غير مصنف

نظامُ “الدولفِين” لمساعدةِ المكفوفينَ في التجوالِ دونَ مساعدةٍ!

تقرير : السعادة

دائماً وأبداً نجدُ في شبابِنا الفلسطيني العقولَ الواعيةَ المبتكِرةَ؛ التي تبحثُ عن كلِّ جديد ، أبحاثٌ ذاتُ أهدافٍ ساميةٍ وعريقةٍ ، ففي كلِّ خطوةٍ لهم؛ يبحثونَ عن حلٍّ لمشكلةٍ ما ، وبأقلِّ الإمكاناتِ وأبسطِها يُبدِعونَ ، لتَكونَ أفكارُهم شُعلةَ نورٍ تضيءُ طريقَ الكثيرِ، وتُدخِلَ الفرحَ والسرورَ إلى قلوبِهم ، فمِن فِكرةِ بحثٍ؛ خرجتْ إلى مشروعٍ  إنسانيٍّ مجتمعيٍّ خدماتيّ .

مُساهَمةً في مساعدةِ المكفوفينَ، ولتحسينِ إحساسِهم بالبيئةِ المحيطةِ بهم، وبالأجسامِ والمعيقاتِ الموجودةِ أمامَهم؛ قامَ كلُّ من الطلابِ ” أحمد محمد الشريف ، محمد معين العكشية، عبد الله محمد داود ” من قِسمِ هندسةِ الحاسوبِ في الجامعةِ الإسلاميةِ ، بتطويرِ نظامِ “الدولفين” لإدراكِ الأجسامِ عن طريقِ الصوتِ المحيطي، ضِمنَ مشروعِ تخرُّجِهم، وبإشرافٍ من الدكتور “حسن قنوع ” عضوِّ هيئةِ التدريسِ بكليةِ الهندسةِ .

ويُحدِّثُنا عن فكرةِ المشروعِ؛ الطالبُ أحمد الشريف قائلا :” إنّ فكرةَ المشروعِ نابعةٌ من أُسُسٍ وضعناها كمُحدِّداتٍ لمشروعِ التخرُّجِ، وهي أنْ يكونَ المشروعُ ذا بُعدٍ مجتمعيٍّ خدماتيّ، وكذلك أنْ يكونَ تقنيةً حديثةً، وأنْ يتميّزَ بفكرةٍ جديدةٍ على المستوى المحليّ والعالميّ ، حيثُ تَتمحوَرُ الفكرةُ حولَ مساعدةِ الأشخاصِ ذوِي الإعاقاتِ بصرياً في التجوالِ دونَ استخدامِ أشخاصٍ آخَرينَ، بحيثُ يتمكّنُ الشخصُ الكفيفُ من التجوالِ داخلَ أيِّ مبنَى، ويتلقَّى التعليماتِ من الجهازِ صوتياً؛ عندما يكونُ أمامَه أيُّ عائقٍ أو  جسمٍ صغيرٍ أو كبيرٍ “.

ويقومُ المشروعُ بشكلٍ أساسٍ بتحويلِ الصورةِ ثلاثيةِ الأبعادِ إلى مجموعةٍ من الأصواتِ المحيطةِ، بحيثُ يعبِّرُ كلُّ صوتٍ عن عنصرٍ من عناصرِ الصورةِ، مع الأخذِ_ بعينِ الاعتبار_ِ بحجمِ الجسمِ، واتِّجاهِه، وبُعدِه.

ويَستخدمُ النظامُ الذي أُطلقَ عليه لقبُ “دولفين” جهازَ كاميرا الكنكت (Microsoft Kinect Sensor) في التقاطِ الصوَرِ ثلاثيةِ الأبعادِ، ومن ثَم معالجتُها، وتكوينُ الأصواتِ المعبِّرةِ عن عناصرِ الصورةِ؛ باستخدامِ حاسوبٍ بمواصَفاتٍ عاديةٍ، قبلَ إخراجِها على شكلِ أصواتٍ محيطيةٍ (Spatial Sound) حيثُ أنّ هذا النوعَ من الكاميرا يُستخدَمُ مع متحكِّماتِ الألعابِ للحصولِ على تصوُّرٍ ثلاثيِّ الأبعادِ، ومن ثَم تحويلُ هذا التصوُّرِ آلياً إلى صوتٍ محيطيّ، بحيثُ يشكِّلُ الصوتُ الناتجُ عن الجهازِ تصوُّراً كافياً عن البيئةِ المحيطةِ بالشخصِ الذي يَستخدِمُ الجهازَ.

ويوضّحُ الطالبُ “عبد الله داوود ” أنّ الجهازَ يتكونُ بشكلٍ أساسٍ حالياً من كاميرا “كنكت” وجهازِ كمبيوترٍ محمولٍ، ويعملُ ببطارياتٍ، تحمِلُ الكاميرا؛ بحيثُ تتوسطُ جسَدَ الشخصِ الكفيفِ، وتلتقطُ بشكلٍ متتابعٍ الوسطَ المحيطَ بالشخصِ المَعني، وتوصلُ الكاميرا بالحاسوبِ المحمولِ، وتَتِمُّ معالجةُ البياناتِ التي تمَّ الحصولُ عليها من جهازِ التصويرِ، يوصلُ الشخصُ سمّاعاتِ أذُنٍ من الجهازِ، ومن ثَم عندَ تحرُّكِ الشخصِ، فإنّ الجهازَ سيتكفّلُ  بتَوجيهِه في حالةِ وجودِ عوائقَ محيطيةٍ به .

ويبيّنُ “الشريف” أنّ الوصفَ السابقَ يمثِّلُ النموذجَ الأولَ من المشروعِ، حيثُ أنهم يهدفونَ إلى  تحويلِ استخدامِ جهازِ كمبيوتر محمولٍ؛ إلى استخدامِ جهازِ كمبيوتر جَيبيّ، أو جهازِ هاتفٍ ذكيّ، وكذلك استبدالُ كاميرا “الكنكت” ذاتِ الحجمِ الكبيرِ نسبياً؛ ببديلٍ أصغرَ حجماً مع نفسِ التقنيةِ،  منوِّها إلى أنّ  هناك  العديدُ من البدائلِ، والتي كان من الصعبِ الحصولُ عليها خلالَ الفترةِ السابقةِ؛ بسببِ الحصارِ والإغلاقِ المفروضِ.

أمّا عن تسميةِ الجهازِ “بالدولفين” فتَكمُنُ في أنّ الشكلَ العامَّ للمشروعِ؛ يحاكي طريقةَ تَعرُّفِ “الدولفين” على البيئةِ المحيطةِ به  .

الأُولى في العالمِ:

ويشيرُ الطالبُ “محمد عكشية” على أنه تمَّ تصميمُ وإنتاجُ مشاريعَ مشابِهةٍ في جامعاتٍ فلسطينيةٍ؛ أذكُرُ منها مشروعاً يقومُ على استخدامِ “الكنكت” في تحديدِ مسارِ طريقٍ للمكفوفينَ في جامعةِ النجاحِ فقط، وليس خارجَ الجامعةِ ، وكذلك تمَّ تصميمُ مشاريعَ مشابِهةٍ في جامعاتٍ ألمانيةٍ، ولكنّ كلَّ المشاريعِ السابقةِ كانت تقومُ على العملِ في بيئةٍ سابقةِ التحديدِ، بمَعنى أنّ الجهازَ يعملُ في مبنَى معيِّنٍ دونَ المباني الأُخرى، لكنّ ما يميِّزُ مشروعَهم على مستوى العالمِ؛هو إمكانيةُ استخدامِه داخلَ أيِّ مبنَى، دونَ الحاجةِ لتحديدِ المبنى وتفاصيلِه للجهازِ.

وينوِّه إلى أنّ “الخوارزميات” التي قامَ الطلابُ بتصميمِها، والتي تقومُ على تحويلِ المحيطِ الفراغيّ إلي صوتٍ محيطيّ؛ هي الأُولى في العالمِ.

ويَذكُرُ أنّ المشروعَ يَجمَعُ الكثيرَ؛ كَونَه بحثاً علمياً نظرياً، ومشروعاً ذا بُعدٍ واقعيٍّ تطبيقيٍّ، مع إمكانيةِ الاستخدامِ على أرضِ الواقعِ، وأنّ الفكرةَ كانت نتاجَ تعاونٍ بحثيٍّ مشترَكٍ مع كلٍّ من جامعةِ “برمنجهام” في بريطانيا، وجامعةِ “سابنجي” في تركيا.

ويوضّح “داود” أنّ مدّةَ العملِ على الجهازِ؛ كانت طوالَ فصلَينِ دراسيّينِ، أمّا التكلفةُ الماديةُ فهي تمثّلتْ في سعرِ الأجهزةِ التي تمَّ استخدامُها في العملِ، وتمَّ شراؤها على حسابِهم الشخصيّ.

ويؤكّدُ أنّ نسبةَ النجاحِ في هذا الجهازِ؛ تتجاوزُ( 80% )حيثُ تمّتْ تجرِبتُه على عيِّنةِ من المكفوفينَ ، وسيَتِمُّ طرْحُه في الأسواقِ؛ بعدَ توفُّرِ الشكلِ النهائي للمشروعِ .

ويطمحُ الفريقُ إلى تطويرِ جهازِهم، والقيامِ بتوفيرِه بشكلٍ قابلٍ للتسويقِ، إضافةً إلى رغبتِهم في استخدامِ تطويرِ الجهازِ إلى حدِّ إنتاجِ جهازٍ ذكيٍّ قادرٍ على التعرُّفِ على الأماكنِ والأشخاصِ، وتعريفِ العوائقِ بشكلٍ دقيقٍ، دونَ الاكتفاءِ بالصوتِ المحيطيِّ؛ الذي يمثِّلُ الَّلبِنةَ الأُولى للمشروعِ.

نموذجٌ فريدٌ:

ويقولُ المشرفُ على المشروعِ؛ الدكتور “حسن قنوع” عن فكرةِ المشروعِ :” جاء الطلابُ بعِدّةِ أفكارٍ؛ كانت في مُجملِها أفكاراً قويةً، ولكنْ توَجَّهنا منذُ البدايةِ إلى المشروعِ؛ الذي تمَّ إنجازُه لتمَيُّزِه، ولاحتوائهِ على أفكارٍ جديدةٍ على مستوى العالمِ ، ولأنه يخدمُ فئةً هي بحاجةٍ لمِثلِ هذه البرامجِ والأجهزةِ، فخلالَ فترةِ العملِ على المشروعِ؛ تَواصلْنا مع جامعاتٍ خارجَ الوطنِ، واستَعنَّا بشكلٍ جزئيٍّ بالأبحاثِ العلميةِ؛ التي تمَّ إنجازُها خلالَ الفترةِ الموازيةِ لفترةِ العملِ على المشروعِ، وتوَاصلْنا مع عدّةِ جامعاتٍ خارجيةٍ؛ ما جعلَ المشروعَ يتخطّى العملَ المحليَّ على المشاريعِ والأبحاثِ الجامعيةِ، ويوازي الإنتاجَ العالميَّ.

ويثني الدكتور “قنوع” على المهندسِينِ” أحمد ومحمد وعبد الله” وعلى مشروعِهم المميَّزِ! حيثُ يَعُدُّه  نموذجاً فريداً في البحثِ العلميّ، والعملِ على تطويرِ مستوى العملِ المجتمعيّ .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى