غير مصنف

حكايتي في حِفظ القرآن

مشاركة / علاء الشريف

كنتُ ولا أزالُ أُعاني من سوءِ حِفظي لآياتِ القرآنِ الكريمِ، رغمَ تكرارِ الختماتِ والمراجعاتِ، وكانت لدي مشكلةٌ في عدمِ قدرتي على ربطِ الآياتِ بعضِها ببعض. وكانت منهجيةُ التعليمِ في المسجدِ؛ تهدفُ إلى التركيزِ على إتقانِ الحفظِ؛ فقط من خلالِ تكرارِ الحفظِ والمراجعةِ، وهكذا جرى التنافسُ بينَنا في مسابقاتٍ عِدّة على كثرةِ مراتِ الحفظِ وكميتِه.

لكنني بعدَ مدّةٍ من ذلك؛ ملَلتُ كثيرًا، وتعبتُ من ضعفِ مهارتي بالحفظِ، وهجرتُ القرآنَ طويلاً، حتى شعرتُ أنني لم أحفظْ يومًا! وانقلبتْ حياتي كالذي قالَ اللهُ فيهم ” ومَن أعرضَ عن ذِكري فإنّ له معيشةً ضنْكًا” الضنكُ هو ما شعرتُ بت، وما كانت حياتي عليهِ، ويراوِدُني شعورٌ يوميًا أنْ أُمزِّقَ كلَّ شِهاداتي وامتيازاتي في الحفظِ، والتي بتُّ أظنُّ أنها لم تقدِّمْ لي شيئًا سِوى اسمِها، وإشارةٍ بالبَنانِ أنني من حفَظةِ كتابِه الكريمِ، رغمَ إيماني بأنّ ذلك من كَثرةِ ذنوبِنا ومعاصينا .

مؤخَّرًا؛ كنتُ أطَّلِعُ على الكتبِ في مكتبةِ أبي؛ علَّ أنْ أجِدَ فيها ما ينفعُني، ورغمَ معرفتي بالكتبِ التي فيها؛ إلا أنّ في كلِّ زيارةٍ أجِدُني أتأملُ فيها؛ آمِلاً أنْ أجِدَ فيها ما يشُدُّني، وأخيرًا وجدتُ كتابًا لم أكنْ أعلمُ بوجودِه! رغمَ وجودِه أمامي! وفي كلِّ مرةٍ أراهُ؛ لم يلفِتْ انتباهي! بتوفيقٍ من اللهِ، وإلهامٍ منه؛ أنني تناولتُه هذه المرةَ، وبدأتُ أقرأ منه، جعلَني هذا الكتابُ أتّخِذُ قرارًا بالرجوعِ عن قراري الأولِ، لكنْ بمنهجيةٍ أُخرى، هذا الكتابُ “قبسٌ من نورِ القرآنِ الكريمِ “يتناولُ سُوَرَ القرآنِ بدراسةٍ تحليليةٍ؛ من خلالِ فَهمِ مقاصدِ وأهدافِ السورةِ، بطريقةٍ ملفِتةٍ ومميّزةٍ، فأخذتُ الجزءَ الذي أريدُه؛ لأجرّبَ حظي فيهِ، وفتحتُ على السورةِ التي أتصعّبُ من حفظِها دومًا، وكانت بدايةُ النتيجةِ مُبهِرةً وممتعةً، ولم تكتملْ التجرِبةُ، لكنها بدايةٌ تستحقُّ، فقد حاولتُ حِفظَ الآيةِ؛ برَبطِها بالمعنى التحليلي المقصودِ منها، وتجاهلتُ كميةَ الحفظِ، وقَسمتُ السورةَ على شكلِ خُطةٍ بالمعاني الموجودةِ فيها، بعدَ أنْ قرأتُ معاني السورةِ كلِّها، وألزمتُ نفسي بوقتٍ خاليٍّ للتأمُّلِ بآياتِ مخصَّصةٍ، وتدوينِ ما أصِلُ إليه من معاني إضافيةٍ_ إنْ وُجِدتْ_ وهذا شجَّعني للبحثِ والاطّلاعِ أكثرَ على الكتبِ التي تتناولُ القرآنَ بطريقةٍ تحليليةٍ، بعيدًا عن كتبِ التفسيرِ التقليديةِ، التي لم أستفِدْ منها شيئاً في طريقِ حِفظي.

هذه حكايتي في حفظِ القرآنِ، ووَددْتُ كثيرًا تَدوينَها؛ لأُذكِّرَ نفسي فيها أولاً، فكثيرًا ما نَزِلُّ وننَسى.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى