ذئبٌ بشَريٌّ في عباءةِ الطهارةِ والعِفّة

ذئبٌ بشَريٌّ في عباءةِ الطهارةِ والعِفّة
لم تكنْ جمانة “20 عاماً” فتاةً سهلةً بالمُطلقِ ، إلاّ أنّ أساليبَ الذئابِ البشريةِ كفيلةٌ بإسقاطِ أيِّ فتاةٍ بِفَخِّهم؛ مَهما كانت شخصيتُها قويةً ، في أحدِ الأيامِ، وأثناءَ عودتِها من الجامعةِ؛ رنَّ هاتفُها برقمٍ غريبٍ لا تَعرِفُه ،فلم تُجِبْ كعادتِها على الأرقامِ الغريبةِ ، وبعدَ عدّةِ ساعاتٍ عاوَدَ الاتصالَ من نفسِ الرقمِ؛ولم تُجبْ أيضاً، وتكرَّرَ أمرُ الاتصالِ أربعَ مراتٍ؛ حتى اعتقدتْ “جمانة” أنها إحدى صديقاتِها، وتحتاجُ إلى أمرٍ ما ، فردّتْ فإذا بصوتِ شابٍّ يسألُ عن صديقٍ له، فقالتْ له أنّ الرقمَ خطأٌ، وأنهَتْ المكالمةَ معه.
بعدَ ثلاثةِ أيامٍ؛ اتصلَ الرقمُ مرةً أخرى؛ فأقفلتْ الخطَّ ، وكرّرَ الاتصالَ بعدَها قُرابةَ عشرِ مراتٍ تقريباً، فأغلقتْ الهاتفَ نهائياً، وبعدَ عودتِها إلى المنزلِ فتحتْ هاتفَها، فوجدتْ رسالةً( لقد نجحتِ في الاختبارِ، أنا مُعجَبٌ بتصرُّفِك وأريدُك للزواجِ).
انتابَ “جمانة” شعورٌ غريبٌ، واحتلَّ مُحتوَى الرسالةِ جزءاً من تفكيرِها، لم يقطعْهُ سِوى اتصالِه مجدَّداً؛ لتقومَ بإغلاقِ الهاتفِ من جديدٍ ، واستمرّتْ قرابةَ العشرةِ أيامٍ؛ كلّما رنَّ الهاتفُ أكثرَ من مرةٍ؛ أغلقتْهُ تجنُّباً لاتصالاتِه ، حتى بدأ يرسلُ رسائلَ جميعَها تؤكّدُ أنه مُعجَبٌ بشخصيتِها، وأنَ ما فعلَه اختبارٌ لها، وأنّه مُصمِّمٌ على الارتباطِ بها ، وطالبَها بسماعِ حديثِه فقط من خلالِ فتحِ الخطِّ، دونَ أنْ تحكي كلمةً واحدةً .
استجابتْ “جمانة” لاتصالِه؛ وفتحتْ الخطِّ، و استمعتْ إلى مكالمتِه ساعةً طويلةً، ثُم انتهتْ المكالمةُ ، وبعدَ يومينِ طلبَ منها الإجابةَ “بنَعم أو لا” فاستجابتْ مجدَّداً للأمرِ ، وما هي إلا أيامٌ؛ حتى نشأتْ علاقةٌ بينَ “جمانة” ومَن أطلقَ على نفسِه “طارق” استمرّتْ قُرابةَ أربعةِ شهورٍ؛ استطاعَ من خلالِها التغوُّلَ في كلِّ تفاصيلِ حياتِها .
في أحدِ الأيامِ طلبَ المَدعو “طارق” من “جمانة” رؤيتَها من بعيدٍ، وبالتحديدِ أثناءَ سيرِها في شارعِ الجامعةِ، فوافقتْ على أنْ يراها و تراهُ من بعيدٍ، وفِعلاً جاءَ الموعدُ، والتقيا بناءً على الاتفاقِ بلِبسِ بعضِ الألوانِ المميّزة ، فسارَ بجانبِها على طولِ الشارعِ، وبقيَ طُولَ الطريقِ يُمطِرُها بالرجاءاتِ بالجلوسِ في أحدِ الكافترياتِ القريبةِ ، فاستجابتْ تحتَ إلحاحِه المتواصلِ .
أثناءَ جلوسِهم تحدَّثا طويلاً عن الكثيرِ من التفاصيلِ المتعلقةِ بالخطوبةِ والعملِ، وعلاقاتِه بعائلتِها ، وخلالَ الجلسةِ لم يَظهرْ على “طارق” أيَّ شيءٍ يثيرُ الريبةَ ، إلاّ محاولتُه الإمساكَ بيدِها، فرفضتْ ونفَرتْ من تصرُّفِه، وغادرتْ الجلسةَ، وأغلقتْ هاتفَها لأيامٍ متواصلةٍ .
بعدَ خمسةِ أيامٍ اتّصلَ بها عِدّةَ مراتٍ؛ فرفضتْ الردَّ، فأرسلَ رسالةً يهدِّدُها فيها بإرسالِ تسجيلِ المكالماتِ لعائلتِها .
فصُعقتْ من التحوّلِ السريعِ والتهديدِ والوعيدِ، وبدأ يطلبُ منها الخروجَ معه إلى بعضِ الأماكنِ ، فرفضتْ فهدَّدها بالفضيحةِ .
ذهبتْ “جمانة” إلى والدتِها، وأخبرتها بكلِّ ما حدثَ معها خلالَ الخمسةِ شهورٍ الأخيرةِ ، والتي بدَورِها أخبرتْ والدَها ، فتوَجَّها إلى الجهاتِ الحكوميةِ؛ التي استطاعتْ أنْ تنصبَ فخّاً لهذا الذئبِ البشري، وتُلقي القبضَ عليه.