غير مصنف

“ثقافةُ الأخلاقِ”

غزة – أنس الخطيب

الأخلاقُ ليستْ كلمةً عابرةً؛ إنما هي مفصلٌ وجوهرٌ في حياةِ الأفرادِ والأُممِ؛ فهي مِن أسمَى الصّفاتِ التِي يجبُ أنْ يتحلّى بها الإنسانُ، وأهمِّ مَا يُوصفُ بِه الانسَانُ التّقيُّ والمُؤمنُ.

والأخلاقُ الحَمِيدةُ مِن أهمِ رَكائزِ المُجتمعاتِ ؛ وتُؤدّي إلى نهضةِ الأممِ والشّعوبِ؛ فهي حِصنٌ مَنِيعُ للفردِ؛ ولها دورٌ كبيرٌ في تقويةِ المجتمعِ وحمايتِه، وهي واعظٌ للحِفَاظِ عَلى الإنسانِ من الوُقوعِ في الخطأ، فالإنسانُ ذُو الخلُقِ الحسَنِ يكُونُ قَويَّ الشخصيةِ؛ واثقاً من نفسِه؛ وهُو مَن يُعدِّلُ سُلوكَ المجتمعِ؛ ويَبني فيه قُوّةَ التماسكِ؛  فيكونُ حينَها من المُبادرينَ في تَحسينِ مجتمعِه ، فالمجتمعُ الذي تَحفُّه الأخلاقُ؛ يكونُ مجتمعًا متماسكًا وقويًا ، ويكُونُ بعيدَا كُلَّ البُعدِ عن الأحقادِ والحسدِ والفسادِ..

فيجبُ أنْ تكونَ الأخلاقُ نابعةً من داخلِ النفسِ لخارجِها ، ولا يمكنُ أنْ يَتِمَّ فصلُها عن بعضِها ؛ فهي مترابطةٌ وتمثّلُ سلوكَ الشخصِ بشكلٍ كاملٍ ؛ فليس هنالك استثناءاتٌ في الأخلاقِ ، والشخصُ صاحبُ الخلُقِ الحسَنِ لا يتصرّفُ بما يُسيءُ لنفسِه و لمجتمعِه _قدْرَ المستطاعِ_ و إنْ أخطأ سرعانَ ما يستدركُ..

ولا يجبُ التعاملُ مع الأخلاقِ حسبَ المزاجِ، أو بما يخدمُ المصلحةَ الشخصيّةَ ، فيجبُ أنْ يتّصِفَ بها في كلِّ وقتٍ، وفي أيِّ حالٍ من الأحوالِ. وممّا لا شكَّ فيه أنّ الأخلاقَ هي جوهرُ وروحُ الرسالاتِ السماويةِ الثلاثِ ، وقد اهتمَّ الإسلامُ بالأخلاقِ؛ وجعلها أمراً أساساً يُحاسَبُ عليه الإنسانُ في الدنيا والآخِرةِ ، ويقاسُ الدِّينُ الصحيحُ بمدَى حُسنِ الخلقِ الذي يدعو له ، وقد شهدَ اللهُّ –عزّ وجلَّ _ في قرآنِه الكريمِ على أنّ رسولَ اللهِ (ذو خلُقٍ عظيم).

وأخبرَنا رسولُ اللهِ _صلّى الله عليه وسلّم_ بأنّه بُعثَ لكي يُتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ . وللأخلاقِ أهميّةٌ كبيرةٌ ليس فقط من الجهةِ الدينيةِ؛ بل أيضاً للحصولِ على مجتمعٍ صحيٍّ خالٍ من الأحقادِ والجرائمِ؛.

لذلك تُعَدُّ الأخلاقُ هي مَنبعُ الثّقةِ لكُلِّ الأممِ ، حيثُ نجِدُ أنّ الحَضاراتِ القديمةَ؛ وفي إرثِها الذي نَجِدُه في مَتاحفِ القارّةِ العجوزِ ، تُعرّفُ نفسَها من خلالِ الّلوحاتِ والقصصِ؛ التي تبيّنُ أنّ الأخلاقَ كَانت السّمةَ البارزةَ؛ التي يتمُ الاهتمامُ بها مِن مُختلفِ الحضاراتِ ، سواءً كانت الحضارةُ الكنعانيّةُ في فلسطينَ ، أو البابليةُ في العراق ، أو الفرعونيةُ في مصرَ ، وهذا الأمرُ نجِدُه كَذلك في قديمِ الزمانِ، وقد جاء الرسولُ الهادي “محمد بن عبدالله” صلّى الله عليه وسلم؛ ليُتمِّمَ تلكَ الأخبارَ، حيثُ قال ” إنما بُعثتُ لأُتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى