“سَدَاد ودِين”

بقلم: تسنيم محمد
يُقالُ إنَ المَرَايا صادقة، لكن قدْ تكذِبُ المرايا، إن كانَ ما يُفترَضُ أن تعكِسَهُ ليس جُرْماً مُشَاهَداً..تَصْدُقُ المرَايا في إظهارِ الحجمِ واللونِ والتّفاصيلِ الحسيةِ، لكنّها في الأعماقِ التي تختبئُ تحتَ سطحِ المظاهرِ..قطعاً كاذبة!!
المرايَا ضحلةُ الرُؤية، تخافُ الغوصَ في المكنونات، لذا استبدَلتُها بمرآةٍ من نوعٍ خاص، ثاقبةِ النظر، عميقةِ الفهم..
وهنا..لن تكذبَ المرايا!
“سَدَاد ودِين”
أم خميس (موظفةُ الوكالة)، تُحادِثُ قَريبَتَها (موظفةَ الوَكالةِ أيضاً) أم جمعة علَى التيليفون، يبحَثْنَ أمْرَ زِيارَةِ قَريبَةٍ ثَالِثَةٍ مستُورةِ الحال:
أم خميس: ما الهديةُ التّي قرّرتي اصطحابَها لأم إسماعيل؟
أم جمعة: هديّةٌ في مُنتَهى التّواضُعِ طَبعاً، مِثلَ التّي أحضَرَتْهَا هِي فِي آخرِ زيَارِة لِي، مُهنّئَةً بانتقَالِي إلَى بيتِي الجَديد رقم (4)!
أم خميس: لقَدْ كُنتُ أُفكّرُ فِي اصطحَابِ شيءٍ أفضَل، فَهِي لا تستَطِيع شِراءَ هدِيّةٍ ثمينة، أمّا أنا فلا مشكِلَةَ لديّ.
أم جمعة: ولماذا تفعلينَ ذلِك، ألَمْ تسْمَعِي قَولَ أُمّكِ الشّهِير “كُلُّه سَداد ودِين”؟
أم خميس: بَلَى، وهذِهِ الزّيارةُ دَينٌ علَيّ، فلا بأسَ إن سدَدْتُها بِأَكْثَرَ قَلِيلاً مِن قِيمَتِها.
أم جمعة: لا تَكُونِي حمقاء! المَقصِدُ منَ المَثَلِ أنْ تُعِيدِي لِكُلِّ شَخْصٍ هَديّتَهُ بذاتِ القِيمة، وإلا فَسيظُنوُّنَكِ غنيّة، ويُقَصّرُونَ فِي زِيارَتِكِ وَمُهاداتِك، ولَيسَ بَعِيدَاً أن تَطْلُبَ إحْدَاهُنَّ مِنْكِ إِقْرَاضَهَا بعدَ ذلك، فالنّاس “مَبِتْوَرُّوشْ وِجِه”!
أم خميس: حَقّاً؟ لَمْ أُفَكِّرْ فِي ذَلِك..رُبَّمَا أنْتَ علَى حَق.
وتنتهِي المُباحثاَتُ بالمُصادَقَةِ علَى رأيِ خبيرَةِ المُجتمَع أم جمعة، ليَظَلَّ الرَّخَاءُ “دُولَةً بينَ الأغنياءِ منهم”.