كيف أتغلبُ على اليأس ؟

يجيب عن الاستشارة الخبير التربوي د. جواد الشيخ خليل
أنا شابٌّ أبلغُ من العمر (27) عاماً، أشعرُ باليأسِ يتغلغلُ في أعماقي، ويسكنُ نفسي؛ بسببِ الأوضاعِ الاقتصاديةِ الصعبةِ التي نمرُّ بها، وقلّةِ الوظائفِ… فماذا أفعل كي أتغلّبَ على اليأسِ الذي بدأ يشلُّ حياتي؟ .
اليأس شعورٌ نفسي يتعرَّضُ له الإنسانُ نتيجةَ ضغوطٍ نفسيةٍ (ما)، سواءٌ كان سببُ تلك الضغوطِ أزماتٍ ومشكلاتٍ لم يتمكنْ ذلك الإنسانُ من التعاملِ معها بطريقةٍ ناجحةٍ، أَمْ كان سببُها تقلباتٍ مزاجيةً ، أمْ مغالطاتٍ في فهمِ الأمورِ، وتصوُّرِها على الوجهِ الصحيحِ.
واليأسُ هو درجةٌ من فقدانِ الأملِ بحلِّ مشكلةٍ ما، أو النجاحِ في أمرٍ ما، والشعورُ بالإحباطِ، يصاحبُ ذلك ـ أو يسبقُه ـ نوعٌ من القلقِ والتوترِ والاضطرابِ.
ومن وسائلِ دفعِ اليأسِ:
– تعميقُ الإيمانِ بالقدَرِ خيرِه وشرِّه، واليقينُ بأنّ كلَّ ما يصيبُ الإنسانَ؛ فهو بعلمِ اللهِ وتقديرِه، والعبدُ في مشيئةِ اللهِ… وتحقيقُ هذه الوسيلةِ ـ كأكثرِ الوسائلِ ـ بِيدِ الإنسانِ بعدَ توفيقِ اللهِ، فعليهِ أنْ يقرأَ النصوصَ الشرعيةَ الدالّةَ على هذا المَعنى بِتفهُمٍ وعمقٍ، مع الاطلاعِ على أقوالِ السلفِ وسلوكِهم في التعاملِ مع الأحداثِ .
– قوةُ اليقينِ بقدرةِ اللهِ، وهذا معنى زائدٌ على مُجردِ الإيمانِ بالقدَرِ، فهو استسلامٌ لقضاءِ اللهِ الكَونيّ مع الاحتسابِ، ولكنّ اليقينَ بقدرةِ اللهِ على تغييرِ الحالِ إلى حالٍ أحسنَ؛ هو تطلُّعٌ لفضلِ اللهِ وحُسنُ الظنِّ به، والتوكُلُ عليه؛
– أنْ يتفهمَ الشخصُ أنّ المشكلةَ مَهما كانت من التعقيدِ، أو أنّ الحالَ مَهما كان من السوءِ؛ فإنّ حلَّهما لا يكونُ بغيرِ حلِّهِما، أو الإسهامِ بحلِّهِما، وكما قيلَ (أنْ تضيءَ شمعةً؛ خيرٌ من أنْ تلعنَ الظلامَ ألفَ مرّةٍ .
– أنْ يعتدلَ في نظرِه للأسبابِ التي يتحققُ من خلالِها ما يطلبُ؛ فإنّ التعلُقَ بالأسبابِ، أو المبالغةَ في اعتقادِ أنها الأسبابُ الوحيدةُ؛ يوَلّدُ ردَّ فعلٍ باليأسِ، وشعورًا بالإحباطِ.
– أنْ يعتدلَ في نظرِه للمشكلاتِ والأزماتِ وسوءِ الأحوالِ، فقد لا تكونُ بالصورةِ الموجودةِ في ذهنِ الإنسانِ، وكم كبَّرتْ النفسيةُ المتطرِّفةُ أمرًا صغيرًا، أو مواقفَ يسيرةً؛ فجعلتْ منها فاجعةً أو كارثةً، فتصوّرتْ أنّ حلَّها من الصعوبةِ بمكانٍ.
– التنفيسُ عن المشاعرِ السلبيةِ بطريقةٍ مُعتبَرةٍ شرعًا، كالاتجاهِ إلى اللهِ بالدعاءِ والشكوَى “قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله” أو عرضُ المشكلةِ على أهلِ العلمِ والمختصّينَ، وطلبُ الرأيِ منهم، والتحاورُ معهم؛ شرطَ أنْ يكونَ ذلك طلبًا للحلِّ، لا محاولةً لإقناعِ الناسِ بالفكرةِ اليائسةِ.