غير مصنف

نساءٌ يستنزفنَ جيوبَ أزواجِهنَّ بحثاً عن الأمانِ العائلي

تحقيق : أحلام الصعيدي

كثيرٌ من النساءِ ما زلنِ يحملنَ مَورثاتٍ ثقافيةً باهتهً؛ تؤَجِّجُ نارَ الحياةِ الزوجيةِ، وتهدّدُ استقرارَ عوائلهنَّ بشكلٍ دائم ، فنسبةٌ لا بأسَ بها من النساء؛ لديهِنَّ قلقٌ وخوفٌ دائمٌ من وجودِ الضرّةِ بحياتِهنَّ؛ ما يدفعُ العديداتِ منهنَّ إلى سلوكِ أحدِ الاتجاهينَ: إمّا الإنجابُ بلا توقُفٍ! أو الإسرافُ واستنزافُ مالِ الزوجِ بلا رحمةٍ! وكلُّ أهدافِهنَّ إنفاقُ كلِّ ما يملِكُه الزوجُ؛ فلا يتبقى لديهِ ما قد يُنفقُه على أُخرى! مُعتقداتٍ أنهنّ بذلك يصُنَّ أنفسَهنَّ  وبيوتهنَّ!

فلماذا تتجِهُ النساءُ إلى استنزافِ جيوبِ الأزواج ؟  و هل خوفُ الزوجةِ، وعدمُ شعورِها بالأمانِ؛ هو السببُ الرئيسُ ؟ أَم أنّ منظومةَ المورثاتِ الثقافيةِ تَفرضُ نفسَها في حياةِ الكثيرات ؟

منال “36 عاماً ” واحدةٌ من النساء التي تتفنَّنُ في تبذيرِ مال زوجِها؛ حفاظاً على عُش الزوجيةِ! تقول لـ” السعادة ” :” يعملُ زوجي في التجارةِ التي تدِرُّ عليه مالاً جيداً مقارَنةً بالآخَرين ، وهذا ما قد يدفعُه للزواجِ بواحدةٍ أخرى، كما أخبرتني صديقاتي المقرَّباتُن، والدتي نصحتني بضرورةِ إشعارِه بعدمِ الاستقرارِ الماليّ؛ حتى لا يفكّرَ في الزواجِ بأُخرى .

كنتُ مُخطئةً

وتضيفُ: غالبيةُ الرجالِ عندما يُكرِمُهم اللهُ  بالمالِ؛ فسرعانَ ما يقومون بالزواجِ بأخرى، ضاربينَ بُعرضِ الحائطِ صبْرَ و تحمُّلَ الزوجةِ الأُولى لكلِّ مراحلِ الحياةِ، و أنا غيرُ مستعِدّةٍ لأكونَ شريكةً لأُخرى بزوجي، لذا أحاولُ وبشكلٍ مستمرٍ استنزافَ جيبِه! إلا أنني أقومُ بادّخارِ بعضِ المالِ دونَ عِلمِه؛ تأميناً لمستقبلِ الأبناءِ.

و تتابعُ: أشعرُ أنّ زوجي من النوعِ الذي لدَيه رغبةٌ بالزواجِ بأُخرى، لذا أتّجهتُ إلى هذا السلوكِ؛ خاصةً وأنّ أمرَ تعدُّدِ الزوجاتِ في عائلتِهم موجودٌ ، وقد أخبرتنى والدتي منذُ لحظةِ الخطوبةِ؛ أنّ المرأةَ الجيدةَ عليها أنْ تحافظَ على زوجِها وعلى أُسرتِها، حتى وإنْ كان ذلك على حسابِ أشياءٍ أخرى .

في حين تقولُ أمُّ محمد “43 عاماً” متزوجةٌ منذُ أكثرَ من خمسةٍ وعشرينَ عاماً :” كنتُ أسمعُ في بدايةِ حياتي الزوجيةِ؛ أنّ عمارةَ جيبِ الزوجِ قد تَدفعُه للزواجِ بأخرى ! لكنْ كذّبتُ ذلك وقلتُ في نفسي إنّ معيارَ الحياةِ الزوجيةِ العطاءُ الدائمُ .

وتضيفُ: لكنْ للأسفِ بعد خمسةَ عشرَ عاماً من الزواجِ؛ كنتُ خلالها المرأةَ الحريصةَ على مالِ زوجِها، والمدبّرةَ لشئونِ منزلِها، والمدّخِرةَ والداعمةَ لزوجِها ، وفاضَ المالُ في يدِ زوجي؛ فلم يفكّرْ في مستقبلِ الأبناءِ، ولا بصبرِي وتحمُّلي طيلةَ كلِّ هذه السنواتِ، بل فكّرَ في فتحِ منزلٍ آخَرَ؛ بحُجةِ المقدرةِ الماليةِ والصحية.

معتقداتٌ غريبةٌ ومتعِبةٌ

من جانبه يقولُ “عصام الشاويش” محاسبٌ في إحدى الشركاتِ الخاصة :” نجدُ بعضاً من النساء يحملنَ معتقَداتٍ غريبةً ومتعِبةً في الحياةِ الزوجية،ويسمعنَ كلامَ أمهاتِهنَّ بشكلٍ لا يمكنُ تصوُّرُه،  وغالبيتهُنَّ مؤمناتٌ بضرورةِ استنزافِ جيبِ الزوجِ؛ حتى لا يفكّرَ بالزواجِ مرّةً أخرى .

الرجلُ هو المسئولُ

من جانبها ترى الأخصائيةُ الاجتماعيةُ عروب الجملة :” أنّ الرجالَ بنسبةٍ كبيرةٍ هم المسئولونَ عن دفعِ الزوجةِ لهذا السلوكِ الخاطئِ، ووجودِ المرأةِ المستنزِفةِ لجيبِ زوجِها ، فلو زالَ  شعورُ المرأةِ  بالخوفِ والقلقِ من زوجِها؛ لَما لجأتْ لحمايةِ نفسِها وأطفالِها بهذه الطريقةِ الخاطئة، مُرجِعةً ذلك لتهديدِ الرجلِ لها  بالزواجِ عليها، أو لطريقةٍ خاطئةٍ في التعاطي مع الحياةِ الزوجيةِ،  فتُدَمَّرُ نفسيّتُها، وتشعرُ بالخوفِ على حياتِها ، فتنفقُ كلَّ مالِه في شراءِ أيِّ شيءٍ ، مضيفةً  أنّ هذا لا يعني أنّ عدداً من النساءِ لديهنَّ ميلٌ شديدٌ للتمسكِ بالمعتقداتِ الشعبيةِ  السيئةِ؛ التي تُمليها عليهنَّ البيئةُ المحيطةُ أو الأمهاتُ من بابِ الخوفِ عليهنّ.

ولم تُنكرْ “الجَملة” وجودَ هذه العقلياتِ داخلَ المجتمع، واصفةً إياها بالبائدةِ والرّجعيةِ، التي تريدُ أنْ تضغطَ على الزوجِ من الناحيةِ الماديةِ؛ حتى لا يتزوجَ عليها، بَيدَ أنها تتعاملُ بمنطقِ الخوفِ من وقوعِ الحدَثِ، مؤكّدةً أنّ هناك نوعاً من النساء تحقِّقُ ما تريدُه من خلالِ الضغطِ النفسي.

وتتابعُ: هذا النموذجُ من النساء؛ عادةً ما يكونُ  شخصيةً متوترةً وغيرَ واثقةٍ في نفسِها، تخافُ أنْ يبعدَ عنها زوجُها،  وهى قضيةُ أخلاق، ولا علاقةَ لها بالرجلِ وتصرّفاتِه، فهي تربَّتْ في بيتِ أهلِها على ذلك ، فالتي تتزوجُ وفي ذهنِها بناءُ الأسرةِ، والمحافظةُ على مواردِها لتحقيقِ أحلامِ زوجِها وأسرتِها؛ نجِدُها من أولِ يومٍ تسعى لذلك، بَيدَ أنّ هناك الكثير من النساءِ في ذهنهنَّ خوفٌ جارفٌ من المستقبلِ، ومن الزوجِ الذي رُبما يتزوجُ غيرَها، ما يساعدُ في تحويلِ الحياةِ إلى كوابيسَ ودُيونٍ.

و تنصحُ “الجَملة” الزوجَ أنْ يعيَ دوافعَ زوجتهِ فى الإسراف ، و يعطيَها كلَّ الدعمِ النفسي والاجتماعي؛ الذى تحتاجُ إليه للشعورِ بالأمان، وأنْ يُخبرَها بين الفينةِ والأخرى أنّ أحلامَه الماديةَ لن تُشارِكَها فيها امرأةٌ أخرى، وأنه يسعى بعملِه المتواصلِ الى توفيرِ سبُلِ الحياةِ الكريمةِ لها ولأبنائها، ويشرحُ لها إمكانيةَ الاستفادةِ من الفائضِ المادي، مُحذراً من رضوخِ الزوجِ واستجابتِه، ما يوقِعُه في دائرةِ الإسرافِ والتبذيرِ؛ التي تؤدّي في النهايةِ إلى دمارِ الأسرةِ مالياً.

سوءُ تربية

من ناحيتِه يقولُ الدكتور “عصام بدران” من جامعةِ النجاحِ في نابلس: “إنّ اللهَ سبحانه وتعالى خلقَ المرأةَ وكرّمها وشرّفها وأعطاها حقوقاً كثيرةً؛ خاصةً في بيت الزوجيةِ، ولكنّ هذه الحقوقَ، وهذا التكريمَ والتشريفَ؛ له ضوابطُ وشروطُ من أعظمِها أنْ لا تقعَ الزوجةُ في الإسرافِ والتبذيرِ من مالِ زوجِها .

وقد فرّقَ العلماءُ بين الإسرافِ والتبذيرِ؛ فالإسرافُ هو تجاوزُ الحدِّ المعتادِ عليه في الإنفاقِ في أيِّ أمرٍ مباحٍ؛ مثلاً شراءُ الطعامِ هو أمرٌ مباحٌ، فإذا وقعتْ المرأةُ في المبالغةِ؛ من خلال شراءِ أنواعٍ كثيرةٍ من الأطعمةِ، ما يؤدّي فيما بعدُ إلى كسادِها وفسادِها، فهذا يسمّى إسرافاً، وأمّا التبذيرُ فيكونُ من خلالِ الإنفاقِ في الأمورِ المحرّمةِ، ولو كان المالُ الذي تمَّ إنفاقُه قليلاً .

ويضيف: إنّ المرأةَ المبذّرةَ تُشَبَّهُ بالشياطينِ، وهذا التشبيهُ يدلُّ على حُرمةِ هذا الفعلِ، مَهما كانت دوافعُه، فاللهُ سبحانه وتعالى يسألُ المرءَ عن مالِه من أين كسِبَه، وفيما أنفقَه، ، فالزوجةُ مؤتمَنةٌ وراعيةٌ في بيتش زوجِها، فلا يجوزُ لها أنْ تتصرفَ في مالِه إلا بإذنِه، ولا يجوزُ لها أنْ تصرِفَه إلا بوجهٍ شرعيّ، وعليها أنْ تشكرَ اللهَ عزّ وجلّ على النِّعمِ التي هي فيها، ولو كانت بسيطةً فلا تقعُ في كثرةِ الطلبِ، لأنّ اللهَ عزّ وجلّ يعطي كلَّ امرئٍ على القدرِ الذي يستحقُه الإنسان، فعندما تطلبُ الزوجةُ من الزوجِ فوقَ قدرتِه، أو رُبما يؤمّنُ لها ما تريدُ، ويكونُ الزوجُ مؤدياً لجميعِ حقوقِها، فتقعُ هي في الطغيانِ من خلالِ كثرةِ التوسُعِ في طلباتِها.

ويتابع : لجوءُ المرأةِ الى الإسرافِ  والتبذيرِ، واستنزافِ مالِ الزوجِ  خوفاً من الزواجِ عليها؛ عائدٌ الى سوءِ التربيةِ من قِبلِ الأهلِ، فبعضُ الأمهاتِ يُعلّمنَ بناتِهنَّ إذا تزوَجنَ؛ أنْ يُكثِرنَ الطلبَ من الزوجِ،  عِلاوةً على عدمِ القناعةِ، وكثرةِ الجشعِ عند بعضِ النساءِ؛ لعدمِ تربيتِهنَّ تربيةً إيمانيةً ، ناصحاً هذا النموذجَ من النساءِ المسرفاتِ المبذِّراتِ؛ أنْ يتُبنَ إلى اللهِ، ويُقلِعنَ عن الإسرافِ والتبذيرِ؛ لأنّ هذا المالَ سوفَ يكونُ حُجةًَ عليهنَّ، لعدمِ إنفاقِه في الوجهِ الشرعي .

آمِلاً منهنّ أنْ يُسخِّرنَ هذه النعمةَ العظيمةَ “نعمةَ المالِ” في الوجهِ الذي ارتضاهُ اللهُ ورسولُه؛ كمساعدةِ الفقراءِ والمساكينِ؛ وخاصةً الآنَ يوجدُ لدَينا نازحونَ من سوريا، فهذا المالُ يساعدُ هؤلاء النازحين، وهو حُجةٌ لهنَّ عندَ اللهِ سبحانَه وتعالى.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى