الأقصى حبيسُ البواباتِ “الصهيونية”.. والمرابـطونَ خطُّ المواجهةِ الوحيدُ

إعداد- إسراء أبو زايدة
يشهدُ الأقصى المباركُ معركةَ سيادةٍ مع الاحتلال، حيثُ يرمي الأخيرُ إلى فرضِ سيادتِه على المسجدِ الأقصى من خلالِ الإجراءاتِ الجديدةِ على أبوابِه، والتي شملتْ إغلاقَه ومنْعَ إقامةِ الصلواتِ فيه؛ وهذه الاعتداءاتُ التعسفيةُ وما رافقَ الإغلاقَ من اعتداءٍ على مَرافقِ المسجدِ ومصلياتِه، وتدنيسٍ لقدسيتِه، ومن ثَم وضعُ بواباتٍ الكترونيةٍ، وإجراءاتٍ مشدّدةٍ على أبوابِ الأقصى، هي محاولةٌ من قِبلِ الاحتلالِ لتغييرِ الوضعِ القائم، وفرضِ واقعٍ جديدٍ يحاصرُ الأقصى بشكلٍ أكبرَ.
تهويدُ الأقصى :
في ظِلِّ الإجراءاتِ القمعية والمخطَّطاتِ التهويديةِ لبيتِ المَقدسِ وأهلِه، يعلنُ الاحتلالُ إغلاقَ المسجدِ الأقصى المباركِ؛ بعدَ إخراجِ المصلينَ منه في (14/7)، على خلفيةِ العمليةِ التي جرتْ قربَ بابِ الأسباطِ، إضافةً إلى منعِ المصلينَ من إقامةِ صلاةِ الجمعةِ فيه حتى إشعارٍ آخَرَ.
ولم تسمحْ قواتُ الاحتلالِ للقياداتِ الإسلاميةِ ومسئولي الأوقافِ بدخولِ المسجدِ الأقصى، فيما اعتقلتْ (58) حارسًا من حُراسِه، ومع استمرارِ إغلاقِ المسجدِ قامت قواتُ الاحتلالِ باستباحتِه، وتفتيشِ جميعِ مكاتبِ الأوقافِ والمُصلَّياتِ، عابثةً بمحتوياتِه، وحطمتْ العديدَ من الأبوابِ مدَنِّسةً مَرافِقَه ومصلياتِه.
وتبعَ ذلك إعادةُ فتحِ المسجدِ بشكلٍ جزئيّ يومَ الأحدِ في (16/7) وجاء ذلك على لسانِ “أوفير جندلمان” الناطقِ باسمِ رئيسِ حكومةِ الاحتلالِ: ” أنه تقرَّرَ تشديدُ الإجراءاتِ الأمنيةِ؛ بالإضافةِ إلى وضعِ أجهزةِ كشفِ المعادنِ في مداخلِ المسجدِ، ونصْبِ كاميراتٍ خارجَه تراقبُ ما يدور فيه”. وهي خطواتٌ تهدفُ لفرضِ واقعٍ جديدٍ في المسجدِ، والتضييقِ على المُصلّينَ بشكلٍ متزايد.
أثارتْ إجراءاتُ الاحتلالِ الجديدةُ موجةً من الغضبِ لدى المَقدسيينَ، والمرابطينَ، وموظّفي الأوقافِ، وخطباءِ الأقصى، مع رفضِهم الشديدِ لعمليةِ التفتيشِ على أبوابِ المسجدِ. ويستمرُّ المَقدسيونَ بأداءِ الصلاةِ والرباطِ قُربَ أبوابِ المسجدِ، لرفضِهم المرورَ عبرَ هذه البواباتِ، وتندلعُ المواجهاتُ مع قواتِ الاحتلالِ بين الحينِ والآخَرِ.
وحولَ بقاءِ البواباتِ الإلكترونيةِ صرّحَ رئيسُ حكومةِ الاحتلالِ بأنّ هذه البواباتِ ستَبقى، وأنّ قرارَ إزالتِها “لن يَمُرَّ من خلالي” على حدِّ تعبيرِه، وتأتي تصريحاتُ “نتنياهو” ردًا على المعلوماتِ التي أفادتْ بأنّ شرطةَ الاحتلالِ ستزيلُ البواباتِ الإلكترونيةَ، وسيعودُ الوضعُ لِما كان عليه.
التهويدُ الديمغرافي:
ومن جانبٍ آخَر،َ تستمرُّ أذرُعُ الاحتلالِ بهدمِ منازلِ ومنشآتِ الفلسطينيينَ في القدسِ؛ ففي (12/7 )هدمتْ جرافاتُ بلديةِ الاحتلالِ مخازنَ ومَغسلًا للمَركباتِ في منطقةِ الجِسرِ، إضافةً لهدمِ أحدِ المواطنينَ في “بيت حنينا” مَحلَّه التجاريّ؛ ليتجنّبَ الغرامةَ من قِبلِ سلطاتِ الاحتلالِ، وفي (17/7) هدمتْ جرافاتُ بلديةِ الاحتلالِ منزلاً في قريةِ “الزعيّم”، وأصدرتْ سلطاتُ الاحتلالِ إخطاراتِ هدمِ (6) منشآتٍ سكنيةٍ فلسطينيةٍ مموَّلةٍ من الاتحادِ الأوروبي، في تَجمُّع “جبل البابا” البدَوي.
وفي مشهدٍ آخَرَ من التهويدِ الديمغرافي، صادقتْ بلديةُ الاحتلالِ في القدسِ على مخطّطاتِ بناءِ (800) وحدةٍ في مستوطناتِ القدسِ المحتلةِ، من بينِها (276) وحدةً في مستوطنةِ “بسغات زئيف” و(200) وحدةٍ في مستوطنةِ “راموت” و(202 )وحدةً في مستوطنةِ “غيلو”.
شجْبٌ واستنكارٌ :
أثارَ قرارُ الاحتلالِ بإغلاقِ المسجدِ الأقصى المبارك ردودَ فعلٍ عربيّةً عديدةً؛ حيثُ استنكرتْ هذه الخطوةَ كلٌّ من (الكويت، وقطر، ولبنان، والإمارات العربية المتحدة، وجامعةُ الدولِ العربيّة، والاتحادُ العالمي لعلماءِ المسلمينَ، والأزهرُ الشريف)، بالإضافةِ للعديدِ من الفصائلِ والمنظماتِ الفلسطينيةِ في الداخلِ والخارجِ.
وفي السياقِ نفسِه طالبتْ الحكومةُ الأردنيةُ الدولةَ العبريةَ بفتحِ المسجدِ الأقصى “فورًا” أمامَ المصلّينَ، وعدمِ اتخاذِ أيِّ إجراءاتٍ من شأنِها تغييرُ “الوضعِ التاريخيّ القائمِ” في المسجدِ.
وأدانتْ (ماليزيا) إغلاقَ قواتِ الاحتلالِ للمسجدِ الأقصى المبارك، وأضافتْ أنّ العملَ الاستفزازيَّ الذي تقومُ به الدولةُ العبريةُ هو انتهاكٌ صارخٌ لحُرمةِ الأماكنِ الإسلاميةِ المقدّسةِ، وانتهاكٌ خطيرٌ لحقوقِ المسلمينَ في أداءِ شعائرِهم الدينيةِ في أماكنِهم المقدسةِ بحريةٍ.. ومن دونِ أيِّ قيودٍ، وعبّرتْ (تركيا) عن رفضِها لإغلاقِ الدولةِ العبريةِ المسجدَ الأقصى المبارك، ومنْعِ إقامةِ صلاةِ الجمعةِ فيه.
وتبقَى ردودُ الفعلِ العربيةُ رهينةَ الاستنكارِ والشجْبِ، بعيدًا عن أيِّ خطواتٍ عمليةٍ لمواجهةِ الاحتلالِ وسياساتِه التهويديةِ المتناميةِ.