غير مصنف

ذوو الاحتياجاتِ الخاصة… رحلةُ تحدٍّ تَشقُ طريقَها نحوِ أعالي المجدِ.

تحقيق- إسراء أبو زايدة

بعزيمةٍ وإصرارٍ، ركضتْ “ابتسام القصاص” (31)عاماً، نحوَ تحقيقِ أحلامِها؛ لتعانقَ سماءَ طموحاتِها، متناسيةً ظروفَ إعاقتِها الناجمةِ عن الولادةِ،  تاركةً أعمالَها تتحدثُ عنها بإرادةٍ صلبةٍ!.

إعاقتُها لم تمنعْها من الدراسةِ في المدارسِ العادية، وتجاوزتْ ذلك بالنظرةِ السوِيةِ لها من قِبلِ المجتمعِ، تقول:” درستُ الثانويةَ العامةَ، وتخرّجتُ منها بمُعدّلٍ يؤهِلُني للدخولِ إلي الجامعةِ، سجّلتُ بكالوريوس شريعةٍ وقانونٍ بالجامعةِ الإسلاميةِ، ومن ثم درستُ علاقاتٍ عامةً وإعلاماً،  والتحقتُ بدبلومِ إدارةِ أعمالٍ في مؤسسةٍ فرنسيةٍ تابعةٍ لذَوي الإعاقةِ”.

وتضيف:” تميزتُ في حياتي العلميةِ؛ وكنتُ أحظَى  بدرجةِ الامتيازِ، وبعدَ خمسِ سنواتٍ من تخرّجي؛ حصلتُ على وظيفةٍ بوزارةِ الشؤونِ الاجتماعية”،  إلّا أنّ الصدمةَ وخَيبةَ الأملِ؛ بدأتْ تدُقُّ بابَها حينما تمَ إلغاءُ شهادتِها، وإدراجُها تحتَ مسمَّى مِهني!.

تحدّي الذاتِ والمجتمع

قطعتْ “القصاص” عهداً مع نفسِها؛ أنْ تكونَ قصةَ نجاحٍ تُروى في المجلاتِ، وتُعرضُ على شاشاتِ التلفزة، بتحفيزٍ من مدرّستِها في المرحلةِ الابتدائيةِ، حينما أطلقتْ عليها لقب “أركوز” ، وعملتْ جاهدةً منذُ ذلكَ الوقتِ على تقويةِ شخصيتِها، وصقلِ مهاراتِها، وبدأتْ مسيرتَها بكتابةِ الخواطرِ والقصصِ القصيرةِ ، وحصلتْ في المرحلةِ الثانويةِ على المركزِ الثاني في مسابقةٍ للشعرِ، مُتخِذةً من المرحلةِ الجامعيةِ عواملَ لتحدِّي الذاتِ، واندمجتْ في عالمِ الأدبِ والكتابةِ؛ حتى أصبحتْ تزدادُ أعدادُ المشاهداتِ لمقالاتِها.

بعدَ انطلاقِها وانخراطِها في الحياةِ العملية، بدأتْ الصعوباتُ تُنبِتُ زهراً معدومَ الملامحِ في وجهِ “القصاص”، وكشّرَ المجتمعُ عن أنيابهِ، بمحاربتِه نجاحَها!، وطمسِه إنجازاتِها!، إضافةً إلى عدمِ

تقبُّلِ بعضِ المؤسساتِ لها، ورفضِها في العملِ؛ دونَ النظرِ إلى سيرتِها الذاتيةِ، إلاّ أنها وقفتْ كالشجرةِ المثمرةِ المعطاءةِ ثابتةً لا تهزُّها رياحٌ!، لاسيّما بوجودِ أشخاصٍ قدّموا لها الدعمَ، وساندوها منذُ البدايةِ، منهم: الدكتورُ الفاضلُ( يونس الأسطل، والدكتور أدهم البعلوجي).
أثبتتْ “ابتسام” نفسَها في الميدانِ بقوةِ إرادتِها واحتواءِ عائلتِها لها، طامحةً أنْ يصلَ قلمُها ونبضُ إحساسِها للعالمِ كافةً، وأنْ يكونَ لديها كتابٌ خاصٌ، إضافةً إلى مطالبتِها بتطبيقِ قانونِ الإعاقةِ لعامِ (1999).

لوحاتُ إبداعٍ

تَجاوزَ الشاب “محمد الدلو” (20)عاماً، معاناتِه التي كانت ناجمةً عن مرضِ ضمورِ العضلاتِ منذُ ولادتِه، وجعلَه جليسَ المنزلِ دونَ حركةٍ، وحالَ دونَ إكمالِ تعليمِه المدرسيّ، وكان عقبةً أمامَ طموحاتِه، لاسيّما وأنه كان يمكثُ في المَشفى أكثرَ من بقائه في بيتِه.

كانت تنميةُ موهبةِ “الدلو” هي الطريقُ الأمثلُ لتجاوُزِ آلامِه، فبدأ مسيرتَه في الفنِّ التشكيليّ منذُ ذلكَ الحينِ، وكان ذلك خيرَ سبيلٍ لتفجيرِ الطاقاتِ الكامنةِ لديهِ، مؤكّداً أنه تَجاوزَ آلامَ إعاقتِه بمزيدٍ من الأملِ والتفاؤلِ والرِّضا؛ راسماً لنفسِه واقعاً ومستقبلاً جديداً عنوانُه “التميُّزُ والإبداع”.

ويشيرُ “محمد” إلى أنّ الإعاقةَ لم تكنْ تُوقِفه عن الاستمرارِ في تطويرِ موهبتِه في الرسمِ؛ بل على العكسِ كانت سبباً في إبداعِه وتميُّزِه!، لافتاً إلى مكوثِه يوميّاً في المنزلِ ممسِكاً بقلمِه الرصاصِ، وورقةٍ بيضاءَ، ويبدأ برسمِ لوحاتٍ واقعيةٍ؛ يتحدّى بها مرضَه.

وفي معرِضِ ردِّه حولَ بداياتِه في نشرِ رسوماتِه، يقول:” بدأتُ أنشرُ رسوماتي على صفحةٍ أنشأتُها على موقعِ التواصلِ الاجتماعي، أو عن طريقِ أقاربي الذين يَعلمونَ بموهبتي، فكانت مشاركتي الأولى في معرضٍ أقامتْهُ الكليةُ الجامعيةُ في غزة، وختاماً بإقامةِ أولِ معرضٍ لي، والذي أطلقتُ عليه اسمَ (الأنمي حياتي) في قريةِ الفنونِ والحِرفِ بغزة”.

أربعُ سنواتٍ من الرسمِ؛ وبأقلِّ المُعدّاتِ؛ كانت كفيلةً بإظهارِ موهبةِ “محمد” الفريدةِ، وتميُّزِه بجدارةٍ، متحدياً إعاقتَه؛ برسالةٍ مَفادُها؛ أنّ الحياةَ مَهما كانت صعبةً وقاسيةً؛ فلن تكونَ أقوى من الإرادةِ والعزيمةِ والتصميمِ!.

قوةٌ في التحمُّل

في نادي “الجزيرة” الرياضي؛ وعلى كرسيٍّ متحرّكٍ؛ تجلسُ اللاعبةُ “منى الأشقر” (26)عاماً، تسدِّدُ ضرباتِها في رياضةِ رميِ “الجلة” لأمتارٍ معدودةٍ، وتبدو على ملامحِها السعادةُ؛ وهي ترميها وتتخطّى الحدودَ.
“منى” تحدّتْ إصابتَها التي خلَفتها حرب (2009)؛ ونجمَ عنها بترُ قدمِها اليسرى، وإصابتُها بقطعِ شريانٍ بذراعِها الأيسرِ؛ إلّا أنّ هِمّتَها تبدو أقوى من معاناتِها.

حصلتْ “الأشقر” على  الميداليةِ الذهبيةِ والبرونزيةِ، تحكي لـ”لثريا” قصة صمودِها:” تمَ انضمامي لفريقِ نادي “الجزيرة” منذُ سنتينِ، والتزمتُ بالحضورِ فيه؛ باعتبارِه الحاضنَ الوحيدَ للاعبينَ من ذوي الاحتياجاتِ الخاصة، وحظيتُ خلالَها بفرصةٍ للمشاركةِ ببطولاتٍ دوليةٍ؛ تمَ إقامتُها على مستوى النوادي المحليةِ، إلّا أنّ ظروفَ الحصارِ وإغلاقِ المعابرِ حالتْ دونَ السفرِ”.

بروحٍ رياضيةٍ عاليةٍ تتابعُ “منى” حديثَها:” لا أعدُّ نفسي من ذوي الاحتياجاتِ الخاصةِ، ولديَّ عزيمةٌ وإصرارٌ تضاهي الأشخاصَ الأسوياءَ”، طامحةً بتمثيلِ اسمِ فلسطينَ في المحافلِ الدوليةِ بألعابِ القوى.

وعن الصعوباتِ التي تواجهُ اللاعبةَ “الأشقر”، تضيفُ وهي متكِئةً على عكازِها:” مماطلةُ الجمعياتِ لتوفيرِ مستلزماتِ ذوي الاحتياجاتِ الخاصةِ يعدُّ عائقاً كبيراً، إضافةً إلى عدمِ تهيئةِ الأماكنِ الترفيهيةِ والشوارعِ لذوي الاحتياجاتِ الخاصة”.

مواهبُ متعدّدة

لعلَّ أجملَ قصصِ النجاح؛ تلك التي تحملُ في مضمونِها معنى التحدِّي لظرفٍ قَهريٍّ؛ بإمكانِه تثبيطُ العزائمِ، وتحطيمُ الطموحاتِ، “سوسن الخليلي” كانت نموذجا حيَّاً، فمعاناتُها من قِصرِ القامةِ، بالإضافةِ إلى احتواءِ كفِّ يدِها الواحدِ على ستةِ أصابعَ، أدخلَها ضمنَ قائمةِ ذوي الاحتياجاتِ الخاصَّة، لكنْ لم تمنعْها ظروفُها من الإبداعِ والتميُّزِ، والمشاركةِ المجتمعيةِ، فكانت الرياضيةَ الماهرةَ الحاصدةَ للميدالياتِ الذهبية، والفنانةَ التشكيليةَ الراقيةَ؛ التي تُبدعُ في رسوماتٍ متناهيةِ الدِّقةِ والذوق؛ على لوحاتِ الزجاجِ والفَخَّارِ والقماشِ، كما كانت أيضاً الفتاةَ المثاليةَ الرائدةَ في مجالِ العملِ التطوعيِّ لخدمةِ ذوي الاحتياجاتِ الخاصة.

بدأتْ تسلكُ طريقَ إبداعٍ آخَرَ لتطويرِ موهبتِها؛ فانتسبتْ لدوراتٍ مختلفة، بالخيطِ والقماشِ، مشيرةً إلى أنّ أشغالَها الفنيةَ لدقّةِ إتقانِها، وروعةِ تصاميمِها؛ تشاركُ بها في المهرجاناتِ المحليةِ والدوليةِ، موضحةً أنها شاركتْ بمَعرضِ المُلتقَى الإبداعي لذوي الاحتياجاتِ الخاصَّة؛ الذي تُقيمُه الكليةُ الجامعيةُ للعلومِ التطبيقيةِ في غزةَ، ونالت مشغولاتُها إعجابَ الحاضرين، إضافةً إلى مشاركتِها  بمعرضِ التراثِ برومانيا عامَ( 2010)؛ لتمثِّلَ التراثَ الفلسطينيّ، مؤكّدةً بأنّ ما صنعتْهُ يداها من لوحاتٍ فنيةٍ تراثية؛ يُثبتُ أنّ الحقَّ في الأرضِ والتاريخِ والهويةِ لا يَسقطُ بالتقادمِ.

وفي معرضِ ردّها على تحدّيها الظروفَ المحيطة، أجابت: “لم تكنْ إعاقتي سبباً في انسحابي من المجتمعِ؛ بل كانت حافزاً ودافعاً للتميزِ، فالموهبةُ أساسُ الإبداع”، لافتةً إلى أنها تجاوزتْ عقباتِ النظرةِ المجتمعيةِ للفتاةِ المعاقة، وخطَتْ بخُطىً ثابتةٍ نحوَ أعالي المجد.

توحيدُ الجهود

وبدَورهِ، يشيرُ “رياض البيطار” مديرُ الرعايةِ والتأهيلِ في وزارة الشؤونِ الاجتماعية، إلى أنّ ذوي الاحتياجاتِ الخاصةِ في القطاعِ هم ضحايا لسياساتِ الاحتلال؛ سواءٌ كان ذلك بسببِ الحروبِ وإصابتِهم بتلك الإعاقاتِ بشكلٍ مباشر، أو بسببِ سياسةِ الإفقارِ لأهالي القطاعِ المحاصر.

ويوضّح البيطار في حديثِه لـ” الثريا” أنّ عامَ( 2016 ) شهِدَ تَوحُدَ الجهودِ الحكوميةِ والأهليةِ والدوليةِ، سعياً لإيجادِ برنامجٍ محوسب لإدارةِ بياناتِ الأشخاصِ ذوي الاحتياجاتِ الخاصة، وكذلك لتأمينِ مستقبلٍ جيدٍ لأفرادِ هذه الشريحة.

كما ويؤكّدُ “البيطار” أنّ وزارتَه تسعى وبكامل طاقاتِها إلى تحويل حالةِ الإغاثةِ إلى حقوقٍ يستفيدُ منها ذوو الإعاقةِ, مبيّناً أنه تمَ الحديثُ مع عددٍ كبيرٍ من المؤسساتِ والجمعياتِ ذاتِ العلاقة.

وينوّه “البيطار” إلى أنه تم الحديثُ والنقاشُ في أروِقةِ المجلسِ التشريعي، وكان هناك جلساتُ نقاشٍ حول محتوياتِ القانون، ومن خلالِها تمَ تشكيلُ المجلسِ الأعلى لذوي الإعاقة، ذاكراً بأنّ المجلسَ التشريعي الفلسطيني قام مؤخرًا، بإعدادِ وإقرارِ مسوَّدةَ معدّلةً لـ “قانونِ حقوقِ المعاقين” (رقم 4) لسنة 1999، موضحًا أنه سيشملُ الكثيرَ من الموادِ التي تخدمُ هذه الشريحةَ، وتعززُ حقوقَها، قائلا:” لقد اهتم المجلسُ عبرَ لجنةِ التربيةِ والقضايا الاجتماعيةِ بملفِ ذوي الإعاقةِ، وخصّصَ لهم ملفًا ونائبًا لمتابعةِ شؤونِهم، والوقوفِ المستمرِّ على تثبيتِ حقوقِهم والنضالِ معهم لتحصيلها”.
وفي ذاتِ السياقِ طالبَ “البيطار” بضرورةِ توحيدِ الجهودِ تحتَ مظلةٍ واحدةٍ، وعبرَ مجموعةٍ استشاريةِ أو مجلسٍ؛ ليكونَ هناك أرضيةٌ لتجميعِ كافةِ الجهود .

كما ويكشفُ “البيطار” عن خُطةِ وزارتِه في العام المقبلِ، وأنه سيكون بوتقة العمل بنظامِ المجموعةِ والبرامجِ والأنشطةِ الموحدة ِالخاصةِ بحقوقِ ذوي الإعاقةِ، مؤكّداً على ضرورةِ توحيدِ الخدماتِ بين شطرَي الوطنِ.

ودعا “البيطار” وسائلَ الإعلامِ والكُتابَ والأدباءَ لضرورةِ العملِ الجادِّ نحوَ جعلِ قضيةِ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ قضيةً محوريةً في برامجِهم، و متابعةِ فعالياتِهم، و نشرِ لغةِ الإشارةِ في الفضائياتِ، إضافةً إلى دورِ القطاعِ الخاصِ، ورجالِ الأعمالِ، بالقيامِ بمسؤولياتِهم الاجتماعيةِ تُجاهَ الأشخاصِ من ذوي الإعاقةِ، ليس فقط في المستوى الإغاثي؛ بل على المستوى التنموي و فُرصِ العملِ.

كما ويدعو المؤسساتِ المحليةَ، العربيةَ، الإسلاميةَ، والدوليةَ بضرورةِ الاهتمامِ بالبرامجِ التنمويةِ، بما فيها من مراكزِ التدريبِ المِهني، و المِنحِ الجامعيةِ، و المشاريعِ الصغيرةِ و المواءمةِ.

جهودٌ مبذولةٌ

وفي لقاء “الثريا” مع غسان فلفل، مديرُ دائرةِ تأهيلِ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ في وزارة الشؤونِ الاجتماعية، يوضّح أنّ وزارتَه مخوّلةٌ بمتابعةِ كافةِ الوزاراتِ والجمعياتِ العاملةِ في مجالِ التأهيلِ، مشيراً إلى توقيعِ الوزارةِ على بروتوكول لتنظيمِ بياناتِ ذوي الإعاقة، إضافةً لوضعِ صندوقٍ خاصٍ لإدارةِ حاجاتِ ذوي الإعاقة.
وينوّه إلي وجودِ ما يقربُ الـ (36) ألف مستفيدٍ من الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ من البرنامجِ الوطني للحمايةِ الاجتماعية، إلى جانبِ الاستفادةِ من برامجَ أخرى، مطالباً بضرورةِ وجودِ برنامجٍ بديلٍ خاصٍ بهم، ضِمنَ شروطٍ تخدمُ ذوي الإعاقةِ، وتقدّمُ لهم المساعدةَ .

تغييبٌ ملموسٌ

ومن جانبه، يجدّد “خليل شاهين” مديرُ وحدةِ الحقوقِ الاقتصاديةِ الاجتماعيةِ في المركزِ الفلسطيني لحقوقِ الإنسان، التأكيدَ في الثالثِ من كانون الأول/ ديسمبر، باعتبارِه اليومَ العالمي للأشخاصِ ذوي الإعاقةِ، بحقِّهم في العملِ والوصولِ للمجتمعِ، مشيراً إلى التغييبِ الواضحِ لدورِهم في التأهيلِ والتشغيلِ ضِمنَ الخُطةِ الإستراتيجيةِ التابعةِ لوزارةِ العملِ في حكومة التوافقِ الوطني لأعوامِ (2014-2016), ما يمثّلُ المزيدَ  من التحدياتِ التي يتكبدُها هؤلاءِ الأشخاصُ بسببِ انعدامِ أيِّ برامجَ تأهيليةٍ تساندُهم وتعزّزُ حقوقَهم في التأهيلِ والحصولِ على فرصِ عملٍ دائمة .
كما ويلفت “شاهين” إلى تغييبِ الأشخاصِ من ذوي الإعاقةِ عن مشهدِ قطاعِ غزة الخاصِ؛ وخاصة مع التعقيدِ السياسي في السنواتِ الأخيرة, منوّهاً إلى  استمرارِ غيابِ إعمالِ القانونِ الفلسطيني  رقم “4 ” لعام 1999م, فضلاً عن إعمالِ الاتفاقيةِ الدوليةِ لحقوقِ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ، والتي باتت التزامًا قانونيًا ينبغي الوفاءُ بأحكامِه, وما تزال الوزارةُ المختصةُ تتعاملُ مع حقِّ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ بعيداً عن المنظورِ الحقوقي، وذلك حسبَ ما بيّنه “شاهين” في حديثِه لـ “الثريا”.

فرصٌ وتحدياتٌ

ومن جهته، يبيّنُ “حسين منصور” الخبيرُ في شؤون الإعاقةِ والتأهيل، بأنّ دولةَ فلسطين اتخذتْ العديدَ من التدابيرِ التي من شأنِها تعزيزُ حقوقِ الأشخاصِ ذوي الإعاقة, ضمنَ إطارٍ قانوني, ومؤسساتي, وتأهيلي من خلالِ القانونِ الأساسي الفلسطيني، وقانونِ حقوقِ المعاقين .
وفي معرضِ ردّه على التحدياتِ التي يواجِهُها الأشخاصُ ذوو الإعاقةِ،  يقول:”  من خلال النتائجِ التي ظهرتْ تَبيّنَ أنّ نسبةَ البطالةِ بين هذه الفئةِ بلغت( 88.7%),  والفرصَ المتاحةَ أمامَهم  غالبيتُها مؤقتةٌ، تركّزُ على جانب العملِ الخدماتي”, مضيفاً أنّ القانونَ يشوبُه القصورُ والغموضُ في بعض بنودِه؛ من حيثُ التزامِ المؤسساتِ الحكوميةِ وغيرِ الحكوميةِ، إضافةً إلى عدمِ  تطبيقِ بطاقةِ المعاقِ حتى اليومِ, والمماطلةِ في تنفيذِ الخطةِ التنمويةِ الفلسطينيةِ رغمَ إنجازِها .

ويطالبُ بضرورةِ تغييرِ النظرةِ السلبيةِ تجاهَ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ, وزيادةِ برامجِ التوعيةِ المجتمعية، لكسرِ الحواجزِ التي تمنعُهم من الوصولِ لمجتمعاتِهم بالطريقةِ التي يكفلُها القانونُ, إضافةً إلى  زيادةِ برامجِ العملِ لهم؛ مما يساهمُ في سهولةِ اندماجهِم في المجتمعِ بصورة ٍفعالة, موجِّهاً رسالتَه للجهاتِ المعنيةِ بالضغطِ على المؤسساتِ الدوليةِ، والعملِ مع المبادراتِ والمجموعاتِ الممثلةِ لهذه الفئةِ .

كما ويشدّدُ على ضرورةِ التزامِ المؤسسات الحكوميةِ والأهليةِ والخاصةِ بقانونِ الأشخاصِ ذوي الإعاقة، وتطبيقِ ما جاء فيه من موادٍ؛ لضمانِ حقوقِهم بالوصولِ السهلِ، والتشغيلِ والعملِ بشكلٍ جديّ لموائمةِ المنشئاتِ, وزيادةِ نسبةِ التشغيلِ مع اعتمادِ مبدأ تكافؤ الفرصِ, بالإضافةِ للعملِ على موائمة التشريعاتِ الفلسطينيةِ بما ينسجمُ مع الاتفاقيةِ الدولية، لإعطاءِ الفرصةِ للقياداتِ الشابة من الأشخاصِ ذوي الإعاقة بالاندماجِ في المجتمعِ.
واقعُ النساءِ ذواتُ الإعاقةِ :

فيما تعدُّ “حنين السماك” ممثلة مؤسستي دياكونيا/ ناد للتأهيل،  بأنّ من حق النساءِ ذواتِ الإعاقةِ العملَ والتدريبَ داخلَ المؤسساتِ، وضرورةَ توفيرِ الفرصِ لهن، ودمجهِنّ بالمجتمعِ، وتعزيزِ وعي العاملينَ في المؤسساتِ النسويةِ والحكوميةِ الخاصة، حول أهميةِ العملِ لدى النساءِ ذواتِ الإعاقة, وتوفيرِ معلوماتٍ كاملةٍ وواضحةٍ بعددِ النساءِ من هذه الفئةِ, وضرورةِ زيادةِ وعي أصحابِ المواقعِ الإلكترونيةِ والمؤسساتِ؛ لموائمةِ مواقعهِم لكافةِ الإعاقاتِ, ومراعاةِ التخصصاتِ والمؤهلاتِ العمليةِ في حالِ تقدُّمِهن للعملِ مع طبيعةِ العمل.

ويشارُ إلى أنّ الحروبَ الثلاثةَ التي شنّتها إسرائيلُ على القطاعِ منذُ العام( 2008)،  خلَفتْ ما لا يقلُّ عن( 50)ألَف شخصٍ يعانونَ من إعاقاتٍ دائمةٍ، وذلك بحسبِ إحصاءاتِ وزارةِ الشؤونِ الاجتماعيةِ في غزةَ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى