هل أكون آثما بعدما صلح حالي

يجيب عن الاستشارة د. ماهر السوسي أستاذ الشريعة الإسلامية بالجامعة الإسلامية
توفيت والدتي وهي غاضبة علي و كنا وقتها سيء الطباع و آبه لأحد و لم أكن أصلي لكنني تغيرت بفضل الله تعالى ثم بفضل أخ كريم كان له الفضل في تغييري و أحاول أن اجتهد الآن في الطاعات و أتمنى أن يسامحني الله على ما قصرت وأنا أعلم أن رضا الوالدين من رضا الله، فهل أكون آثم بعدما صلح حالي وماذا أفعل في موضوع غضب والدي علي قبل مماتها؟
بداية لا بد من التوبة الصادقة ، فعليه أن يتوب إلى الله إذا كان عاقاً لهما ، عليه أن يتوب إلى الله ، ويندم على ما فعل ، ويقلع من ذلك ، ويكثر من التوبة والاستغفار لعل الله تعالى أن يكفر عنه بذلك ما فعل.
ثم إن الدعاء لوالديه ، والاستغفار لهما ، والصدقة عنهما من جملة البر بعد الموت ، ولعلَّ الله يخفف عنه بذلك ما سبق من عقوق ويكون بذلك باراً لهما ولعل هذا ما ورد في بعض الأحاديث مع تأكيد العلماء لصحة معناها، ثم ينبغي الإكثار من الصدقة عنهما ، فإن هذا كله مما شرعه الله – جل وعلا – في حق الولد لوالديه ، ثبت عنه – صلى الله عليه وسلم- أنه سأله سائل : (هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال النبي – صلى الله عليه وسلم: (الصلاة عليهما والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وإكرام صديقهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما) .
هذا كله من برهما بعد الموت ، والصلاة عليهما معناه الاستغفار والدعاء ، الصلاة عليهما ، يعني الدعاء لهما ، ومن ذلك صلاة الجنازة ، والاستغفار لهما ، طلب المغفرة ، يدعو لهم بالمغفرة ، وإنفاذ عهدهما ، يعني وصاياهما ، إذا أوصيا بشيء لا يخالف الشرع ، من برهما أن ينفذ الوصية الموافقة للشرع ، وإكرام صديقهما ، أصدقاء والديه، يكرمهما ويحسن إليهما ، ويراعي حقوق الصداقة بينهم وبين والديه ، كل هذا من بر والديه ، وإذا كان الصديق فقيراً واساه ، وإن كان غير فقير اتصل به للسلام عليه ، والسؤال عليه استصحاباً للصداقة التي بينهم وبين والديه ، إذا كان ذلك الصديق ليس ممن يستحق الهجر ، كذلك صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، كالإحسان إلى أخواله وأعمامه وأقاربه من جهة الأب، ومن جهة الأم ، سوى الأعمام والأخوال ، كل هذا من بر والديه.
والله تعالى أعلم وأحكم