فلسطين تجمعنافلسطينيات

40 لوحةً تشكيليةً تُجسّدُ معالمَ الحياةِ بالخليلِ

إعداد: علي مصطفى

لا يختلفُ اثنانِ على جمالِ الخليلِ (ماضياً وحاضراً ، أرضاً وسماءً وسكاناً) ، في أحدِ شوارعِها العتيقةِ، تتزاحمُ في غرفةِ أحدِ البيوتِ أربعونَ لوحةً فنيةً، تُجسّدُ الخليلَ الجميلةَ بماضيها وحاضرِها (مكاناً وجمالاً) ، من النظرةِ الأولى لهذه اللوحاتِ؛ يتبيّنُ أنّ صاحبَها عاشقٌ لهذه المدينةِ، والتي سمّاها قمراً في مجموعتِه

في منزلِ الفنانِ التشكيليّ “مازن دوفش” ابنِ الخليلِ الجميلةِ ، لا يَمَلُّ نظرُكَ من متابعةِ سلسلةِ اللوحاتِ، وإيحاءاتِها وعباراتِها، وجمالِ صورِها التي تتَجلَّى بإبرازَ الخليلِ لوحةً حياتيةً كاملةً؛ تنبضُ بالأصالةِ والعراقةِ وحبِّ الحياةِ والأملِ ، في حينٍ لا تَغيبُ عن هذه اللوحات روحُ الخليلِ المقاوِمةِ والصامدةِ .
الخليلُ مُلهِمتي

ويقولُ “دوفش” بأنّ جمالَ الفنِّ لا يعيشُه الفنانُ؛ إلاّ إذا كان يعيشُ في أوساطٍ مُلهِمةٍ ، والخليلُ خيرُ جمالٍ يمكنُ أنْ يعيشَ  فيه الإنسانُ؛ ليكونَ مُلهَماً ، ليُخرجَ جمالَ لوحاتِه وعراقتِها، فكانت مجموعةُ “مدينتي أحلَى من القمر” مجموعةً تعكسُ الوجهَ الجميلَ والمُشرقَ للمدينةِ الفلسطينيةِ الأثَريةِ؛ التي تُعَدُّ  ثانيَ مدُنِ الضفةِ الغربيةِ من حيثُ المكانةِ الدينيةِ ، إضافةً إلى أنّها تتشاركُ مع القدسِ في القداسةِ والعراقةِ، والهجمةِ الاستيطانيةِ الشرسةِ .

و يضيفُ :”لا يختلفُ اثنانِ في العالمِ على أنّ الفنَّ رسالةٌ قويةٌ وحاضرةٌ، وهنا أقولُ رُبما تكونُ اللوحاتُ التشكيليةُ أبلغَ رسالةٍ عن الأوضاعِ التي تعيشُها فلسطين، مُبيّنًا بأنّه عن طريقِ لوحةٍ تشكيليةٍ يُمكنُ التعبيرُ عن كاملِ تفاصيلِ القضيةِ الفلسطينيةِ، خاصةً وأننا نعيشُ في مجتمعاتٍ ترَى في الفنِّ وسيلةً بليغةً للتعبيرِ عن كافةِ القضايا، كما أنّ اللوحاتِ كفيلةٌ بقَطعِ المسافاتِ واللغاتِ والعقائدِ .

ويتابعُ:” أنتجتُ  إلى جانبِ مجموعةِ ” مدينتي أحلى من القمر ” نحوَ ستّينَ لوحةً بأشكالٍ متنوِّعة، لكنها تعبِّرُ جميعُها عن الواقعِ المعاشِ، والقضايا الوطنيةِ المُلِحّةِ ، مُستخدماً في كثيرٍ منها الظلالَ للتعبيرِ عن الواقعِ، والتي رسمتُها باستخدامِ الفحمِ، وأخرى ثلاثيةَ الأبعادِ، بالإضافةِ إلى الصورِ ذاتِ الرسومِ المائية، مؤكّداً  أنّها نُسخٌ ذهنيةٌ، وأخرى نُسخٌ لصورٍ من الحياةِ، وتتركزُ أغلبُها على مدينتَي (الخليل والقدس)، اللتينِ تُصنَّفانِ كأهمِّ المُدنِ التاريخيةِ والمقدّسةِ في فلسطينَ.

يوضّح “دوفش” أنّ الخليلَ وإنْ كانت مسقطَ رأسِه؛ فإنّ للقدسِ مكانةً أكبرَ، خاصةً و أنّه يؤمِنُ  “كمُظَفّرِ النَّواب” في قولِه عن القدسِ للحكامِ العربِ “القدسُ عروسُ عروبتِكم”، فقد صوّرتُها بالعروسِ التي تلبسُ الطرحةَ على رأسِها، وأبرزتُ من خلالِها جمالياتِ مدينةِ القدسِ، والعديدَ من المعاني الأُخرى في المدينةِ المقدسةِ، إضافةً إلى لوحةٍ أُخرى تُصوّرُ “صلاح الدين” المُنبعثَ من نفسِه، والقادمَ لتحريرِ القدسِ، وأُخرى تُبرزُ معالمَ المدينةِ، وأُخرى توحي بأملِ الوحدةِ العربيةِ من أجلِ القدس.

مَعرِضٌ بيتيٌّ

المتواجدُ في مَعرِضِ “دوفش” البيتيّ؛ لا يَمَلُّ من العيشِ مع كلِّ لوحةٍ ساعاتٍ طويلةً؛ علّه يرتوي من جنباتِ هذا البيتِ ببعضِ الصورِ؛ التي يحاولُ المحتلُّ بشكلٍ يوميّ تهويدَها وتهديدَها، وإلغاءَ بقائها ، لكنّ كلماتِ “دوفش” عن واقعِ الفنّ التشكيليّ، وحالةِ التهميشِ التي تعانيها الأوساطُ الثقافيةُ بالخليلِ؛ تشُدُّنا إلى واقعٍ مؤلمٍ .
، يقولُ لـ”السعادة ” يوجدُ لدَى وزارةِ الثقافةِ تقصيرٌ  واضحٌ في رعايةِ الفنانينَ، والاهتمامِ بهم، وهذا التقصيرُ والتهميشُ دفعَ مجموعةً من الفنانينَ لتشكيلِ نقابةٍ حملتْ اسمَ (نقابة الفنانينَ التشكيليّينَ الحِرَفيّين) التي تهدفُ إلى إيصالِ رسالةِ وصوتِ الفنانِ إلى كافةِ المحافلِ، وإعطائهِ الدفعةَ اللازمةَ للاستمرارِ “.

ويتابعُ:” لا أحدَ يهتمُّ بالفنانِ! ونريدُ أنْ نفتحَ الآفاقَ أمامَ رسومِنا ولوحاتِنا؛ لكي تَصلَ العالمَ، لأنّ رسالةَ الفنِّ التشكيليّ الفلسطينيّ ما تزالُ مفقودةً،  فمن الضروريِّ أنْ يتمكنَ الفنانونَ التشكيليونَ من السفرِ إلى الخارجِ، وتمثيلِ فلسطينَ في هذا النمطِ من الفنِّ، لأنّه يشيرُ إلى ضرورةِ تعزيزِ التبادلِ الثقافيّ، وإيصالِ الرسالةِ الفلسطينيةِ.

وفي إطارِ حالةِ التهميشِ التي تعيشُها الأفكارُ الفرديةُ، وخاصةً على صعيدِ الفنِّ، يحاولُ الفنانُ الخليليُّ الاستعانةَ براتبِه الشهريِّ؛ لتغطيةِ نفقاتِ الرسومِ التي يُنتجُها، لدرجةٍ وصلتْ به الحالُ إلى دفعِ ما يزيدُ عن ثلُثِ راتبِه شهريًا؛ لشراءِ الأدواتِ والمستلزماتِ الخاصةِ بإنتاجِ اللوحاتِ.
تهميشٌ ثقافيٌّ

ويَنقلُ “دوفش” في حديثِه حالةَ الاستياءِ التي يعيشُها غالبيةُ الفنانينَ في ظِلِّ حالةِ التهميشِ ، رغمَ أهميةِ الرسالةِ التي يقومونَ عليها، ويحاولونَ إيصالَها للعالمِ، كاشفاً في الوقتِ ذاتِه أنّ رسالةَ الفنِّ التشكيليِّ لم تُؤَدِّ المطلوبَ منها على المستوى الدوليّ الخادمِ للقضيةِ .

“الوطنُ يسكنُ فينا” عبارةٌ تَتردّدُ بشكلٍ يوميٍّ؛ لكنْ لا يُجسِّدُها إلاّ الفلسطينيُّ الذي يعيشُ في مدينةٍ تعتزُّ بالمقاومةِ، لذا غالبيةُ  إنتاجِ  ابنِ خليلِ القسّام؛هي باقاتٌ متنوعةٌ من اللوحاتِ الفنيةِ والرسومِ؛ التي تَحدّثتْ عن الأرضِ والوطنِ والتراثِ والواقعِ، أبرزُها باقةُ ” مدينتي أحلَى من القمر” ، إضافةً إلى لوحاتٍ أُخرى حملتْ عُنوانَ “مَرايا” وتعكسُ قصصاًً من الواقعِ الحياتيّ في المجتمعِ الفلسطينيّ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى