ما حُكم من يأتي العرّافين، ومن يصدّقُ الأحلام ؟

أجاب عن التساؤل الأستاذ “عبد الباري خلة” رئيس لجنة الإفتاء في كلية الدعوة الإسلامية فرع الشمال.
الكاهنُ هو من تخدِمُه الشياطينُ، فيُخبرونه بالمُغيَّبات، فيكذِبون على الإنسي كثيرًا.
والعرّاف: هو الكاهنُ الذي يُخبرُ عن المستقبل.
ولا يجوزُ تصديق الكُهان والعرافين والمنجّمين، ومن صدّقهم فهو كفرَ بالله وذلك:
أنّ تصديقَهم بما يقولون تكذيبٌ للهِ ورسوله، حيثُ جاءت الآياتُ والأحاديثُ تدلُّ على اختصاصِ الغيبِ لله، ومن ذلك:
قال الله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) } [النمل: 65]
وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواه الإمام أحمد بسند صحيح.
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَتَى كَاهِنًا ». قَالَ مُوسَى في حَدِيثِهِ « فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ». ثُمَّ اتَّفَقَا « أَوْ أَتَى امْرَأَةً ». قَالَ مُسَدَّدٌ « امْرَأَتَهُ حَائِضًا أَوْ أَتَى امْرَأَةً ». قَالَ مُسَدَّدٌ « امْرَأَتَهُ في دُبُرِهَا فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ ». رواه أبو داود بسند صحيح
وعِلمُ الغيبِ مختصٌّ باللهِ تعالى، والرسلُ إنما يَعلمون ما جاءهم به الوحيُ.
ومن ادَّعى علمَ الغيبِ؛ فقد ارتدَّ عن الإسلامِ، ومن كان جاهلاً فليستغفرْ اللهَ، وليتُبْ إليه سبحانه.
فلا يجوزُ الذهابُ إلى العرّافين والدجّالين، ولا يجوزُ تصديقُ مَن يتكلّمُ بالغيبِ، ولا يجوزُ سؤالُ أحدٍ منهم.
وبعضُ الناسِ ربما يعتمدون على الرؤى والأحلامِ، مع أنّ الرؤيا لا تُثبِتُ حُكماً شرعياً! كيف وقد اكتملَ هذا الدينُ قال الله تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ} ) المائدة 3
فلا يَثبتُ الحكمُ الشرعي إلا بالوحيِّ قال النووي: (لا يقطعُ بأمرِ المنام، ولا تبطلُ به سُنة ثبتتْ، ولا تثبتُ به سُنة لم تثبُتْ، وهذا إجماعُ العلماء).
وذكر ابنُ القيّم رحمه الله تعالى: أنّ رؤى غيرِ الأنبياءِ؛ تُعرضَ على الوحيِ الصريح، فإنْ وافتْه؛ وإلاّ لم يعملْ بها، وقال: (فإنْ قيل: فما تقولون إذا كانت رؤيا صادقةً، أو تواطأتْ؟ قُلنا: متى كان كذلك استحالَ مخالفتُها للوحيِ، بل تكونُ موافقةً له)
وقد ذكرَ النووي رحمه الله تعالى ما يدلُّ على ذلك حيث قال: (لو كانت ليلةُ الثلاثين من شعبان، ولم ير الناسُ الهلال، فرأى إنسانٌ النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: “الليلةُ أولُ رمضانَ” لم يصِحْ الصومُ بهذا – أي بهذا المنام – لا لصاحبِ المنامِ ولا لغيرِه؛ إذ إنّ الذي رأيتَه في المنامِ رئي في اليقظةِ، وهو يقول: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته).
وقال الإمام الشاطبي رحِمه الله تعالى: (فلا يَستدِلُ بالرؤيا في الأحكامِ؛ إلا ضعيفُ المنة، نَعم يأتي المَرئي تأنيساً وبشارةً ونذارةً خاصة، بحيث لا يَقطعونَ بمقتضاها حُكماً، ولا يبنون عليها أصلاً، وهو الاعتدالُ في أخذِها حسبَما فُهمَ من الشرع فيها.
وعليه فلا يجوزُ للمسلمِ أنْ يعتمدَ على غيرِ اللهِ، ولا يسألَ غيرَه سبحانه، ومن أخبركَ بشيءٍ من الغيبِ؛ فهو كاذبٌ، ومن صدّقه فهو كافرٌ، فلا ينبغي للمسلمِ أنْ يكفرَ باللهِ؛ من أجلِ مخلوقٍ، ومن كان يصدّقُ هؤلاء الدجّالين؛ فعليه أنْ يستغفرَ اللهَ، ويتوبَ إليه .