غير مصنف

لا تشغلْ فكرَك بالآخَرينَ

بقلم/ آية حاتم إسليم

كلُّ ما نَملِكُه في هذه الحياةِ هو  رزقٌ من اللهِ؛ فتَجدُ مَن فضَّله اللهُ  بالمكانةِ الرفيعةِ، و المنصبِ والراتبِ الوفيرِ، و البيتِ الجميلِ، و السيارةِ الحديثةِ.. فيصبحُ محطَّ أنظارِ الناسِ؛ ينظرونَ إليه نظرةَ حسدٍ! عادةً ما ينظرُ الناسُ إلى ما يَملِكُه الآخَرونَ؛ لكنهم لا ينظرونَ إلى ما يَفتقِدُه الناسُ…

هكذا حالُ كثيرٍ من الناسِ؛ ينظرونَ إلى مَن هم أعلَى من مستواهم؛ ولا ينظرونَ إلى مَن هم دونَهم؛ لتبقَى المقارَنةُ هي سيدةُ الموقفِ، والتي تصبحُ مَبعثاً للحسدِ، لذلك اجعلْها قاعدةً في حياتِك؛ أنْ لا تنظُرْ إلى مَن هم أعلَى منكَ؛ لكنْ انظُرْ لِمَن هم دونَك؛ لتستشعرَ نِعَمَ اللهِ عليكَ..

عندما ترينَ الفتاةَ الشقراءَ، وصاحبةَ العيونِ الزرقاءِ؛ لا تنظرينَ إليها؛ وتتمني لو أنكِ كنتِ في مِثلِ صفاتِها! لأنك لا تَعلمينَ ماذا أخذَ اللهُ منها.. وفي نتائجِ الامتحاناتِ ننظرُ ونَحسدُ مَن حصلوا على معدّلاتٍ عاليةٍ في الشهادةِ؛ ولا نعرفُ كم تعبوا وسهروا في الدراسةِ للحصولِ على هذه النتيجةِ!.

عندما تتزوّجينَ.. لا تُقارني نفسَكِ بأقرانِك في تفاصيلِ فرحِها ولا بالبيتِ.. فكلُّ البيوتِ مُجرَدُ حيطانٍ؛ وهي ليست مقياسَ السعادةِ، فالسعادةُ بالقناعةِ؛ وليس بتَمنّي ما عندَ الناسِ، أو تَمنِّي زوالَ النعمةِ التي عندَ الناسِ.

ليس هذا فحَسبْ؛ بل و تكثرُ التساؤلاتُ بعدَ الزواجِ للفتاةِ (هل حملتِ) و تظلُ المقارَناتُ بأقرانِها ممّنْ تزوَجنَ في ذاتِ الوقتِ، ( فلا تشغلي بالَكِ بمَنْ حملتْ، ومَن ببطنِها ذكرٌ أو أنثى أو توأمٌ،  وتذكَّري أنّ اللهَ هو الرزّاقُ يرزقُ من يشاءُ بغيرِ حساب)..

لا تنظُري إلى جارتِك لكثرةِ مشاويرِها؛ وأنتِ جالسةٌ في البيتِ.. فرُبما أغلبُ طلعاتِها مشافي ومشاكلُ واجتماعاتٌ طارئةٌ.. فأنتِ لا تَعلمينَ سببَ خروجِها..

لا تَغاري ممّن تضحكُ كثيراً؛ فرُبما تضحكُ من كثرةِ آلامِها وقهرِها؛ وأنتِ لا تَعلمينَها، لا تَشغلي فِكرَكِ بالتسريحاتِ والموضةِ والمناظرِ الخليعةِ والهيّاتِ التي لا طائلَ منها و لا فائدةَ، ولا تُقارِني نفسَكِ بمَن يتمتعونَ بها، فأنتِ أعلَمُ بحياتِك واحتياجاتِك.. فالتقليدُ ليس من شِيَمِ الكرامِ.

وتذكَّري أنّ اللهَ  إذا أعطَى الإنسانَ أدهشَه من جميعِ النواحي والمجالاتِ؛ لكننا نستعجلُ و نَدخلُ النوايا السيئةَ، و نريدُ كلَّ شيءٍ بسهولةٍ، و بدونِ تعبٍ أو عناءٍ..

وفي كثيرٍ من الأحيانِ يرى مجتمعُنا  بالأُذنِ؛ أي بما يَسمعُه من الناسِ؛  وليس بما يراهُ بعينَيهِ، مِثل “فلانة” تملكُ كذا.. و تعيشُ أجملَ حياة وغيرِ ذلك.. فتَجدُ الكثيرَ من الفتياتِ يتمنّينَ أنْ يعِشنَ مِثلَها؛ و يرسمْنَ  أحلامَهُنَّ بعيداً عن الواقعِ، وذلكَ طبعا مع كثرةِ البهاراتِ في النقلِ و الوصفِ لحياةِ الآخَرينَ؛ والتي قد تكونُ عاريةً عن الصحةِ. أصبحنا نُرهِقُ أنفسَنا؛ ونُضيّعُ أعمارَنا وأوقاتَنا بما لا يفيدُ ولا ينفعُ، فتَمشي الأيامُ والسنواتُ سُدَى.

في الأمورِ الدنيويةِ انظُرْ إلى مَن هو أقلُّ منكَ.. وفي الأمورِ الأُخرَويةِ انظرْ إلى مَن هو أعلَى مكانةً ورُتبةً عندَ اللهِ سبحانَه وتعالَى.

اشغِلْ بالَكَ بنفسِكَ، وبتسبيحِكَ، وبصلاتِكَ، وعبادتِكَ، وبِقَبرِكَ، وبدراستِكَ وبمجالسِ العلمِ، وضعْ لك بصمةً في هذا العالَمِ، فأنتَ تستحقُ كلَّ شيءٍ جميلٍ بعيداً عن مشاغباتِ الأفكارِ الداخليةِ في الدماغِ.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى