كتاب الثريا

ما بينَ المرأةِ السياسيةِ والمُثقّفةِ

يقلم: إبراهيم المدهون

مازلتُ مقتنعاً أنّ النساءَ والعملَ السياسيَّ لا يلتقيانِ، فالسياسةُ تأخذُ من أنوثةِ   المرأةِ وطبيعتِها وتَقسِمُ  ما بها من لِين، وتُدخلُها في أجواءٍ لا تتناسبُ وصفاءَ روحِها؛ التي تعتمدُ على الألفةِ والخيرِ والحبِّ ،وهذا لايعني أنْ لا تتحدثَ في السياسةِ، أوتكتبَ عنها، وتحلّلَ أحداثها، وتقولَ رأيها، وتناقشَ في منتدياتِها، وتحاورَ تفاصيلَها الكثيفةَ المتلاحقةَ، ويكونَ لها موقفٌ ما، وإنما ألاّ تتورطَ بمناصبَ سياسيةٍ، وعملٍ يأخذ منها أكثرَ مما يعطي، ويستنزفُ قدراتِها بعيداً عن طبيعتِها النافرةِ من كلِّ قسوةٍ.

فالحياةُ السياسيةُ مرهِقةٌ متعِبةٌ؛ تحتاجُ لقرار اتٍ مصيريةٍ قاسيةٍ، لها تداعياتٌ نفسيةٌ خطيرةٌ، قد تؤدّي للغدرِ والعنفِ وإراقةِ الدماءِ، وحصارِالأعداءِ وتجويعِهم، وهذا كلّه يتضادُّ مع رحمةِ وعاطفةِ المرأةِ.

وهذا لايعني عدمَ وجودِ سياسياتٍ ناجحاتٍ؛ استطعنَ الأخذَ بزمامِ المبادرةِ، وقيادةِ الدولةِ، واتخاذِ القراراتِ الشجاعةِ والحكيمةِ والقويةِ، إلاّ أنّ عددهنّ قليلٌ، وبالتأكيدِ أخذَ منهنّ الكثيرَ، لهذا أرفضُ دخولَها “التشريعي والبلدياتِ والوزاراتِ” وعلينا عدمُ إقحامِ المرأةِ غصباً بمِثلِ هذه المناصبِ، مع عدمِ المنعِ والحظرِ، فهو حقُّها من غيرِفرضٍ.

لكنّ العملَ الثقافيَ والفني الذي هو مِرآةٌ لها… ففيه تنشرُالخيرَوالجمالَ والعاطفةَ، وتُخضعُ لنا الحياةَ، وتعالجُ إشكالياتِها بمهارةٍ، وستجدُ الثقافةَ والفنَّ أقربَ لروحِها، بعكسِ السياسةِ البعيدةِ عنها، ومن خلالِ كتاباتِها أو رسوماتِها وأشعارِها  تُخرجُ المرأةُ أجملَ ما فيها وأرَقَّه،وستجدُ لأعمالِها الثقافيةِ الأثرَ الطيبَ والأجملَ.

كما أنّ العملَ الثقافيَ؛ لا يتأثرُ بدورِها الأساسِ في الاهتمامِ ببيتِها، والاعتناءِ بأسرتِها، وتربيةِ أبنائها، بل يكاملُه و يعاضدُه، فالمرأةُ المثقفةُ هي الأقدرُعلى إخراجِ جيلٍ بنّاءٍ خَيّرٍ متفتحٍ قادرٍعلى التغييرِوالارتقاءِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى