الدين والحياة

صيام عاشوراء

كتبه : محمد سليمان الفرا
1. صيامُ يومِ عاشوراء سنةٌ عن النبي ﷺ، ويُستحبُّ لِمن أراد صيامَه أن يصومَ معه اليومَ التاسعَ مُخالفةً لليهودِ الذين يكتفون بصيامِ العاشرِ، فَعَن عبدِ اللهِ بن عباسٍ قال: (صَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ؛ فقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ) (أخرجه مسلمٌ برقم 1134).

فَإِن تعَسَّر عليكَ صيامُ اليومِ التاسعِ؛ فَصُمْ الحادِي عَشَرَ مَعَ العاشرِ؛ تحقيقًا للمُخالفَةِ، ولَو صُمْتَ الأيامَ الثلاثَة لكَانَ حسنًا، ومَن اقتصَرَ علَى صيامِ العَاشرِ فقط فَلا حرجَ عليهِ إنْ شاءَ اللهُ تعالى.

2. يُستحبُ تصويمُ الأطفالِ المُميِّزينَ في يومِ عاشوراء إذا كانوا يُطيقونَ ذلك؛ تعويداً لهم على العباداتِ والنوافلِ، ولأنَّ الصحابةَ رضي الله عنهم كانُوا يفعلونَه.

3. يجوزُ لمَن كانَ عليهِ قضاءُ صيامٍ أو كفارةٌ أن يقدِّم صيامَ يومِ عاشوراء عليهما؛ لتحصيلِ ثوابِ صيامِ هذا اليومِ الفضيلِ، وقد كان الإمامُ الزهريُّ يصومُ عاشوراء في السَّفرِ، ويُفطرُ رمضانَ، فلَمَّا سُئِلَ عن ذلكَ قال: (جَعَلَ اللهُ لرَمَضانَ عِدَّةً مِن أيَّامٍ أُخَر، وليسَ ذلكَ لعَاشُورَاء)، وأنصَحُ مَن كانَ عليهِ قضاءُ صيامٍ أو كفارةٌ أنْ يُسَارِعَ لصيامِ مَا وَجَبَ عليهِ؛ تبرئةً لذِمَّتِهِ مِن العِبَادَةِ.

4. لا يجوزُ لمَن أرادَ صيامَ عاشوراء أنْ يجمعَ في صيامِهِ بينَ نيَّةِ صيامِ الواجبِ؛ كالقضاءِ والكفارةِ، ونيَّة صيامِ عاشوراء؛ فكلُّ عبادةٍ منهمَا مقصودةٌ لِذاتِها، ولا تداخُلَ بينَ الصَّومِ الواجبِ والمندوبِ؛ لكنْ إذا وافقَ يومُ عَاشوراء يومَ الاثنينِ أو الخميس فَلا حرجَ مِن إشراكِ النيَّةِ فيهِما.

5. إذا وافقَ يومُ عاشوراء يومَ الجمُعةِ أو السبتِ؛ فلا حرجَ من إفراده بالصيامِ؛ لوجودِ السببِ المُقتضِي لذلكَ، ويجوزُ صومُ السبتِ منفرداً في عبادَة التطوعِ؛ فعَن أمِّ سلمةَ قالتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصُومُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَيَوْمَ الْأَحَدِ، أَكْثَرَ مَا يَصُومُ مِنَ الْأَيَّامِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا يَوْمَا عِيدٍ لِلْمُشْرِكِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ أُخَالِفَهُمْ) (أخرجَه الحاكمُ في المستدركِ برقم 1593، والبيهقي في السنن الكبرى برقم 8760، وحسَّنه الألبَانيُّ).

6. يثبتُ لصيامِ عاشوراء مِن المُستحبَّاتِ ما يثبتُ لرمضانَ؛ مثلُ تأخيرِ السَّحورِ، وتعجيلِ الفِطرِ علَى الرُّطَبِ أو التّمرِ مَع المَاءِ، وكذلكَ مَن أكلَ أو شَرِبَ ناسيًا أكمَلَ صَومَه؛ فإنَّما أَطعَمَهُ اللهُ وسقَاهُ، ولَا فرقَ فِي ذلكَ بينَ صيامِ الفرضِ والتّطوعِ، لسبَبٍ أو لغَيرِ سَببٍ.

7. يجوزُ لِمَن لم يُبيِّت نيَّةَ صيامهِ مِن الليلِ أنْ ينويَ ذلكَ ما لَم يدخلْ الزَّوالُ، ويَحِنْ أذانُ الظُّهرِ، ما دامَ لَم يَتناولْ أياًّ مِن المُفَطِّرات بعدَ أذانِ الفجرِ.

8. يُستحبُّ الإكثارُ مِنَ الطاعاتِ في شهرِ محرم، وأهمُّها الصيامُ، لحديثِ أبي هريرة السابق: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ)، وخاصَّةً مَا كانَ فِي الأيامِ العشرَةِ الأوائلِ مِنْه؛ ذلكَ أنَّها أعظمُها لاشتمالِها علَى يومِ عاشوراء، وقد كانَ السَّلفُ الصَّالحُ يُعظمونَ هذه الأيامَ، ولكنْ لا يُشرَعُ تخصيصُ العشرةِ الأوائلِ منْ شهرِ مُحرَّم بالصّومِ؛ لأنَّه لَم يثبتْ عَن النَّبِيِّ ﷺ، ولم يُنقلْ عَن أحدٍ مِن السَّلفِ الصَّالحِ.

وصلَّى اللهُ وسلَّم على سيِّدنا محمدٍ، وعلى آلِه وأزواجِه وأصحابِه أجمعين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى