التكافل الاجتماعي وجه آخر لمقارعة الاحتلال

بقلم: د. صادق قنديل أستاذ الشريعة الإسلامية
التكافل الاجتماعي أساس متين يحتاج إليه المجتمع للتغلب على الصعوبات التي تواجهه خصوصا كمجتمعنا الفلسطيني الذي يتعرض لأزمة تلو الازمة وعدوان تلو العدوان، فتعاضد المجتمع وتماسكه ضد العدوان الخارجي بكافة أشكاله هو صمود في وجه الاحتلال يقود إلى النصر فكيف يحدث التكافل بين أفراد المجتمع؟؟
التكافل في الإسلام يحصل بأن يكون أفراد المجتمع مشاركين في المحافظة على المصالح العامة والخاصة، بحيث يشعر كل فرد فيه أنه إلى جانب الحقوق التي له فإن عليه واجبات تجاه الآخرين وخاصة الذين ليس باستطاعتهم أن يحققوا حاجاتهم الخاصة وذلك بإيصال المنافع إليهم ودفع الأضرار عنهم”.
وتكمن أهمية التكافل في أنه يقضي على الفقر والجهل و المرض، لأن مساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين وتلبية مستلزماتهم الأساسية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن يعد من الحاجات الأساسية التي يجب تلبيتها.
و لا شك أن المجتمع الفلسطيني يعاني من مشاكل وأزمات قديمة وجديدة، والمهم هو التفكير في حلها عبر إحداث تغيير حقيقي في مسيرتنا الاجتماعية، و أن هذا التغيير يأتي بتقديم كل فرد من أفراد المجتمع ما يستطيع من خدمات وطاقات ومواهب لتنصهر في النهاية في بوتقة المجتمع لننير الدرب كي ينمو المجتمع نمواً حقيقياً في مختلف المجالات”.
ومجتمعنا الفلسطيني ـ كأي مجتمع آخر ـ بحاجة مستمرة للعطاء الاجتماعي العام من كل أفراده، فكل واحد منا يستطيع أن يساهم بجزء من مسيرة التقدم والتطور الاجتماعي لأن المجتمع بحاجة إلى أناس يعملون أكثر مما يتكلمون، ويبادرون أكثر مما ينتقدون، ويتسابقون في العطاء أكثر مما يتسابقون إلى الشهرة والنجومية.
وعلى سبيل المثال الهدف من الصيام هو التقوى، والتي اشتقت من الوقاية وهي حماية المجتمع من أي أمراض اجتماعية تدفع بصاحبها لارتكاب الموبقات، وأي حماية أكبر من أن يضمن الإنسان قوته وقوت عياله، فحينما يلتزم المجتمع بهذه القاعدة يجد التكافل مكانه بارزاً في المجتمع بحيث تتحقق فيه جميع مضامينه، ذلك أن الإسلام قد اهتم ببناء المجتمع المتكامل وحشد في سبيل ذلك جملة من النصوص والأحكام لإخراج الصورة التي وصف بها الرسول (صلى الله عليه وسلم) ذلك المجتمع بقوله :”مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر”.
فلا بد من معرفة أن التكافل الاجتماعي في الإسلام ليس مقصورا على النفع المادي، وإن كان ذلك ركناً أساساً فيه -بل يتجاوزه إلى جميع حاجات المجتمع أفرادا وجماعات، مادية كانت تلك الحاجة أو معنوية أو فكرية على أوسع مدى لهذه المفاهيم، فهي بذلك تتضمن جميع الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات داخل الأمة.
والدليل على هذا أن بعض المظاهر التفصيلية للتكافل تتمثل في اهتمام الإسلام بالفئات الاجتماعية الأكثر تضرراً، والتي هي المستهدفة غالبا بالتكافل الاجتماعي في مفهومه المتعارف عليه اجتماعيا، مبينا أن الإسلام في مواجهة المشكلات الاجتماعية، يفرض الحد الأدنى لاستقامة الحياة وجريانها على الصلاح، ثم يفتح المجال أمام التطوع والإحسان مع الترغيب فيه، والحث عليه، وبيان ما ينتظر صاحبه من جزاء في الدنيا والآخرة .
ومشكلة الفقر من ألد أعداء المجتمع ، ذلك أنه في الوقت الذي تفتح فيه فرص العمل أمام الجميع وتزال العقبات والعراقيل من أمام الفقراء ليعملوا فإنه يفرض على المجتمع المسؤولية الكاملة عن فقرائه الذين لا يجدون عملا، أو لا تتسع مواردهم للوفاء بحاجتهم، ومتى ما تحقق التكافل الاجتماعي فإن المجتمع سينعم بالاستقرار والأمن الاجتماعي، وسيشعر الجميع بالسعادة، وستقوى أعمدة البنيان الاجتماعي العام.
ونحن بأشد الحاجة للتكافل في المناسبات الدينية و الأعياد و في مواسم المدارس و الجامعات التي يجب أن يتجلى فيها التكافل الفلسطيني بأبهى صوره وهي دعوة عامة و صريحة بضرورة مساندة و مآزرة المحتاجين الذي حوصروا بأرزاقهم و قوت أبنائهم بفعل الحصار و تآمر القريب و الغريب على الشعب الغزي، لتتشكل صورة العطاء بين أبناء الشعب الواحد.