كتاب الثريا

المرأةُ هي الأقوى

بقلم: د. عطا الله أبو السبح النائب في المجلس التشريعي

سادَ مفهومٌ خاطئ حتى بين المتعلمينَ ، ويتجاوزُ إلى المثقفينَ ، مَفادُه أنّ المرأةَ أضعفُ من الرجلِ ، وأقول: هو مفهومٌ خاطئ فِعلاً؛ فبنظرةٍ فاحصةٍ لدورِ المرأةِ في الحياةِ؛ نجدُ أنه أهمُّ وأخطرُ من دورِ الرجلِ ، فلقد زوّدَها اللهُ بطاقةٍ هائلةٍ لتحمُّلِ آلامِ الحملِ والمخاضِ والوضعِ ، وهي طاقةٌ لا تتوفّرُ في مائةٍ من الرجالِ ، وقد زوّدَها بقُدراتٍ تهزمُ أشدَّ الرجالِ،  وبذا صرّحَ القرآنُ بأسلوبِه الرائعِ فقال : “….. واهجروهُنّ في المضاجعِ …..” ولم يقُلْ من المضاجعِ ، مؤكّدا على ساحةِ النزالِ، وهي فراشُ الزوجيةِ، فإذا تأبّى عليها، وأعرضَ عنها فليَصمدْ في الميدانِ، وهو – في الغالبِ – مهزومٌ -لا محالةَ- إذا ما أشهرتْ تُجاهَه سلاحَها، ، والمتمثلَ في دلالِها وزينتِها وإغرائها،  والذي – السلاح- سرعانَ ما يحقّقُ انتصارَها وفوزَها على انزوائهِ في رُكنِ الفراشِ، وقد أعطاها ظهرَه .. فينكسرُ كلُّ ذلك ويذوبُ الجليدُ المصطنَعُ، فيُقبلُ بوَجهِه وتنفكُّ عقدةُ لسانِه؛ معاتِباً ثم واعِظاً ثم مُذعِناً ، ثم إنّ المرأةَ هي حافظةُ سِرِّ الرجلِ ، والحافظُ أقوى من صاحبِ السرِّ ، يَحذرُ دوماً من أنْ تفشيَ سِرَّه ، وخاصةً إلى خصومِه، فتجعلُ منه أضحوكةً ، وتنزلُ به إلى الدركِ الأسفلِ، بعد أنْ بنَى وارتقَى .. وليس هناك من رجلٍ كاملٍ قط …..

استمعتُ إلى حوارٍ بينَ أربعِ طالباتٍ، وقد انفردتْ إحداهنَّ بمعظمِ الحديثِ؛ لمسافةٍ تزيدُ عن ثلاثينَ كم، وقد جمعتْنا سيارةٌ .. كانت تتعمدُ أنْ ترفعَ صوتَها، وكُنّ يجلسنَ خلفي .. لم تُبِقَ المتحدثةُ من نقيصةٍ إلاّ وألصقتْها بزوجِ أختِها .. بينما أختُها ملاكٌ طاهرٌ لا تبدو منها زلةٌ واحدة ٌ.. أشفقتْ في داخلي عليه .. حتى لم أعُدْ أطيقُ المزيدَ من  الشفقةِ ، فاقتحمتُ عليها الحديثَ بسؤالٍ .. ثم آخَر .. ليتبيّنَ أنها أهلكتْ الرجلَ الذي لا يستحقُّ الهلاكَ ولا الإهلاكَ … وتخيلتُ وقعَ  الكلامِ عليهِ في المجتمعِ، فيما لو شاعَ وانتشرَ .. فلقد سحقتْهُ .. لأقولَ: ما أضعفَ الرجالَ! ، وشردَ ذهني إلى “مونيكا ليفنسكي”، التي مرّغتْ أنفَ “بيل كلنتون” في الطينِ، وهو أقوى رجلٍ في العالمِ ، إذ بكبسةِ زرٍّ يستطيعُ أنْ يفجّرَ الصين بصواريخِه العابرةِ للقارات ، وقاذفاتِ (F) بأرقامِها التصاعديةِ ، والتي دكّتْ جبال “تورا بورا” العاتية ، وحرقتْ بغداد وجيشَ العراقِ الأقوى في الشرق الأوسط ..
بل وقد ثبتَ أنّ المرأة هي الأشدُّ خطراً على الرجالِ، بحديثِ النبي صلى الله عليه وسلم ( ما تركتُ فتنةً بعدي أشدَّ على الرجالِ من النساءِ … ) الحديث ..

وطاقاتُ المرأةِ إنْ تمَّ توظيفُها في الخيرِ؛ كانت من أعظمِ الوسائلِ لبناءِ أسرةٍ ومجتمعٍ ودولةٍ وحضارةٍ، ليس لها من نظيرٍ … وهي التي تستطيعُ هدمَ كلِّ ذلك، نَعمْ إنّ طاقةَ المرأةِ أضعفُ في التحكُّمِ بعاطفتِها ومشاعرِها ، ولكن ما تملكُ منها كافٍ لأنْ تؤدي دورَها في التربيةِ والإدارةِ والتدبيرِ أكثرَ بكثيرٍ من كثيرٍ من الرجالِ المشهورينَ برباطةِ الجأشِ ، وفي نفسِ الوقتِ إذا زاحمتْ الرجلَ فيما يلزمُ من رباطةِ جأشٍ فإنها تُبدِعُ، بل وتتفوقُ أحياناً ، وقد تجلّى ذلك في تفوُّقِ بعضهِنّ في قيادةِ الطائراتِ المقاتلةِ القاذفةِ بأبشعِ أدواتِ القتلِ والموتِ ، وفيما أجرتْه طبيباتٌ تخصّصنَ في جراحةِ القلبِ والعظامِ والعيونِ… حتى في الأمراضِ الخبيثةِ، مما يَلزمُ له طاقاتٌ تزيلُ الجبالَ ، في الوقتِ الذي أخفقَ فيها بعضُ الرجالِ ..

وأُقِرُّ وأنا بكاملِ قوايَ العقليةِ أنّ كثيراً من النساءِ أقوى من كثيرٍ من الرجالِ في العبادةِ، وأداءِ فروضِ الطاعةِ وسنَنِها وآدابِها ، فمنهُنَّ الأكثرُ قياماً ، وتلاوةً للقرآنِ .. وعطاءً وبذلاً .. الأمرُ الذي يدفعُني أنْ أقولَ : ليطالبْ الرجالُ بالمساواةِ مع النساءِ ، وليس العكسُ .. وصدقتْ جدّتي عندما قالتْ : إذا أردتَ أنْ تفضحَ رجلاً؛ فسلّطْ عليه امرأةً ، أكيد إنها ( بتجيب أجله ) ويكفي أنه يَحذرُ ألفَ مرّةٍ من رفعِ  الصوتِ عند الخلافِ معها ، وأمّا هي فتَجمعُ عليه أُمّةَ لا إله إلا الله إذا ( لطشها كف ) في الغالبِ … ولا ننسى أنها يومَ القيامةِ تسوقُ أربعةً من الرجالِ إلى جهنمَ، أو تقودُهم إلى الجنةِ !! فمَن هم يا ترى ؟

وليسامحني الرجالُ والنساءُ على السواءِ

وإلى المُلتقى إنْ أفسحَ اللهُ لي في الأجلِ ،،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى