فلسطين تجمعنافلسطينيات

تحريفُ المناهجِ التعليميةِ معركةٌ لطمسِ التاريخِ الفلسطينيّ

الثريا – إسراء أبو زايدة

لا تزالُ الحركةُ الصهيونيةُ مستمرةً في سَعيِها لإخضاعِ الوعيِ المَقدسيّ، وسلخِ الجيلِ الناشئِ عن تاريخِه وتراثِه من أجلِ تحقيقِ أهدافٍ (جيوسياسية) في القدسِ، على كافةِ المساراتِ؛ لاسيّما مسارُ التعليمِ المستهدَفِ منذُ بدايةِ الاحتلالِ، عبْرَ سلسلةٍ من الإجراءاتِ والسياساتِ التي تنهشُ قُدرةَ المنهاجِ الفلسطينيّ على البقاءِ والصمودِ أمامَ التعليمِ الإسرائيليّ؛ الذي يَحوزُ على نسبةٍ عاليةٍ من اهتمامِ حكومةِ الاحتلالِ وميزانياتِها الضخمةِ، وبالمقابلِ يعاني التعليمُ الفلسطينيُّ في مدينةِ القدسِ من غيابٍ شِبهِ كاملٍ للدعمِ الماديّ واللوجستيّ والتخطيطي.
وللقطاعِ التربويّ والتعليميّ في القدسِ أهميةٌ كبيرةٌ؛ لِما لهذا القطاعِ من دورٍ أساسٍ في تأكيدِ الهويةِ الفلسطينيةِ والعربيةِ للمدينةِ المقدسةِ، ومؤسساتِها التربويةِ والتعليميةِ، ورغمَ ذلك يَشهدُ حقلُ التعليمِ الفلسطينيّ حالةً من الاندثارِ أمامَ المخطَّطاتِ الصهيونيةِ؛ التي تسعَى على مدارِ الساعةِ لتحقيقِ السيطرةِ المُطلَقةِ عليه، وبهذهِ الحالةِ يتوجّبُ وضعُ إستراتيجيةٍ فلسطينيةٍ لدعمِ قطاعِ التعليمِ في مدينةِ القدسِ، والعملِ على مواجهةِ كلِّ سياسياتِ الاحتلالِ الساعيةِ لطمسِ الهويةِ الفلسطينيةِ.

وعلى إثرِ ذلك نظّمتْ العديدُ من المؤسساتِ المقدسيةِ، والقوى الطلابيةِ، وطلبةِ بعضِ المدارسِ اعتصاماً أمامَ مبنَى بلديةِ الاحتلالِ غربيَّ مدينةِ القدسِ المحتلةِ تحتَ شعار: “لن يُدرَّسَ في مدارسِنا سِوى منهاجِنا الفلسطينيّ”؛ وذلك احتجاجاً على تحريفِ المنهاجِ وتزويره.

ورفعَ المشاركونَ والمشاركاتُ لافتاتٍ بعِدّةِ لُغاتٍ؛ تؤكّدُ على رفضِ منهاجِ الاحتلالِ في مدارسِ القدسِ، والتمسُّكِ بالمنهاجِ الفلسطيني.
وبدَورِه، أدانَ الائتلافُ الأهليّ للمؤسساتِ المقدسيةِ قرارَ حكومةِ الاحتلالِ بالمصادقةِ على خُطةٍ خماسيةٍ لتعزيزِ وإحكامِ السيطرةِ على النظامِ التعليميّ في مدينةِ القدسِ من خلالِ فرضِ المنهاجِ “الإسرائيلي” على المدارسِ الفلسطينيةِ في المدينةِ؛ استجابةً لاقتراحِ وزيرَي تعليمِ الاحتلالِ، وشؤونِ القدسِ؛ بأنّ أهدافَ الخُطةِ تحسينُ نوعيةِ التعليمِ في شرقيّ القدسِ؛ من خلالِ تشجيعِ تعليمِ المنهاجِ “الإسرائيلي” في المدارسِ”.

وينوّهُ الائتلافُ إلى أنّ مصادقةَ الاحتلالِ على هذه الخُطةِ جاءَ خلالَ عقدِ حكومةِ الاحتلالِ جلستَها في الأنفاقِ تحتَ البلدةِ القديمةِ في القدسِ في الذكرى الخمسين لاحتلالِها.

كما وعبّرَ تربويونَ وحقوقيونَ ومسؤولونَ مقدسيونَ عن رفضِهم المُطلَقِ والكاملِ لأيِّ محاولةٍ لتحريفِ المنهاجِ الفلسطيني أو حذفِ موادٍ منه أو تغييرِه، واستبدالِه بالمنهاجِ الصهيونيّ في مدارسِ القدسِ المحتلةِ.

جاء ذلكَ في المؤتمرِ الذي دعتْ له هيئةُ العملِ الأهلي الفلسطينيّ في القدسِ، واتحادِ لجانِ أولياءِ الأمورِ في مدارسِ القدسِ، تحتَ عنوان: “نعم للمنهاجِ الفلسطينيّ..لا للحذفِ والتحريفِ” تزامُناً مع تعليقِ الدراسةِ الجزئيّ الذي دعا له الاتحادُ في المدارسِ المَقدسيةِ.

ومن جانبِها، تعبّرُ وزارةُ التربيةِ والتعليمِ العالي عن استهجانِها ورفضِها الشديدينِ لمحاولةِ إسرائيلَ فرْضَ مشروعٍ يستهدفُ تهويدَ المناهجِ التعليميةِ في القدسِ؛ خاصةً بعدَ الإعلانِ عن تمويلِ خُطةٍ خماسيةٍ حكوميةٍ إسرائيليةٍ بحُجةِ تحسينِ نوعيةِ التعليمِ في شرقِ القدسِ المحتلةِ؛ الأمرُ الذي يكشفُ عن مخططاتِ الأًسرَلةِ، والمحاولاتِ الراميةِ إلى ضربِ مقوّماتِ الهويةِ الوطنيةِ الفلسطينيةِ.

وتحذّرُ الوزارةُ في بيانٍ لها من تداعياتِ ومخاطرِ هذه الخُططِ، التي تُبرهِنُ على عقليةِ الاحتلالِ وسياساتِه القمعيةِ والعنصريةِ المخالفةِ لكافةِ القوانينِ والأعرافِ الدوليةِ والإنسانيةِ؛ وعلى رأسِها تلك المُرتبطةُ بالتعليمِ، مؤكّدةً أنها ستوظّفُ كافةَ الإمكاناتِ لمواجهةِ هذه الخُططِ، وستكونُ إرادةُ الشعبِ ومؤسساتُه لها بالمرصادِ؛ حِفاظًا على الهويةِ الوطنيةِ للتعليمِ في القدسِ.

وتدعو جميعُ المؤسساتِ الحقوقيةِ والإنسانيةِ والإعلاميةِ إلى فضحِ هذه المخططاتِ؛ التي تطالُ التعليمَ في القدسِ المحتلّةٍ، مشدِّدةً على ضرورةِ تكريسِ كلِّ الجهودِ من أجلِ حمايةِ التعليمِ في القدسِ، والتصدي للمحاولاتِ الإسرائيليةِ الراميةِ إلى محاربةِ الهويةِ الوطنيةِ في المدينةِ المقدّسة.
يُشارُ إلى أنّ البرامجَ التي تدرَّسُ للأقليةِ العربيةِ داخلَ الخطِّ الأخضرِ هي ذاتُها التي باتت تدرَّسُ في المدارسِ العربيةِ في مدينةِ القدسِ، وتفرضُ على الطلابِ مفاهيمَ ومصطلحاتٍ تتلاءمُ مع ترسيخِ فكرةِ يهوديةِ الكيانِ الصهيونيّ، إضافةً إلى احتمالِ تهويدِ مئاتِ الأسماءِ العربيةِ المتداوَلةِ في المدينةِ؛ التي تشهدُ نشاطاً استيطانياً محموماً منذُ تشكيلِ حكومةِ “نتنياهو” الرابعةِ قبلَ أكثرَ من عامٍ، فضلاً عن اقتحاماتٍ _لم تتوقفْ_ لباحاتِ المسجدِ الأقصى من جانبِ المستوطنينَ، وبحراسةِ الجيشِ وشرطةِ الاحتلالِ، وظهرَ جليّاً أنّ الكيانَ الصهيونيَّ يحاولُ التضييقَ على الطلبةِ العربِ في القدسِ؛ لإجبارِهم على تَرْكِها للاستئثارِ بخياراتِ التعليمِ، الأمرُ الذي يُعرّضُهم (للترانسفير) من مدينتِهم تِبعاً للقوانينِ الصهيونيةِ الجائرةِ المُشار إليها سابقاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى