اختيار التخصُّصِ الجامعيِّ مسؤوليةُ مَن ؟

السعادة: خاص
بانتهاء مرحلةِ الثانويةِ العامَّةِ؛ تبدأُ مرحلةُ إثباتِ الذاتِ، وتحقيقِ الذات، والبحثِ عن طموحِ الطفولةِ بين الجامعاتِ, وهنا نجدُ الشبابَ بين حَيرةٍ وقلقٍ.. فهو يريدُ دراسةَ التخصُّصِ الذي يهواهُ، والأهلُ يُجبرونَه على تخصُّصٍ آخَرَ، دونَ مراعاةِ أيِّ اهتمامٍ لرغبةِ الشبابِّ، ماذا يريدونَ ؟ فيبقى الشابُّ في صراعٍ بينَ ما يريدُه ويرغبُه هو، وإجبارِ والدَيهِ على تخصُّصٍ مُعيَّن.
الطالبة “نور علي حبوش” 19 عاماً، حاصلةٌ على معدّلِ “97.9”% من فرعِ العلومِ الإنسانيةِ، تقولُ :”اختيارُ التخصصِ الجامعيّ يعتمدُ على الطالبِ نفسِه، وعلى مهارتِه و شخصيتِه وميولِه، بمشارَكةِ الوالدينِ في اتخاذِ القرارِ، ومناقشتِهم والاستماعِ لآرائهِم ونصائحِهم، فهذا ممّا لا شكَّ فيه له دورٌ في دعمِ اتجاهِ ما أُقرِّرُ .
وتضيف :” منذ الصغرِ وأنا أرغبُ في دراسةِ الإعلامِ، ولدَيَّ المقوّماتُ في شخصيتي، ما تؤهِّلني لذلك، بعِلمِ والداي، فاحترموا رغبتي، وشجّعوني على قراري، فكثيرٌ ما أتحدثُ عن قضيتي ومجتمعي وما يواجِهُه، فأريدُ أنْ أخدمَ قضيتي؛ من خلالِ توصيلِ رسالةِ شعبي للعالمِ أجمعَ، ونقلِ صورةِ الصمودِ والتحدي والإرادةِ لهذا الشعبِ الجبارِ .
واتفقتْ معها “رولا عبد الصمد” -التي حصلتْ على معدّل “80 % ” ،تخصُّص علمي- بأنّ اختيارَ التخصصِ يَرجعُ إلى الطالبِ نفسِه في تقريرِ مصيرِه، ما دام لديهِ القدرةُ على الاختيارِ فتقول:” أرغبُ في دارسةِ “تحاليل طبية”؛ ولكنّ والدي يرى أنّ دراسةَ الصيدلةِ أفضلُ لي كمهنةٍ.. وكان مصمِّماً على رأيّهِ! ولكنْ عند ظهورِ نتائجِ الثانويةِ العامةِ، وعُرفَ معدّلي؛ دارَ بينَنا حوارٌ ونقاشٌ مطوّلٌ.. فاحترَمَ حريةَ اختياري، فهذا مستقبلي.. وأنا مَن سأرسمُه بنفسي .
فيما اختلفتْ معهما “منال الطويل” -والتي حصلتْ على معدّل” 78 %” من الفرعِ الأدبي- في أنّ التخصُّصَ اختيارٌ مشترَكٌ تمامًا بين الطالبِ والأهلِ، والرأيُ الراجحُ لهم.. فهم يملكونَ الخبرةَ والمعرفةَ أكثرَ.. لتجربتِهم في الحياةِ، وتقول:” كنتُ أريدُ دراسةَ “صحافة”، ولكنّ والدي وعمّي أقنعاني بدراسةِ “تربية إنجليزي”؛ كوني فتاةً.. فهي مناسِبةٌ لي.. في حين رزقني اللهُ بوظيفةٍ تناسبُني، ولها إقبالٌ.. ومجالُها واسعٌ في المجتمعِ .
أمّا الطالبة” سرين العبسي” والتي حصلتْ على معدّل ” 80%” في الثانويةِ العامةِ، تقولُ:” شخصيتي وتعامُلي مع الأمورِ الحياتيةِ؛ كان سبباً لاختيارِ تخصُّصي، فأرغبُ بدراسةِ “إرشاد نفسي” ؛ كي أصبحَ مُرشدةً نفسيةً كوالدتي، وعندما أخبرتُها بهذا الاختيار؛ شجّعتْني كثيرًا، وأخبرتني أنه يتوافقُ مع شخصيتي .
وتوضحُ أنّ اختيارَ التخصصِ الجامعي شيءٌ مُهمٌ في تحديدِ مسارِ الإنسانِ ومستقبلِه، فالجامعةُ أولَى خطواتِ الحياةِ وانطلاقِها؛ كي يصبحَ الشخصُ فعالاً ومؤثّراً في المجتمعِ، وصاحبَ رسالةٍ وهدفٍ سامي، يسعى لتحقيقِه، ويكونَ ذا شأنٍ.. لا أنْ يكونَ “إمَّعةً” وهذا يَفرضُه اختيارُ التخصصِ الجامعي، فهو نقطةُ البدايةِ لمشوارِ الحياةِ.
فيما أرجعتْ الطالبةُ “فاطمة المحايدة” ٩٤.٦٪، أنّ التخصصَ الجامعيَ مسئوليةٌ مشترَكةٌ بينَ الطرَفينِ، “الطالب والأهل” في إطارِ التفهُمِ لشخصيةِ الطالبِ، وقياسِ شخصيتِه بما يتناسبُ مع التخصصِ الذي اختاره فتقول:” استشرتُ والدايَ بدراسةِ الصيدلةِ، ولم أجدْ منهما اعتراضاً، لأنهما على ثقةٍ بقدْراتي وإمكاناتي، وتأكُدِهما من نجاحي، فلماذا يقفانِ عقبةً في طريقِ مستقبلي؟ .
فيما تركتْ “ميار حميد” المجالَ لأهلِها لاختيارِ التخصصِ؛ فاختاروا لها “هندسة معمارية”، فوجدتْ اختيارَهم مناسباً، ولم تعترضْ؛ ما دام يتوافقُ مع قدراتِها وإمكاناتِها، وتقولُ :”كان لأهلي دورٌ كبيرٌ بتوجيهِ تفكيري تُجاهَ هذا التخصصِ، وحاولوا إقناعي.. فلم يكنْ عندي تخصُّصٌ آخَرُ، ووجدتُه مناسباً لي.
في حين وقفتْ والدة “زهير الدحدوح” عقبةً في طريقِ ابنِها!وحالتْ دونَ اختيارِه تخصُّصَه الجامعيَّ، حيثُ فرضتْ عليه دراسةَ التحاليلِ الطبيةِ؛ كي يعملَ معها في المختبرِ الخاصِّ بها؛ دونَ أيِّ مراعاةٍ لرغبتِه في دراسةِ الاقتصادِ والعلومِ، وفي النهايةِ خضعَ لرغبتِها.
بينما تنازلَ “أحمد العيدي” عن رغبتِه وأُمنيَّتِه في دراسةِ الطبِّ؛ لكنّه اصطدمَ بمُعدَّلِ الثانويةِ العامَّةِ، الذي كان يحتاجُ فيهِ لأعشارٍ قليلةٍ، كي يدخُلَ كليةَ الطبِّ, وهنا رأى بوالدِه الصيدلانيِ الشخصيةَ الذي يطمحُ بأنْ يكونَ مِثلَها، دونْ أنْ يُجبِرَه والدُه على ذلك.
ويضيفُ:” في بدايةِ الأمرِ شعرتُ بالحزنِ؛ لعدمِ تمكُني من اختيارِ التخصصِ الذي أفضِّلُه، وبفضلِ اللهِ تغلّبتُ على نفسي بمساعدةِ والدي، فهو لم يُجبِرْني على دراسةِ أيِّ تخصُّص.
بينما القرارُ كان بيدِ “إسلام المغربي” في اختيارِ التخصُصِ الذي يريدُ فيقول:” أنا مَن أُحدِّدُ مستقبلي.. فالأمرُ يَرجعُ لي ولهُوياتي، فاخترتُ تخصُصَ “تصميم ديكور”، فمنذُ طفولتي وأنا أحلمُ بهذا التخصصِ، وعلى الأهلِ أن يحترموا آراءَنا ورغباتِنا.. ففي النهايةِ نحن مَن نحدِّدُ مصيرَنا ومستقبلَنا،
ويبقى اختيارُ التخصُّصِ الجامعيِّ من أبرزِ حقوقِ الشبابِ، الذين يجبُ أنْ يَحصلوا عليها دونَ إكراهٍ من ذَويهِم على تخصُّصٍ آخَرَ يرغبونَهُ هم .