طلاقُ والدَيهِ أرسلَه الى حبلِ المشنقةِ!

فتح محمد “16 عاما” عيناهُ على هذه الدنيا؛ ليجد نفسه طفلا وحيدا لزوجين انقطعت بهم سبُل الحياة وفارقتها إلى الأبد بالطلاق ! لينطلق كل واحد في عالمه؛ لتكوين حياته الخاصة ، الأب تزوج من امرأة أخرى ، والأم تزوجت من رجل آخر ، وانشغل كلاهما في حياة ؛ لا يحسِب لمحمد فيها حساب .
عاش سنوات عمره الأولى في كنف زوجة الأب؛ التي صاغت لهم من فنون زوجات الأب أشكالاً وألواناً! حتى هجر بيت والديه إلى بيت أحد أعمامه ! فلم تتحمل زوجة العمّ الرعاية به؛ خاصةً وأنّ لها أطفالاً كُثر ، مما دفع “محمد” إلى مغادرة بيت عمّه من تلقاء نفسه، دون أنْ يسأله أحد ماذا تفعل؟! .
بدأ في عمر السابعة يجول ويصول في الحياة؛ باحثاً عن بعض العطف، وبعض الطفولةِ في حياة غادرتْه منذ أعوام ، في حياة الشارع عرفَ كل فنونه ، التحف السماءَ شهوراً عديدة على شواطئِ بحر شمال غزة ، ذاق برد الشوارع، وصعوبةَ الحصول على لُقمةِ العيش ، لم يكن أحد يدرك حياته! أو يسأله ماذا يفعل؟ فالأب في حياته الخاصة! والأم ربما نسيت أنّ لها “محمداً” يشتاق لحنانها وعطفها !
بعد أنْ تنقّل في مراكز الأحداث؛ بفعل رفقاء السوء؛ قرّر أنْ يذهب إلى العمل في مكانٍ بعيدٍ عن أصدقائه ومعارفه، والمناطق التي تعرِفُ عيوبه ، حذفتهُ الحياة إلى مدينة “خانيونس” للعمل في أحد أسواقها؛ في بيع الشاي والقهوة على أصحاب المحلاتِ التجارية والمارّة هناك ، لكنّ رفقاء السوء _مجدَّدا_ احتاطوا به ، و بدأ “محمد” بالسقوط في وحل الجريمةِ شيئاً فشيئاً! فسُجن أكثر من مرة في مراكز الإصلاحيات، بتهمة سرقة الدراجات النارية ، ليصبح بعدها ممتهِناً للسرقة .
في أحد الأيام؛ طلب منه أحدُ رفقاء السوء؛ بأنْ يسهّل لهم الطريق، ويشاركهم في سرقة محلٍّ للصرافة، بصفته يبيع القهوة والشاي بجوار المحلّ في خانيونس، وبالفعل تم الاتفاق ، وبعد صلاة العشاء؛ حيث انقطاع التيار الكهربائي ، طلب صاحبُ محلِّ الصرافة من “محمد” أنْ يأتي له بفنجان قهوة، وحسبَ الاتفاق بين المجموعة؛ ذهب واطمأنَّ أنّ المحلَّ ليس فيه سِوى صاحبِ المحل، فقدّم “محمد” فنجان القهوة للرجل، وأتى رفاقه، واقتحموا المحلَّ بشكل مفاجئ.
وبدأوا بطعنِ صاحب المحلِّ في صدره ورأسه بسكينٍ؛ كانوا قد أخفوها،ولم يبلغوا “محمد” بنيّتهم للقتل! فسقط صاحب محلّ الصرافة صريعاً، ونهبوا ما استطاعوا من أموال، ثم فرُّوا هاربين ، وبعد عمليات البحث والتحرّي لمباحث الشرطة؛ استطاعت الكشف عن المشتبَهين، وتمكنوا من الوصول إليهم، والتأكد بأنهم هم المجرمون الحقيقيون.
يقبعُ “محمد” الآن داخل أحد السجون؛ بتهمة قتل صرّاف خانيونس ، فيما يعيش ندَما غيرَ مسبوقٍ على ما مرَّ بحياته ، في حين يأكل والداهُ أصابع الندم على مجرٍم صنعوهُ بتخلِّيهم عن مسئوليتهم الحقيقة تُجاهَه!