نصبٌ واحتيالٌ وراء عنوانِ (فُرص تشغيلية)

من الحياة
منذ أنْ خطا “عمر” بقدمَيه أسوارَ الجامعة في سنتِه الأولى ، عاهدَ الله على أنْ يكونَ الطالبَ الملتزمَ والمتفوقَ والمعطاءَ، وأنْ لا يدّخِرَ جهداً في سبيل الوصولِ إلى التميّزِ الدراسي ، والتخرّجِ السريعِ من الجامعة؛ من أجلِ الالتحاق بسوقِ العملِ لمساعدةِ والدِه في تربيةِ أشقائه؛ خاصةً وأنّ أوضاعَ عائلته الماليةَ غيرُ مستقرةٍ، و يشوبُها التوترُ بين الفينةِ والأخرى .
في السنة الدراسيةِ الثانية؛ سمعَ عن إحدى الدوراتِ التشغيليةِ المخصَّصة للطلبةِ؛ من أجلِ تشغيلهم في فُرصِ عملٍ مواتيةٍ، فما كان منه إلاّ أنْ قام بالتسجيلِ في الدورةِ؛ بعد أنْ استدانَ مبلغَ الرسومِ من أحد الأصدقاءِ؛ على أملِ أنْ يقومَ بتسديدِه بعد حصولِه على فرصةِ العمل .
وبالفعلِ التحقَ بالدورة، وبذلَ كل طاقتِه ليكونَ من ضِمنَ الفئةِ المختارةِ للحصولِ على فرصةِ العمل ، وتمَّ اختيارُه في نهايةِ الدورةِ للعملِ على بندِ “العلاقات العامة” بهدفِ الترويجِ للمركزِ ودوراتِه التشغيليةِ، والتي لاقتْ قبولاً منقطعَ النظير، حيث يتقاضى مبلغ (ألفِ) شيكل؛ مقابلَ كلِّ دورةٍ يقومُ بالتنسيقِ لها؛ على أنْ لا يقِلَّ عددُ المستفيدينَ من الدورةِ عن ثلاثين طالباً .
واستطاع “عمر” أنْ ينسّقَ لخمسِ دوراتٍ تشغيليةٍ، وانتشرَ اسمُه بين طلبةِ الجامعةِ كمُنسقٍ لهذا المركز ، وفجأةً دونَ سابقِ إنذارٍ تلقّى “عمر” بلاغاً من الجهاتِ المختصةِ؛ للمثولِ أمامها بتهمةِ “النصبِ والاحتيال” على زملائه، و اختلاسِه مبالغَ ماليةً قُدرتْ بنحو ألفَي دولار .
انهار “عمر” أمام المحقِّقِ! فهو لم يكنْ يوماً محتالاً ولا مختلِساً ! وبدأ بشرحِ تفاصيلِ ما حدثَ معه منذُ اليوم الأولِ للدورة، ليتبيَّنَ أنّ مديرَ المركزِ؛ كان عند تسلُّمِه المبلغَ الماليَ من الطلبة؛ يدفعُهم للتوقيعِ على سندٍ؛ أنّ مستلِمَ المبلغِ هو منسّقُ الدورةِ “عمر “.
أجرتْ المباحثُ تحقيقاتِها المتواصلةَ مع الطلبةِ والمستفيدين ،فظهرتْ براءةُ “عمر” وتبيّنَ أنّ المركزَ واحدٌ من المؤسَّساتِ التدريبيةِ المنتشرةِ على مستوى القطاع، والتي تعملُ بطريقةِ “النصبِ والاحتيالِ” على الطلبةِ ، وتجري الآنَ إجراءاتٌ مكثفةٌ للحدِّ من هذه الظاهرةِ، و لانتشالِ أمثالِ “عمر” من براثنِ المحتالين .