دين ودنياغير مصنفمركز الاستشارات

حكمُ استخدام الانترنت الذي يوجدُ في الأماكنِ العامة ، واختراقِ شبكاته في بعض الأحيان ؟

حكمُ استخدام الانترنت الذي يوجدُ في الأماكنِ العامة ، واختراقِ شبكاته في بعض الأحيان ؟

يجوزُ استخدامُ الانترنت الذي يوجدُ في الأماكن العامةِ، في حالِ خلوِّها من المنكَرات، ومن ذلك عدمُ تمكينِ الزائرين من الدخولِ إلى المواقعِ المحرّمة، بحجبِها عنهم، أو بطردِهم عند الإصرارِ على استخدامِها، وذلك لقول الله تعالى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة:2، وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مَن رَأى مِنْكُم مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْه بِيَدِهِ، فَإن لَم يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإن لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ،وَذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ )) رواه مسلم. فالإنكارُ بالقلبِ فرضٌ على كل واحدٍ، وهو بُغضُ المنكرِ وكراهيتُه، ومفارقةُ أهلِه عند العجزِ عن إنكارِه باليدِ واللسان، فإذا لم يمكنْ ضبطُ هذا المَقهى، ومنعُ المنكرِ منه، فلا يجوزُ فتحُه، اتقاءً للوقوعِ في الإثمِ والمعصية، فإذا لم يمكنك إنكارُ المنكرِ في هذا المقهى، فانجُ بنفسِك، وفارقْ أصحابَ المعصية، فإنك لا تأمنُ أنْ يحلَّ بهم سخطُ الله وغضبُه، يقول الله تعالى ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ ) النساء:140، قال القرطبي رحمه الله في التفسير: إنّ الآيةَ تدلُ على وجوبِ اجتنابِ أصحابِ المعاصي، إذا ظهر منهم منكرٌ؛ لأنّ من لم يجتنبْهم فقد رضي فِعلَهم، والرضا بالكفرِ كفرٌ. قال الله عز وجل “إنكم إذا مِثلُهم” فكل من جلسَ في مجلسِ معصية، ولم ينكرْ عليهم؛ يكونُ معهم في الوزرِ سواءً، وينبغي أنْ ينكرَ عليهم إذا تكلموا بالمعصيةِ، وعملوا بها، فإنْ لم يقدرْ على النكيرِ عليهم، فينبغي أنْ يقومَ عنهم؛ حتى لا يكونَ من أهلِ هذه الآية.

أمّا حُكم اختراقِ شبكاته ، فلا يجوزُ؛ لأنّ فيه اعتداءً على أصحابِ المواقع، وإفسادَ عملهم، وكذلك التجسّسُ على الناس ومعرفةُ خصوصياتِهم عن طريقِ اقتحام البريدِ الإلكتروني الخاص بهم ، واستثناءً من ذلك فقد يكونُ التجسسُ مشروعاً في أحوالٍ معيّنة، وكذلك يجوزُ اختراقُ البريد الإلكتروني: للمجرمين المفسدين في الأرض، واللصوصِ وقُطاعِ الطريق، لتتبُعهم، ومعرفةِ خُططِهم وأماكنِ وجودِهم، لقطعِ شرِّهم، ودفعِ ضررِهم عن المسلمين، وهذا موافقٌ لمقاصدِ الشريعةِ الإسلاميةِ، التي جاءت بحفظِ الدين، والعِرضِ، والمالِ، والنفسِ، والعقلِ، وقد أجاز الفقهاءُ التجسُّسَ على اللصوص وقُطاعِ الطريق، وطلبَهم بطريقِ التجسُسِ عليهم، وتتبُع أخبارِهم ، وكذلك يجوزُ التجسس في حال الحربِ بين المسلمين وغيرِهم؛ لمعرفةِ أخبارِ جيشِ الكفارِ وعددِهم وعتادِهم ومحلِّ إقامتِهم وما إلى ذلك .” انتهى باختصار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى