استشارات أسرية وشرعيةمجتمع وناسمركز الاستشارات

طفلي دائم التوتر

ابني يبلغُ من العمر خمسَ سنواتٍ، لا ينامَ في غرفته! بل يحبُّ الالتصاقَ بي طوالَ الوقت، ولاحظتُ أنه عند وجودِ غرباءَ وضيوفٍ في البيتِ؛ يكونُ بحالةٍ عصبيةٍ ومتوترةٍ، خائفاً نوعًا ما ، حيثُ أنه لا يقبلُ على أحدٍ، ولا يتعاملُ مع أحدٍ ، حتى إذا كان هناك أطفالاً من جيلِه؛ لا يلعبُ معهم ، ويتعامل معهم بعدوانيةٍ ، أحياناً أفقدُ أعصابي بسببِه، وألجأ إلى الضربِ كوسيلةِ عقاب ، فماذا أفعل ؟.

عزيزتي الأم؛ الطفلُ العدواني العنيفُ؛ هو طفلٌ يحتجُّ على فقدِه لعنصرٍ مُهمٍّ من عناصرِ طفولتِه، وبالتالي فقبلَ أنْ نعاقبَه على هذا السلوكِ غيرِ المهذبِ تجاهَ الغرباءِ، وقبل أنْ نتضايقَ منه؛ يجبُ أنْ نبحثَ وننظرَ بتَرَوٍّ: ما الذي يفتقدُه هذا الطفلُ لنُعيدَه إليه؟!

ولو أنّ هناك أشياءٌ كثيرةٌ غيرُ واضحةٍ في رسالتك، مِثل متى بدأ هذا السلوكُ العدواني؟ فهذا يشكّلُ فارقاً كبيراً في التعاملِ مع المشكلة، فلو أنّ طفلَكِ كان هادئا وديعاً، ينامُ في فراشِه، ولا يغضبُ من أحدٍ، ثُم ظهرَ هذا السلوكُ مستحدَثاً؛ فيجبُ أنْ نبحثَ عن أيِّ تغييراتٍ أُسرية، أو عواملَ دفعتْه إليه، فهو لن يتحولَ بين يومٍ وليلةٍ بلا سببَ، والسببُ عادةً ما يكونُ موجوداً في البيئة، والأشخاصِ المحيطةِ به، فهُم أصحابُ الأثَرِ الأول.

واضحٌ أنك تثورينَ أحياناً، بل تَصلينَ إلى هذه الدرجةِ من العصبيةِ والضربِ؛ كردِّ فعلٍ لعنفِه على الجميعِ ، ولكنْ يبدو أنه في غيرِ وجودِ غرباء؛ يكونُ أهدأَ، وكلُّ مشكلتِك معه وقتَها؛ أنه لا يريدُ أنْ يفارقَك، ولا حتى في وقتِ النوم.

أقولُ لك: إنّ ابنَك خائفٌ، فاقدُ الإحساسِ بالأمان، لدَيه إحساسٌ قوي بالخطرِ يحيطُ به، وهذا شعورٌ يقتلُ أيَّ شخصيةٍ، ويدفعُها للعنفِ أو للانطواء، وأنتِ لم تذكُري أيَّ تفاصيلَ عن حياتِكما! فهل والدُه يغيبُ كثيراً عن البيت ؟ فهل مثلاً يراكِ ابنُك تغلقينَ الأبوابِ بحِرصٍ؟ هل سمع منك مرةً حواراً من أيِّ نوع (تليفونياً) أو مع صديقةٍ؟ معناه أنّ خطراً ما سيقعُ ،وأنك لا تشعرينَ بالأمان ، وأنك تخافين من الخروج، أو أنك لا تتحرّكين بدونِ زوجك؟ أيُّ نوعٍ من هذه الحواراتِ التي يتبادلُها الكبارُ، ولا ينتبهونَ إلى الآذانِ الصغيرةِ التي تستمعُ، ولا إلى أثرِ ذلك عليهم.

عليكِ بالبحثِ عن السببِ الذي زرعَ هذا الخوفَ في طفلِك، وحرمَه من الأمانِ، وعليكِ أنْ تُعالجيهِ ، ليس بالعقابِ أو حتى بالغضبِ، إذا تعانفَ على الضيوفِ أو الغرباء، بل بالحوارِ الهادئ، والضمِّ الكثيرِ إلى قلبِك وصدرِك، والشرح والصبر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى