
إعداد: أمينة رجب زيارة
صفةُ “العجرفةِ والرسميةِ الزائدة” التي رسمتْها بعضُ العيونِ الناقدةِ لهذا المذيعِ، جعلتني أهابُ الاتصالَ به، فكان البابُ الموارَبُ هو زوجتُه الصديقةُ المتواضعةُ، والتي رحّبتْ بسعادةٍ، وفي دقائقَ جاء صوتُه الواثقُ يعلنُ استقبالَ “السعادة” بكلِّ حبٍّ وترحابٍ، وكأنّ لسانَ حالِه يقول: “هي وِجهتي التي ستُساعدُني على توضيحِ الصورةِ المغلوطةِ عن “راجي” الرسمي الذي لا يضحك” والتي لم أستطعْ إظهارَها على شاشةِ التلفاز، فكان اللقاءُ الذي جمعَ بين الاستفزازِ بما يحملُ من أسئلةٍ؛ هي من عمقِ الشارعِ الغزي، والابتسامةِ والبساطةِ التي اكتشفتْ “السعادة” بأنها “سِمَةُ وطبيعةُ “راجي” الاجتماعية الحقيقية”.
هل لك أنْ تقدّمَ بطاقةً تعريفية؟
راجي عبد العليم الهمص، من مواليد (11/10/1986 ولدتُ في مدينةِ رفح الصمودِ، ثم انتقلتُ للعيش في مخيمِ النصيراتِ؛ لأعيشَ في كنفِ جدّي –رحمَه اللهُ- عقبَ انفصالِ والدي، فكنتُ وحيدَ أمي مع اثنتينِ من الأخواتِ، باعتباري المدلّل بينهنَّ، متزوجٌ من المرأةِ العظيمةِ والرفيقةِ الحانيةِ “إسراء كمال الحاج” ولي من الأبناء “مالك، وعبد الله”، ودرستُ في مدارسِ مخيمِ النصيراتِ الابتدائيةِ والإعداديةِ والثانوية، وكنتُ من أوائلِ الطلبة بحمدِ اللهِ، ودعمٍ من أخوالي وجدّي وجدتي، الذين وفّروا لي كلَّ الإمكانياتِ اللازمةِ، ومن ثَم حصلتُ على دبلومِ إعدادِ القادةِ، والتحقتُ بعدها بجامعةِ الأُمةِ، ودرستُ في قسمِ الإعلامِ، والآنَ طالبٌ ضمنَ الدفعةِ الرابعةِ في برنامج ماجستير الإعلامِ بالجامعةِ الاسلامية.
موهبةُ الارتجالِ والإلقاءِ، متى اكتشفتَها؟ وكيف طوّرتَها؟
الإلقاءُ والارتجالُ والاسترسالُ موهبةٌ حباني بها اللهُ جلَّ وعلا، منذ كنتُ في الصفِّ السابع،ُ عندما كنت مقدِّماً للإذاعةِ المدرسية، وكنتُ ألقي الشعرَ، وحصلتُ على المركزِ الأولِ على مدارسِ مخيمِ النصيرات، ثم أصبحتُ عضواً أساساً في جميعِ فقراتِ الإذاعةِ المدرسية، وفي الصف الثامنِ كنتُ ضمن طلابِ الكتلةِ الإسلاميةِ، وكنت عريفاً لأيّ نشاط، ومن ثم في الصف التاسعِ تطورتْ موهبتي، وأصبحتُ أقرأُ بدونِ ورقٍ وبصورةٍ مسترسلةٍ، وكان للمسجدِ وحفظِ القرآنِ الكريمِ دورٌ كبيرٌ في تحسينِ الصوتِ ومخارجِ الحروفِ، وهذا ما حدثَ معي، فقد بدأتُ في حفظِ القرآنِ الكريمِ من الصف الثاني الابتدائي، وانتهيتُ من حفظِه في الثاني الثانوي، وقد منحني هذا الحفظُ سلاسةً في الحديثِ، ومخارجَ صوتٍ رائعةٍ، ودِقةً في اللغةِ وتحسينِ الصوتِ.
لاحظَ الجمهورُ الفلسطيني خلالَ برامجِك عبرَ الفضائيةِ بعضَ الحركاتِ والايماءاتِ، هل أنت عفويٌّ بطبعِك أَم متصنِّع؟
أنا إنسان عفويٌّ جداً، وصاحبُ نكتةٍ، وكلُّ ما يَصدرُ عندي ليس تصنُّعاً، بل يكونُ بصورةٍ عفويةٍ، فأنا إنسانٌ متواضعٌ، وهذه شهادةٌ كلُّ من يَعرفُني، فأنا لا أتقنُ التصنُّع.
هل أنتَ مغرورٌ ومتعجرفٌ؛ كما تُظهِرُك شاشةُ الفضائية؟
تتّسعُ ابتسامتُه، فتتغيرُ ملامحُ وجهِه القاسيةُ ويقول: أنا لستُ مغروراً ولا متعجرفاً، بل واثقاً زيادةً في نفسي وقدراتي، وتَظهرُ هذه الصفاتُ على الشاشةِ، ومن ثَم يشعرُ من يتابعُني بأنني مغرورٌ ورسميٌّ جداً، فحركاتُ وجهي وعيناي مستفِزةٌ، مع أنها صفةٌ إعلاميةٌ جيدةٌ يتمناها الكثيرُ من المذيعينَ؛ لأنّ المذيعَ البارعَ هو الذي يتحدثُ بلغةِ جسدِه، لذا أنا إنسانٌ بسيطٌ واجتماعيّ، وأحبُّ الناسَ كثيراً، وهذه الصفةُ اكتشفَها والدُ زوجتي، ويدافعُ عني في كلِّ المواقفِ.
حديثُك المسترسِلُ عبرَ الشاشةِ؛ يعطي انطباعاً للناسِ بأنك ثرثارٌ، هل هذه الصفةُ موجودةٌ فيك؟
أحياناً أجدُ نفسي ثرثاراً، وذلك لأنني أعرفُ بأنّ المُشاهدَ والمستمعَ وقتُه ضيقٌ جداً، مع كثرةِ وسائلِ الاتصالِ والتكنولوجيا التي تحاولُ أنْ تسحبَ البساطَ من تحتِ أقدامِ الوسائلِ الإعلاميةِ التقليديةِ، لذا أريدُ أنْ أمرِّرَ أكبرَ قَدرٍ ممكنٍ من المعلوماتِ في وقتٍ قليلٍ.
هل أنت ومواقعُ التواصلِ الاجتماعيّ، والحاسبُ الآلي “أعداءٌ”؟
صداقتي مع هذه البرامجِ والتحديثاتِ متأخِرةٌ، فلا أجدُ الوقتَ الكافي لمتابعتِها، فصفحتي على الفيس بوك هناك مسؤولون يتابعونَ ويرُدّونَ، وحصلتُ على سبعينَ ألفَ لايك، أمّا الحاسبُ الآلي خاصة الطباعةً؛ فلم ألجأْ لها إلاّ في مرحلةِ الماجستير، خاصة أنني كنتُ أكتبُ برامجي وأفكاري على ورقٍ وبخطِّ اليدِ؛ لأني أجدُ في القلمِ استرسالاً وإتقاناً ومعلوماتٍ كثيرةً.
مع كثرةِ انشغالاتِك، كيف تقضي أوقاتكَ مع عائلتِك؟
رغمَ ضيقِ وقتِ الفراغِ؛ إلاّ أنني أحاولُ تعويضَهم عن هذا الغيابِ والانشغالِ، فآخذُهم في فسحةٍ ترفيهيةٍ إلى مكانٍ مُغلقٍ، أو بيتِ الأقاربِ الذي أجدُ فيه راحتي، كما أنني أحاولُ أن أتواجدَ في الإجازةِ بالبيتِ مع أطفالي ألاعبُهم، وأشكرُ زوجتي الطيبةَ والمربّيةَ الفاضلةَ على تربيتِها واهتمامِها “بمالك وعبد الله” لِيكونا من أبناءِ القرآنِ والمساجدِ.
هل نفهمُ من حديثك بأنك تخافُ الأماكنَ العامة؟
مع أسرتي لا أحبُّ أنْ نخرجَ في أماكنَ عامةٍ؛ منعاً للإحراجِ ونظراتِ الناسِ، مع أنّ زوجتي متفهِمةٌ لعملي، لكنني أنأى بنفسي عن هذه المواقفِ الحرجةِ، لكنني أحبُّ الرحلاتِ الترفيهيةَ مع الأصدقاءِ في الأماكنِ العامةِ، وأنزلُ للشارعِ ضمنَ البرامجِ واللقاءاتِ، فأنا أحبُّ أنْ أكونَ بين الناسِ البسطاءِ، أعيشُ معاناتَهم وأحلامَهم، وكانت لي تجاربُ إعلاميةٌ في الميدانِ؛ عندما عملتُ في إذاعةِ الأقصى ومرئيةِ الأقصى، ومن ثَم برنامجِ “صدى الشارع” الذي أعايشُ فيه همومَ الشعبِ ومطالبَه والدفاعَ عن حقوقِه، وراجي ابنُ مخيمِ النصيرات، ومن قبلُ رفح، وقد تعلمتُ من المخيمِ البساطةَ وحبَّ الناسِ والانخراطَ معهم والاجتماعيةَ الوثيقةَ.
هل لكَ أنْ تُحدِّثَنا عن المرةِ الأولى لظهورِك على شاشةِ التلفاز؟
تجربةٌ مخيفةٌ وفريدةٌ، كان الارتباكُ والريبةُ من مواجهةِ الجمهورِ، وكيف سيَتقبّلون “راجي” الذي كان صوتَهم عبر إذاعةِ الأقصى، فكانت تجربتي على الفضائيةِ عامَ( 2007) حيثُ افتتحتُ النشرة ومن ثَم قُطعَ الاتصالُ لخلَلٍ في كاميرا التصويرِ، وحدثَ هَرجٌ في الاستديو وارتباكٌ، لكنني تداركتُ الأمرَ، وعدتُ مرةً أخرى بطريقةٍ أقوى من السابقةِ، ونجحتُ في مواجهةِ الجمهورِ، وكسرِ الحاجزِ النفسي.
هل لا تزالُ تهابُ مواجهةَ الجماهيرِ؛ سواءً عبر الشاشةِ أو مباشرةً؟
لا… لأنّ عرافةَ مهرجاناتِ حركةِ حماس، ومواجهةَ الآلافِ من الناسِ بشتّى ألوانِ الطيفِ الفلسطيني، أعطتْني مزيداً من الثقةِ والقوةِ ورباطةِ الجأشِ، والسعيِّ نحوَ التميُّزِ، فكلُّ مهرجانٍ أكونُ أقوى من السابقِ، كما أنني على شاشةِ التلفاز أكثرُ ثباتاً واستقراراً، وأقومُ بواجبي ورسالتي الإعلاميةِ على أكملِ وجهٍ.
اعتادَ عليك الجمهورُ ببدلةٍ رسميةٍ، هل تُقيِّدُك؟
البدلةُ الرسميةُ على شاشةِ الفضائياتِ لها قيمتُها وأهدافُها، لكنني لا أحبُّ ربطةَ العنقِ، لذا تجدونني لا ألبسُها بالمُطلقِ، ولكنّ المؤسِفَ أنّ الجمهورَ لا يعرفُني إذا لبستُ الملابسَ العاديةَ، ولذا وجدتُها الوسيلةَ الوحيدةَ للتَّخفي في بعضِ الأحيانِ من المعجبينَ والمعجباتِ الذين يتدخلونَ في خصوصياتي.
الشخصياتُ التي تركتْ بصمةً لها في حياتِكَ العملية؟
المميّزُ “فتحي حماد” كان مدرسةً في الهِمةِ العاليةِ والإخلاصِ في العملِ والتفويضِ والإدارةِ القويةِ والتوكّلِ على اللهِ، إلى جانبِ شخصيةِ د. “محمود الزهار” صاحبِ الشخصيةِ الحكيمةِ؛ التي تَجمعُ بين العلمِ والمعرفةِ المتعمقةِ، وبين البساطةِ والتواضعِ.
كما أحبُّ متابعةَ الداعيةِ الإسلامي الكبيرِ “عمر عبد الكافي” وأنسى نفسي وأنا أتابعُه، ولا أملُّ من دروسِه، أمّا على الصعيدِ السياسي، فأعشقُ شخصيةَ “أردوغان” وأتمنّى أنْ ألتقيَ بهِ في لقاءٍ إعلاميٍّ أو خاصٍّ؛ للتعرّفِ على هذه الشخصيةِ العظيمةِ من قربٍ، وأتعلّمَ من تجربتِه المليئةِ بالمِحَنِ والمِنَحِ.
ما طموحُ المذيعِ راجي الهمص؟
طموحي أنْ أكونَ رئيسَ وزراءِ فلسطين، فلَديَّ مقوماتُ هذه الشخصيةِ؛ من الطلاقةِ والارتجالِ والشخصيةِ القويةِ الواثقة، وأنهي دراسةَ الدكتوراه لتطويرِ ذاتي أكاديمياً ومهنياً.
ما قصةُ مسؤول التفاؤل؟
يبتسم.. في الحربِ كنتُ أخرجُ على الفضائياتِ بابتسامةِ الواثقِ بنصرِ اللهِ، وحفظِه لعبادِه، وأرفعُ من همّةِ الناسِ رغمَ الآلامِ التي عاشوها، بما يتوفّرُ لي من معلوماتٍ تُفرحُ القلبَ دونَ مبالغةٍ أو تهويلٍ، لذا أُطلقَ عليَّ “مسؤول التفاؤل”، بينَ الوسطِ الإعلامي.