كتاب الثريا

شقائقُ النُعمانِ

بقلم الكاتبة : سميرة نصار

شقائقُ النعمانِ لم يكنْ في حياتي مُجردَ اسمِ زهرةٍ  بريّةٍ تنبُتُ على سفوحِ جبالِ  فلسطينِنا  الجميلةِ،  بل كان   أيضاً  اسماً لبرنامجٍ إذاعيٍّ عشتُ معه ،وعاش معي ما يقاربُ أربعَ سنواتٍ ونيّفٍ،  قد قمتُ  بتقديمِه عبر أثيرِ إذاعةِ الأقصى وقد  كانت آخِرُ حلقاتِه في نهايةِ شهرِ أكتوبر /تشرين أول.
فبرنامجُ  “شقائقِ النُعمانِ”  كان  برنامجاً   موَجَّهاً للمرأةِ بالدرجةِ الأولى، حملَ بين ثناياهُ الموضوعاتِ المختلفةَ التي تهمُّ المرأة و أسرتَها  وفِكرَها   ووعيَها،  و ما  يدورُ في دنياها  ويتعلقُ    بآخِرتِها .

حاولتُ من خلالِ حلقاتِ البرنامجِ بناءَ جسورِ الوُدِّ والاحترامِ  مع الجمهورِ المُستهدَفِ؛  لأنّ العلاقةَ بين مُرسلِ الرسالةِ الإعلاميةِ والمُستقبِلِ لها؛ يجبُ أنْ تكونَ علاقةً قائمةً على الاحترامِ، وكذلك الاقتناعِ بمُرسِلِ الرسالةِ حتى يستطيعَ  أنْ  يؤثّرَ في  جمهورِه، ويتركَ صدىً رجعياً إيجابياً  لرسالتِه.
كما أني  كنتُ دائماً أشعُرُ بالانتماءِ  لبرنامجي “شقائق النعمان” إذ أنه مِني، وأنا منه،   فهو من صُنعي رؤيةً وفكرةً،  وإعداداً وتقديماً، وكذلك كتابةُ نشيدِه الذي كان مُعبِّراً عن البرنامجِ ،وكما أنه  زادَ لشخصي الكثيرَ  من المعرفةِ والمهاراتِ، كنتُ أرتشِفُها من الإعدادِ ومن ضيوفِ الحلقاتِ، و من جمهورِه الذي كان أكثرَ من راقي .

فالعملُ الإعلاميّ يعطيكَ بقَدرِ عطائكَ له،  فالإعلاميُّ الناجحُ مَن قدّمَ كلَّ ما لديهِ، وبذلَ أقصى جُهدِه ؛ ليخرجَ برسالةٍ إعلاميةٍ   تؤثّرُ في المسارِ الفكريّ والعمليّ للجمهورِ المُستقبِلِ.

كما أنني حاولتُ  على قدْرِ الإمكانِ  كسْرَ بُعدِ المألوفِ في العملِ الإذاعيّ؛  للخروجِ بعملٍ ذي بصمةٍ خاصةٍ، تحملُ ملامحَ شخصيةِ القائم ِبها، وكذلك الهروبِ من الرتابةِ التي تسارعُ في هرمِ العملِ الإذاعيّ ، حيثُ أنّ “شقائق النعمان” ودّعَ الأثيرَ  وهو في رَيعانِ الشبابِ،  وهذا ما أكّدَه جمهورُ البرنامجِ في حلقتِه الأخيرةِ، عبرَ رُدودِهم على انتهاءِ البرنامجِ ،فكَمْ أسعدتْني تلكَ الردودُ، وتلك المداخلاتُ والرسائلُ، حيثُ أنني لمستُ جهدَ العملِ  في  تلك السنواتِ الأربعِ،  فلم تكنْ جزافاً، ولم تَمضِ هباءً، بل كان لها أثرٌ  على جدرانِ القلوبِ، ونورِ العقولِ .

أُنزِلَ الستارُ على “شقائق النعمان”  ولكنه سيبقى تجرِبةً جميلةً تحملُ الكثيرَ من المشاعرِ والذكرياتِ وسيَبقى مميّزاً في ذاكرتي مَهما تعدّدتْ الأعمالُ بعدَ ذلك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى