فلسطين تجمعنافلسطينيات

أطفالُ غزة .. تميّزٌ عالميّ يوقِفُه معبرُ رفح !

تقرير:  آلاء عاطف النمر

رغمَ صغرِ سنِّهم؛ أطلقوا أحلامَهم  إلى عنانِ السماءِ، ووقفوا على أهبّةِ الاستعدادِ لتمثيلِ دولتِهم المحتلةِ على المستوى الدوليّ، كما بقيةِ أطفالِ العالمِ الحُرِّ , بالعزمِ والإرادةِ وقوةِ الإصرارِ على تحقيقِ أحلامِهم الكبيرةِ بحجمِها داخلَ عقولٍ؛ نجحتْ بأنْ تكونَ الذكيةَ وصاحبةَ الوصفِ الخارقِ للعادةِ عالمياً، بينَ آلافِ الأطفالِ أمثالِهم، لتوصلَهم لأعلَى المراتبِ رغمَ أنهم ضِمنَ سكّانِ أكبرِ سجنٍ في العالمِ يُدعَى “غزة” .

الحصارُ المفروضُ على غزةَ منذُ ما يزيدُ عن ثماني سنواتٍ، ومعرفتُهم بأنّ سبيلَ الوصولِ لمنصّاتِ المبارزاتِ العلميّةِ؛ يُعَدُّ الأصعبَ؛ بسببِ دوامِ إغلاقِ معبرِ “رفح” وفي أفضلِ الظروفِ , إلاّ أنّ الأطفالَ تجاوزوا عثراتِ النجاحِ، وخاضوا غمارَ التحدي، بأنْ يكونوا الأذكَى عقلياً على مستوى العالمِ، ومن داخلِ غزتِهم المحاصَرةِ .
“السعادة” وقفتْ مبتهجةً أمامَ النجاحاتِ الخارقةِ؛ التي حقّقها أطفالُ غزةَ رغمَ صعوبةِ واقعِهم، ورغمَ توالي العقباتِ القائمةِ، وكثرةِ العراقيلِ الجاثمةِ وسطَ سبُلِ الوصولِ لمنصّةِ المسابقاتِ العالميةِ بينَ أطفالِ العالمِ .
ممنوعٌ من السفرِ !!

الطفلُ “علي الحساينة” وقفَ أمامَ أعتابِ مقرِّ برنامجِ حسابِ الذكاءِ العقلي باكياً، وقتَ أنْ أخبرتْه مديرةُ البرنامجِ أنّ كلَّ السبُلِ باتت مغلقةً في الوصولِ إلى أرضِ المسابقةِ هذا العامَ , والتي شارفَ موعدُها على الاقترابِ، دونَ فائدةٍ بانتظارِ فتحِ معبرِ “رفح” الحدوديّ، ودونَ قَبولِ الاحتلالِ بإنجاحِ التنسيقِ، بإدخالِه وبقيةِ الأطفالِ عبرَ معبرِ “إيرز”.

يقولُ الطفلُ علي :”أنا لستُ طفلاً صغيراً كأيِّ طفلٍ في هذا العالمِ!! , فقد تعلمتُ في هذا البرنامجِ كيف تكونُ دولةُ فلسطينَ في المقدّمةِ، وأمامَ كلِّ الدولِ، رغمَ أنها محتلّةٌ ومحاصَرةٌ ومُغلقةٌ منافِذُها , ومشاركتي في المسابقةِ المحرومِ من الوصولِ إليها؛ ستكونُ هديةً لتحريرِ فلسطينَ”.

يتابعُ الطفلُ بكلماتِه وبراءتِه :”لأنّ في غزةَ أطفالاً أذكياءً، يستطيعونَ فكَّ الحصارِ عنها، يغلقونَ المعبرَ ليمنعونا من السفرِ , فهُم يَعلمونَ أنّ الأطفالَ يفكرونَ ويُبدِعونَ، ولو كانوا يعيشون أيامَ الحربِ والقصفِ والدمارِ وتخويفِ الأطفالِ”.
الطفلُ “الحساينة” والذي يبلغُ عشرةَ أعوامٍ؛ أعدَّ أوراقَه الرسميةَ، واستعدَّ للسفرِ لخوضِ غمارِ المسابقةِ، حاملاً بداخلِه العزمَ بأنْ يحصلَ على المرتبةِ الأولى، كما سبقتْهُ قرينتُه “أريج المدهون” والتي حصلتْ على المركزِ الأولِ عالمياً في ذاتِ البرنامجِ، بعدَ انتهاءِ حربِ “حجارةِ السجيلِ” مباشرةً .

وحصلَ البرنامجُ على عدّةِ مراكزَ متقدمةٍ دولياً، خلالَ المسابقاتِ المنعقدةِ في “ماليزيا” , والتي كانت آخِرَها بعدَ انتهاءِ حربِ حجارةِ السجيلِ , حيثُ استحوذَ خلالَها أطفالُ غزةَ على المركزِ (الأول والثاني والثالث والرابع والخامس) في ذاتِ المرحلةِ , ما سجّلَ نجاحاً كاسحاً للبرنامجِ، ووضعَ غزةَ وفلسطينَ في مقدّمةِ الدولِ المنافِسةِ.

( 139)مسألةً

“ميار الطائي” والتي خرجتْ من خلفِ أسوارِ الحصارِ بإرادةٍ تَحفُّها القوةُ ,رغم ما واجهتْه من عقباتٍ على المعبرِ الفلسطينيّ المصريّ؛ إلاّ أنها حملتْ الإصرارَ بجَعبتِها؛ على أنْ تثبتَ للعالمِ أجمعَ أنّ الإبداعَ ما زال ينبضُ في عقولِ أطفالِ غزةَ؛ رغمَ قِلّةِ وضعفِ وشُحِ الإمكاناتِ، مقابلَ ما يُمنَحُ  لأطفالِ العالمِ .

الطفلةُ “الطائي” الأولى التي تأهّلتْ للخروجِ من غزةَ؛ لمنافسةِ أطفالِ العالمِ كتجرِبةٍ مبدئيةٍ لسيرِ البرنامجِ في قطاعِ غزةَ , لتحصلَ على المركزِ الرابعِ بينَ تسعِ دولٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ .

والدةُ الطفلةِ “الطائي” عبّرتْ عن افتخارِها بابنتِها قائلةً :”خرجتْ ابنتي إلى “ماليزيا” برفقةِ أخيها الأكبرِ، دونَ وجودي معها , على العكسِ من المتسابقينَ الآخَرينَ الذين كانوا برفقةِ أُسرِهم؛ خوفاً على أبنائهم من الارتباكِ، عندَ خوضِ غمارِ المسابقةِ، التي تستغرقُ ثمانيَ دقائقَ لحلِّ أعقدِ المسائلِ الحسابيةِ، دونَ أدواتٍ مساعدةٍ سِوى التخيّلِ العقليّ “.

وتابعتْ :”أبناءُ فلسطينَ جبّارونَ، فهُم أصحابُ عقولٍ مبدِعةٍ بالرغمِ من الإمكاناتِ القليلةِ والصعبةِ؛ إلاّ أنهم يُثبِتونَ  للعالمِ بأَسرِه أنهم يُبدِعونَ، ليكسِروا عَتمةَ السجنِ والسَّجان”, مرسِلةً دعوتَها إلى أطفالِ غزةَ بممارسةِ أعمالِهم الإبداعيةِ؛ ليُثبتوا للعالمِ أنهم أصحابُ عقولٍ كبيرةٍ لا يستطيعونَ حصارَها ولا كسْرَها؛ حتى لو أغلقوا المعابرَ، ومنعوا المُبدعينَ وأصحابَ العقولِ من تحقيقِ أحلامِهم .

وتأهلّتْ “الطائي” للمسابقةِ الدوليةِ؛ عن طريقِ برنامجِ الحسابِ العقلي؛ الذي يختصُّ بإعمالِ العقلِ، وكانت المسابقةُ عبارةً عن حلِّ( 139) مسألةً حسابيةً مُعقّدةً خلالَ ثماني دقائقَ , حيثُ يختصُّ المركزُ بالأطفالِ المُبدعينَ تحتَ سنِّ (الثاني عشر)، وبعدَ سنِّ (الخامسة) .

وكانت المسابقةُ بالتنافسِ مع تِسعِ دولٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ؛ برزتْ فيها الغزيّة “ميار الطائي” , والتي قدّمتْ مسابقتَها لغزتِها  وعدَّتْها إنجازاً فلسطينياً بينَ دولِ العالمِ، والذي تشاركُ فيه غزة لأولِ مرّةٍ، بعدَ تأسيسِ مقرِّ البرنامجِ , كما ويُذكرُ أنّ المسابقةَ تُعقدُ مرَّةً في كلِّ عامَين .

عقولٌ ذكيةٌ

وتقولُ مديرُ البرنامجِ فرع غزة لـ”السعادة” مي شحادة :”الالتحاقُ بالبرنامجِ يحتاجُ لبعضِ المعاييرِ؛ بأنْ يكونَ الطفلُقد تخطَّى عُمرَ الخامسةِ؛ ليتمكنَ من قراءةِ الأرقامِ بنجاحٍ , فضلاً عن تخطِّيهِ لاختبارِ القَبولِ , وكذلك لا يزيدُ عمرُ المتقدّمِ عن اثنَي عشرَ عاماً , مما كشفَ الحجابَ عن آلافِ العقولِ الذكيةِ بينَ أطفالِ غزة “.

وتابعتْ “شحادة” قولَها :” من أجلِ أنْ نقفَ بثباتٍ في مجتمعِ المعرفةِ على خريطةِ العالمِ؛ التي لم تَعُدْ تتسِعُ إلاّ لمَن يضعُ التعليمَ على قائمةِ أولوياتِه, و حيثُ إنّ إعدادَ قادةِ الدولةِ المُستقبليِّينَ مسؤوليةٌ جماعيةٌ على عاتقِ الجميعِ , كان لابدَّ من استثمارِ الطاقاتِ الكامنةِ لدَى أطفالِنا، بتقديمِ الخدمةِ التعليميةِ التي تَمنحُهم تعليماً مميّزاً ، و ترقَى بمهاراتِهم و قدْراتِهم ليَشُقوا طريقَهم نحوَ المستقبلِ بِخُطىً ثابتةٍ “.

وتحدّثتْ “شحادة” عن فكرةٍ جديدةٍ؛ أُضيفتْ إلى جانبِ البرنامجِ كجانبٍ إثرائيٍّ لدَى الطلبةِ بقولِها :” أضفْنا مبدأَ التفكيرِ الإبداعيّ؛ ليستهدفَ تنميةَ قدراتِ الأطفالِ العقليةَ، وتطويرَ مهاراتِ التفكيرِ لديهِم، ليتمكّنَ الطالبُ من مواكبةِ العصرِ، والتعاملِ مع معطياتِه بأسلوبٍ عِلميٍّ، وتفكيرٍ مستنيرٍ, وتقويةِ مهاراتِهم في اللغةِ الإنجليزيةِ، فقد انتهجَ المركزُ اعتمادَ التدريبِ على برنامجِ حسابِ الذكاءِ العقليّ؛ باستخدامِ اللغةِ الإنجليزيةِ بشكلٍ أساسٍ، وبدرجةٍ تُناسبُ مستوى الطلبةِ وقدْراتِهم، بما يساهمُ في تنميةِ الأداءِ اللغويِّ لدَيهم جَنباً إلى جنبٍ مع المهاراتِ التي يتضمنُها البرنامجُ، و في إطارِ الثورةِ التكنولوجيةِ “.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى