اختراعُ جهازٍ يُحوِّلُ لُغةَ الإشارةِ إلى صوتٍ!

تقرير :ابتسام مهدي
دائماً نجِدُ صعوبةً في التواصلِ مع شخصٍ أصَمٍّ؛ لا نعرفُ كيف نوَصّلُ له ما بداخلِنا! ونقومُ بعملِ حركاتٍ عشوائيةٍ غيرِ مفهومةٍ؛ لنُصابَ بالإحباطِ! ونفضِّلُ الصمتَ على التحدُّثِ إليهم! ولكنْ بفضلِ جهودٍ جبارةٍ للخرّيجتَينِ من الجامعةِ الإسلاميةِ (هيا أبو ريّا، وآية الشيخ خليل) 22 عاماً من قِسمِ الهندسةِ الكهربائيةِ؛اللتَينِ قامتا بتصنيعِ جهازٍ؛ يستطيعُ تحويلَ حركاتِ اليدِ إلى صوتٍ بلُغةٍ مفهومةٍ؛ يستطيعُ فَهمَها الجميعُ.
بدأتْ الفكرةُ عند الخرَيجتَينِ بعد أنْ سمِعتا عن قرارِ الجامعةِ بفتحِ قِسمٍ خاصٍّ بالصُمِّ والبُكمِ، فخطرتْ لهما فكرةُ مساعدةِ هذه الفئةِ؛ بتقديمِ خدمةٍ تكنولوجيةٍ مناسِبةٍ لهذه الفئةِ؛ وذلك باختراعِ جهازٍ يحوِّلُ إشاراتِهم إلى كلماتٍ تنطقُ؛ عن طريقِ برنامجٍ يوضَعُ على الهاتفِ الخلويّ، وهو برنامجُ (ابلكيشن اندرويل) بشرطِ أنْ يكونَ الجهازُ يحتوي على (بلتوث) وأنْ يكونَ ناطقاً .
تقولُ الخرّيجةُ أبو ريّا :” صحيحٌ أنّ لغةَ الإشارةِ قد أثبتتْ على المدَى الطويلِ؛ بأنها وسيلةٌ فعّالةٌ؛ تُمكِّنُ من التواصلِ بين الصُمِّ وغيرِهم، إلاّ أنّ الأمرَ يتطلّبُ من الناسِ بعضَ الوقتِ للتعلُّمِ، حيثُ أنَّ الكثيرَ من الناسِ أيضاً_ الذين لديهِم السمعُ_ ليس لديهِم المهارةُ، ويقومونَ باستخدامِ شخصٍ آخَرَ للترجمةِ “.
من هنا تبلوَرتْ الفكرةُ لدَى الفتاتَينِ، فهما يرغبانِ بخدمةِ ومساعدةِ فئةِ الصُمِّ؛ ليستطيعوا التواصُلَ مع المجتمعِ دونَ حرَجٍ، ويَطرحُ الفكرةَ مُشرِفُهم د.”باسل حمد” فَيُوافَقَ عليها, وخاصةً أنه لم يتِمّ اختراعُ مِثلَ هذا الجهازِ في قطاعِ غزة! وإنْ وُجِدَ هناكَ بعضُ المحاولاتِ في الخارجِ؛ لإنتاجِ مِثلِ هذا الجهازِ، ولكنْ بتقنيةٍ مختلفةٍ عن الطريقةِ التي اتّبَعتْها الخرّيجتانِ في إنتاجِ هذا الجهازِ أو برمَجتِه .
والجديرُ ذِكرُه أنه يوجدُ جهازٌ يُترجِمُ الإشاراتِ إلى صوتٍ، ولكنه ضخمٌ بعضَ الشيءِ، ويصعُبُ التنقُلُ بهِ، وهو مرتفعُ التكلفةِ ,كذلك تمَّ في غزةَ إنتاجُ نظامٍ يقومُ بالتعرُّفِ على حركاتِ الجسمِ بالكاملِ، مع التركيزِ على حركاتِ اليدِ، التي يقومُ المتحدِّثُ بالاعتمادِ عليها بصورةٍ أساسيةٍ في التعبيرِ عن احتياجاتِه، عن طريقِ أجهزةِ “الكمبيوتر” التقليديةِ، وطبعاً لا يوجَدُ “كمبيوتر” في كلِّ مكانٍ! واستخدامُه كان على نطاقٍ ضيِّقٍ .
وقبلَ البدءِ باختراعِ الجهازِ؛ بحثتْ الخرّيجتانِ عن قاموسِ لغةِ الإشارةِ للصُمِّ والبُكمِ؛ لمعرفةِ كيف يتمُّ تقسيمُها؟ فوجدَتا أنها تنقسمُ إلى حروفٍ وكلماتٍ؛ كلُّ حرفٍ له إشارةٌ مختلفةٌ، وكلُّ كلمةٍ لها إشارةٌ خاصةٌ بها، وهذا ما حدَّدَ لهم مكوِّناتِ الجهازِ .
وعن تكوينِ الجهازِ الجديدِ؛ تقولُ الشيخ خليل :” الجهازُ يتكونُ من قفّازاتٍ يلبَسُها المستخدِمُ الذي لا يُمكِنُه الكلامُ، ويحتوي كلُّ قفّازٍ على (7) مِجَسَّاتِ حركةٍ في كلِّ أصبعِ مِجَسٍّ, بالإضافةِ إلى مِجَسَّينِ إضافيَّينِ على منتصفِ أصبعِ الإبهامِ والسبّابةِ؛ لأنه يوجدُ حركاتٌ تضغطُ على أماكنَ مختلفةٍ من الأصبعينِ , ويحتوي أيضاً على وحدةِ تحَكُّمٍ مزوَّدةٍ ببطاريةٍ؛ تُرسلُ الإشاراتِ بطريقةِ (البلوتوث) إلى الهاتفِ الذّكي “.
وتضيفُ “الشيخ خليل” أنَّ مِجسّاتِ الاستشعارِ تقومُ بترجمةِ الكلمةِ الناتجةِ عن الحركةِ إلى شفرةٍ رقميةٍ؛ وهي عبارةٌ عن (0و1) التي ترسَلُ بواسطةِ وحدةِ التحكُّمِ، عبْرَ مُرسِلِ (البلوتوث) إلى الهاتفِ الذكي، حيثُ تمَّ تنصيبُ تطبيقٍ خاصٍّ لتحويلِ هذه الشفراتِ إلى كلماتٍ مسموعةٍ، بمساعدةِ قاموسِ بياناتٍ الكترونيٍّ، ضِمنَ البرنامجِ التابعِ لبرمجةِ الجهازِ .
ليس فقط هذا هو عملُ البرنامجِ الذي يتمُّ تنصيبُه على جهازِ الهاتفِ، تقولُ أبو ريّا ” يستطيعُ البرنامجُ تحويلَ الإشارةِ إلى كلماتٍ؛ يمكنُ إرسالُها برسالةٍ نصيَّةٍ إلى أيِّ جهازٍ، كما يمكِنُه حِفظُ كلِّ المحادثاتِ التي تمَّ التحدُّثُ بها خلالَ اليومِ “.
الجهازُ لا يحتاجُ للكثيرِ من الطاقةِ الكهربائيةِ، فهو يَستخدمُ بطارياتٍ عاديةً؛ تستمرُّ لأكثرَ من ستةِ شهورٍ؛ إذا تمَّ استخدامُه بشكلٍ يوميٍّ، بينما البرنامجُ يعتمدُ على قوةِ بطاريةِ الجهازِ المستخدَمِ .
استمرَّ تجهيزُ هذا الجهازِ والبرنامجِ لأكثرَ من ثلاثةِ شهورٍ, وكأيِّ خرّيجٍ ومُخترِعٍ في غزةَ؛ واجهتْهُما الكثيرُ من المصاعبِ، حيثُ قالتْ الشيخ خليل :” لم يكنْ من السهلِ الحصولُ على مِجسّاتٍ، حيثُ تمَّ جلبُها من مصرَ عن طريقِ أقاربٍ لنا، وكذلك جهاز ” أكتفنك ” وهو جهازٌ تفاعُليٌّ مع الشخصِ، ويحوّلُ الإشارةَ إلى أرقامٍ، وبصعوبةٍ استطعنا الحصولَ عليه أيضاً “.
واستطاعتْ الخرّيجتانِ أنْ تحصُلا على حاضنٍ لمشروعهِما، ضِمنَ برنامجِ الجامعةِ المختصِّ بمِثلِ هذه المشاريعِ ,على أملِ أنْ يتِمَّ إنتاجُ عددٍ كبيرٍ من هذا الجهازِ؛ لخدمةِ هذه الفئةِ وخاصةً لدَى الطلبةِ القادمينَ للدراسةِ .
وتحلمانِ كذلك في أنْ تُنتِجا برنامجاً أو جهازاً لتحويلِ العكسيّ، أي يحوِّلُ الكلامَ المُقالَ من قِبلِ الشخصِ الطبيعيّ إلى لغةِ إشارةٍ، ويحوّلُ لغةَ الإشارةِ إلى صوتٍ بِعدَّةِ لغاتٍ، وليس فقط اللغةَ العربيةَ، كما هو مُبرمَجٌ في جهازِهم المُخترَعِ وتطبيقِهم .