةِ توفيرِ البدائلِ ، بل إنّ هذه الأزمةَ كانت السببَ في حصْدِ العديدِ من الأرواحِ حرْقاً بنارِ الشموعِ .
هذا الحُلمُ جسّدتْهُ لوحةٌ للطالبةِ الفلسطينيةِ “نور طاهر لولو” في الصفِ التاسعِ الأساسي، إحدى المشارِكاتِ في مسابقةِ الرسمِ في مقاطعةِ (لوراي بفرنسا) شاركَ فيها (25804) مُشارِكين من عِدّةِ دولٍ بالعالمِ، وتمَّ تقديمُ (53819 )لوحةً فنيةً لأطفالٍ رسموا أحلامَهم ومقتنياتِ صُوَرِهم ، الصورةُ الفائزةُ كانت للَوحةِ تحملُ صورةً لطفلٍ نائمٍ، بينما تراوِدهُ أثناءَ نومِه أحلامٌ بوصولِ التيارِ الكهربائي؛ الذي نامَ دونَ أنْ يراهُ، بل ومنعَه من مشاهدةِ إحدى قنواتِ الأطفالِ المحبَّبةِ على قلبهِ ، إلا أنّ بساطةَ حُلمِ( نور) الفلسطينيةِ؛ جعلَ لوحتَها تتربّعُ على المركزِ الأولِ _دونَ مُنازِعٍ_ لِما تحملُها من مضامينَ إنسانيةٍ، رافضةً ما يعيشُه قطاعُ غزةَ على مدارِ سنواتٍ طويلةٍ .
وتقولُ “نور”لـ” السعادة”: عند مشاركَتي في هذه المسابقةِ؛ وضعتُ أمامَ عينَايّ هدفاً؛ وهو إبرازُ المعاناةِ الحياتيةِ لسكانِ القطاعِ، وكانت أزمةُ الكهرباءِ متفاقِمةً في ذلكَ الوقتِ، لذا جاءتْ اللوحةُ صادقةً وملامِسةً للواقعِ الذي يعيشُه أطفالُ القطاعِ، منذُ ثماني سنواتٍ، بل إنّ هناك جيلاً كاملاً من الأطفال بات لا يتمتعُ بالكهرباءِ يوماً كاملاً على مدارِ حياتِه ، وهناك أطفالٌ في عمرِ العامَينِ؛ يدرِكونَ معنى انقطاعِ التيارِ الكهربائي .
وتضيفُ:” أنا سعيدةٌ بالفوزِ بالمرتبةِ الأولى في هذه المسابقةِ، ففرحتي مضاعَفةٌ؛ كَوني استطعتُ أن أوصِّلَ من خلالِ لوحتي معاناةَ أطفالِ القطاعِ، وحِرمانَهم من أدنَى متطلّباتِ الحياةِ الكريمةِ , أَهدي هذا الفوزَ لغزةَ وفلسطينَ ولشعبِها، والقدسِ والأسرى واللاجئين، مضيفةً؛ كُلِّي أملٌ أنْ تكونَ هذه اللوحةُ مُطالِبةً بلُغةٍ جديدةٍ لرفْعِ الظلمِ عن أهالي القطاعِ، وتوفيرِ متطلباتِ الحياةِ الأساسيةِ لهم”
وتؤكّدُ (لولو) أنّ مشاركتَها كانت عبرَ الدارسةِ الملتحِقةِ بها _هي ومجموعةٌ من زميلاتِها_ بمقاعدِ الدارسةِ ، وتقولُ أنّ الجلسةَ الأُولَى التي جمعتْها والمُشارِكاتِ؛ كانت كفيلةً بالجزمِ أنّ الهدفَ العامَّ من المُشارَكةِ؛ هو الحصولُ على حقوقِنا، ورفْضُ الظلمِ في كلِّ القضايا المصيريةِ: كاللاجئينَ والأَسرى وإغلاقِ المعبرِ و الاعتداءاتِ الصهيونيةِ بالطائراتِ والمدافعِ على المَدنيينَ العُزّلِ بين الفَينةِ والأخرى .
وتقول:”اتّخذتُ أبسطَ الأحلامِ لدَى أطفالِ غزةَ؛ وهي أزمةُ الكهرباءِ، وحاولتُ أنْ تحمِلَ اللوحةُ كلَّ المضامين بجُملةٍ واحدةٍ ؛ أنه لا أحدَ يَقبلُ أنْ يعيشَ ظروفاً مماثِلةً، وأنّ الحصولَ على أدنَى متطلباتِ الحياةِ؛ هو حقٌّ شاملٌ وكاملٌ ومتعارَفٌ عليه حسَبَ المواثيقِ الدوليةِ .
الجديرُ بالذِّكرِ أنّ “نور” لم تكنْ المشارِكةَ الوحيدةَ في هذه المسابقةِ، بل إنّ زميلتَها “دينا السوسي” من الصفِ التاسعِ فازتْ بالمركزِ الثاني في التصفياتِ الأوَّليةِ؛ عن لوحةٍ حولَ الحربِ وجرائمِ الاحتلالِ, كما فازت الطالبةُ “سلسبيل هاني عجّور” من الصفِّ السابعِ، بالمركزِ الثالثِ في التصفياتِ الأوَّليةِ للمسابقةِ، بلوحةٍ عن معاناةِ الأَسرى، وهذا يجعلُنا ندرِكُ أنّ الأطفالَ شأنُهم شأنَ السياسيينَ ورجالِ حقوقِ الإنسانِ؛ لديهِم الوسائلُ التعبيريةُ والوطنيةُ في إيصالِ المعاناةِ _بكافةِ أشكالِها_ للمجتمعِ الدَّولي؛ علَّهم يجِدونَ آذاناً صاغيةً .