غير مصنف

بأخلاقِك تسمو إلى العلياء

بقلم: حسن النجار

كُن ثَرِيّاً بأخلاقِك، فمَن لا يعرفُك يَجهلُك، كُن ثريّاً بأخلاقِك تسمو إلى القمم، فالإسلامُ لم يُنشرْ بحدِّ السيفِ؛ بل بالأخلاقِ؛ كالزهرِ يَنبتُ حالَ سُقيَ بالمكرماتِ.
ويترنّمُ القلمُ على قيثارةِ الحبِّ والجمالِ؛ متجوّلاً حيناً ومتأمِّلاً أحيانا، يبحثُ عن مواضيعَ جديدةِ؛ ليعزفَ عليها في هذا الوقتِ الجميلِ، فلم أجدْ أجملَ من هذا البحرِ المتلاطمةِ أمواجُه؛ ولو القليلَ من لآلئهِ وجوهرِه؛ أَلا وهو بحرُ الأخلاق.

فقدْ دارَ في دوامةٍ من الأحاديثِ والشائعاتِ، وأرجو أنْ أُبيّنَ ولو القليلَ من هذا الموضوعِ، فالأخلاقُ زينةُ الإنسانِ، وزينةُ المجتمعِ؛ بها يمشي الإنسانُ واثقَ الخُطى بلا تردُّدٍ.. وبها يزدهرُ المجتمعُ وينمو ويتطورُ، وهناكَ العديدُ من الأخلاقِ التي حثَّ عليها، ونَهى عنها اللهُ تعالى، ورسولُه الكريمُ.

فهناكَ أخلاقٌ محمودةٌ؛ مِثلَ الصدقِ والأمانةِ.. وهناك أخلاقٌ مذمومةٌ؛ مِثلَ الكذبِ والخيانةِ.. وغيرِها من الأخلاقِ التي يتميّزُ ويتحلّى بها الإنسانُ. وتؤثّرُ الأخلاقُ على الأفرادِ؛ فمَن كان له خلُقٌ سيءٌ؛ يُلاحقْهُ مدَى الحياةِ، ويبقَى حديثَ الناسِ على مرِّ الأيامِ والأزمانِ، وإنْ كان له خلُقٌ جيدٌ؛ فإنه يكونُ من السوائدِ في المجتمعِ؛ حيثُ يُذكرُ في كلِّ مجلسٍ، ويُعَدُّ مقياساً للناسِ في آدابِه.

كما أنّ حُسنَ الخُلقِ من أكثرِ الأعمالِ التي يتقرّبُ بها الإنسانُ إلى اللهِ، وهي كفيلةٌ بأنْ تزيدَ حسناتِ الإنسانِ في ميزانِه، وإنَّ صاحبَ الخُلقِ الحَسنِ يكونُ من خيرِ ما على الأرضِ، حيثُ أنَّ الرسولَ_صلّى الله عليه وسلم_  كان دوماً يُشدِّدُ في التحذيرِ من إيذاءِ الآخَرينَ؛ سواءً باللسانِ أو باليدِ ، أو حتى من خلالِ النظراتِ.

فلو تَخيّلْنا مُجتمعاً لا يحترمُ فيه الأشخاصُ بعضَهم بعضا، وتركَ كلٌّ أخلاقَه الحميدةَ؛ ليحلَّ مَحلَّها الأخلاقُ السيئةُ في التعاملِ؛ سنجدُ هذا يَنتهِكُ حُرمةَ بيتِ هذا، ويَهتِكَ عِرضَه، وسيعتدي الجميعُ على حقوقِ الآخَرينَ دونَ أدنَى احترامٍ أو تقديرٍ، ودونَ أنْ يَشعُرَ بأدنَى ذنبٍ.. الأمرُ الذي يَعني فسادَ المجتمعِ، وتَهتُكَ العلاقاتِ لأبعدِ حدٍّ.

فالأُممُ التي كان فيها أشخاصٌ ذَوو أخلاقٍ حميدةٍ؛ فإنها تسمو إلى الأعالي، وتصبحُ من الأممِ الراقيةِ في المجتمعِ، ويكونُ أبناؤها قادرينَ على بناءِ المجتمعِ، والأممُ التي تَحملُ أشخاصاً مذمومينَ؛ فإنها تكونُ من الأممِ المتخلّفةِ في الأرضِ، ومنبوذةٍ من بينِ المجتمعاتِ.

ولا أنسى في ختامِ موضوعي أنْ أقولَ: الأُممُ إذا زالت أخلاقُ أفرادِها؛ ذهبتْ هذه الأممُ.. مصداقاً لقولِ الشاعرِ “إنما الأُمم الأخلاقُ ما بقيتْ؛ فإنْ همُ ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى