غير مصنف

هجرةُ الشبابِ بغزةَ..أحلامٌ وهميةٌ في طريقٍ مُظلِمٍ

بقلم/ حسن النجار

تَغيّرَ لونُ الحياةِ في عيونِ الكثيرِ من الشبابِ الفلسطينيّ_ خاصةً في قطاعِ غزةَ_ في ظِلِّ تَدهورِ الأوضاعِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والسياسيةِ، وزيادةِ نسبةِ البطالةِ التي تركتْ آثارَها على الشبابِ الغزيّ، فباتت الهجرةُ تشكّلُ نافذةَ أملٍ لمُعظمِ شبابِ غزة، وأضحتْ مُجردَ أحلامٍ ورديةٍ يسعَونَ لتحقيقِها دونَ معرفةِ الوِجهةِ الحقيقةِ التي يرغبونَ بالتوجُّهِ لها، ودونَ معرفةِ ما ينتظرُهم خلفَ الحدودِ..

أحلامٌ وأمنيّاتٌ ورغبةٌ بالهجرةِ تتعاظمُ كلّما استمرَّ الحصارُ، وازدادَ الوضعُ سوءاً؛ حيثُ يَحلمُ الشبابُ في قطاعِ غزةَ بالهجرةِ إلى الدولِ العربيةِ والأوربيةِ؛ للبحثِ عن العملِ والخروجِ من مستنقعِ الظروفِ الصعبةِ  التي يعيشونَها.

حاوَلَ العديدُ من الشبابِ الالتحاقَ بمَن هاجروا منذُ عدّةِ أعوامٍ؛ طمعاً في تحقيقِ بعضِ أحلامِهم؛ التي رسموها في مخيّلتِهم دونَ معرفةِ المَخاطرِ التي قد تُصاحِبُهم خلالَ الهجرةِ.

منهم من هاجرَ.. واستطاعَ الوصولَ إلى هدفِهُ، ومنهم من أضحى مصيرُه للمجهولِ ما بينَ الغرقِ وغيرِه، ومنهم من يَحلمُ بالهجرةِ؛ لكنه لا يستطيعُ تحقيقَ هدفِه.

في غزةَ لا يملكُ الشبابُ كثيراً من الخياراتِ لمواجهةِ الواقعِ الصعبِ الذي يمُرُّونَ به؛ خاصةً بعدَ انفتاحِهم على العالمِ من خلالِ نشاطِهم الملحوظِ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعي.

أصبحوا يُشاهِدونَ ما يَحلمونَ به رؤيةَ العينِ، أمامَ وسائلِ التواصلِ التي يستعرضُ فيها البعضُ _ممَّن نجحَ بالهجرةِ للخارجِ_ صوَرَهم وعباراتِهم المنمَّقةَ حولَ الهجرةِ؛ الأمرُ الذي يوَلدُ الدافعيةَ أمامَ الشبابِ للمضيِّ في طريقِ الهجرةِ.

وهناك ما يُعرَفُ بهجرةِ العقولِ أو الأدمِغةِ أو أصحابِ الشهاداتِ العليا؛ لأنّ أوطانَهم لا توفّرُ لهم مجالاتٍ تتناسبُ ومستوى ما يَحملونَ به من شهاداتٍ؛ سواءٌ حصلوا على هذه الشهاداتِ في بلدانِهم أو من الخارجِ، فيضطَّروا للبحثِ عن فرصةِ عملٍ خارجِ بلدانِهم؛ ولذا يجبُ توفيرُ العملِ لهذه العقولِ وأصحابِ الكفاءاتِ؛ مَهما كلّفَ الثمنُ؛ بدَلاً من تركِهم يهاجرونَ مُرغمينَ.
وحقيقةً، هناك تَعتيمٌ على الإحصاءاتِ الرسميةِ عن أعدادِ الشبابِ الذين نجحوا في الهجرةِ من غزةَ بطرُقٍ ووسائلَ شتّى؛ عن طريقِ شبكةٍ من المُهرِّبينَ في غزةَ ومصرَ؛ حيثُ يدفعُ كلُّ راغبٍ في الهجرةِ ما يقاربُ الثلاثةَ آلافِ دولارٍ؛ ليصلَ إلى السفينةِ التي ستُقِلُّه إلى عالمِ المجهولِ.

ورغمَ حوادثِ غرقِ السفنِ الذي حدثَ خلالَ الأشهرِ القليلةِ الماضيةِ ما زالَ الكثيرُ من الشبانِ ينتظرونَ الفرصةَ للخروجِ من غزةَ غيرَ آبِهينَ بالمخاطرِ والمصاعبِ التي قد يواجِهونَها؛ خاصةً الغرقَ في عُرضِ البحرِ.

وفي قراءةٍ سريعةٍ للواقعِ الغزيِّ؛ نَجدُ أنّ الهجرةَ هي رغبةٌ وأُمنيَّةٌ، وهي صورةٌ ذهنيةٌ موجودةٌ لدَى الكثيرينَ من الشبابِ؛ لكنها لا تتجاوزُ أنْ تكونَ عباراتٍ يتحدثونَ بها مع بعضِهم البعضِ، أو منشوراتٍ عبرَ مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ؛ يعبِّرونَ بها عن استيائِهم من الحصارِ الذي يُعانيهِ قطاعُ غزةَ، وتَبعاتِه التي كان أبرزَها نُدرةُ الحصولِ على فرصةِ عملٍ، فلا تتجاوزُ أنْ تكونَ رغبةً مُلِحةً أو “فشة” غِلٍّ للهروبِ من الواقعِ الموجودِ، والكثيرُ منهم إنْ سألتَه أين ستهاجرُ؟ ؛ لا تَجِدُ لديهِ إجابةً واقعيةً  تُعبِّرُ عن هدفٍ بِعَينِه يسعى لتحقيقِه؛ إنما هي مجردُ أمنيّاتٍ ورغباتٍ.

وهو توَجُّهٌ عامٌّ يسعى الشبابُ لتحقيقِه عبرَ الفَضفَضةِ الإلكترونيةِ التي أتاحتْ للشبابِ فرصةَ التعبيرِ عن الذاتِ في الفضاءِ الإلكترونيّ؛ لكنها في ذاتِ الوقتِ شكّلتْ وعْياً باتِّجاهٍ موَحدٍ؛ هو الرغبةُ المُلِحّةُ في الهجرةِ، بَيْدَ أنّ واقعَ غزةَ المُحاصَرةِ حالَ دونَ تحقيقِ رغباتِهم. 

وفي الختامِ، رسالتي إلى أبناءِ شعبي الفلسطينيّ العظيمِ، وإلى أحبّائي شبابِ فلسطينَ الطاهرِ الواعدِ؛ جيلِ المستقبلِ والغدِ المُشرِقِ؛ بأنّ عليكم إخوتي الأحِبةِ بالثباتِ والصبرِ والجَلَدِ والتشَبُثِ والتمسُّكِ بوطنِكم، وتَحمُّلِ مشقّاتِ الحياةِ وأعبائها والصبرِ عليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى