الموضةُ بينَ الهَوسِ والجنونِ وفقدانِ المضمونِ..!

بقلم: حسن النجار
إنَّ اللهَ جميلٌ يُحبُّ الجمالَ، وجميعُنا يبحثُ عن جمالِ الحضورِ؛ الرجالُ والنساءُ على حدٍّ سواء، فالمَظهرُ الخارجيُّ الأنيقُ له دَورٌ مُهِمٌّ في إظهارِ جمالِ المرأةِ، ولاشكَّ أنّ الحجابَ الشرعيَّ من أفضلِ ما تزَيَّنتْ به المرأةُ عندَ خروجِها من بيتِها.
وقد ذَكرَ اللهُ _سبحانه وتعالى_ أنَّ خيرَ ما نَلبسُه ونَتزيَّنُ به؛ هو لِباسُ التقوَى، حيثُ قالَ تعالى:(يا بني آدمَ قد أنزلْنا عليكم لِباساً يواري سوآتِكم وريشاً ولباسُ التقوَى ذلك خيرٌ).
والحجابُ الشرعيُّ سِرٌّ جمالِ المرأةِ واحترامِها، ولم يكنْ يوماً يُقلِّلُ شيئاً من تقديرِها أو من قدْرِها، وزينةُ المرأةِ حدَّدَها الشرعُ داخلَ البيتِ؛ وليس خارجَه، وعرَجَ على تفاصيلِ وأوصافِ لِباسِها داخلَ البيتِ وخارجَه، وحدَّدَ مَن هم مَحارِمُها الذين يَجوزُ لها أنْ تتزيَّنَ بملابسِها أمامَهم؟، وحدودَ هذه الزينةِ..
ولا بأسَ أنْ تَستخدمَ المرأةُ من الأزياءِ ما تريدُ؛ بشرطِ أنْ لا يكونَ فيها مُشابَهةٌ لملابسِ الرجالِ، وقد صحَّ عن النبيّ _صلى الله عليه وسلم_ أنه لعنَ المُتشبِّهينَ من الرجالِ بالنساءِ، والمُتشبِّهاتِ من النساءِ بالرجالِ، فعلى الفتاةِ أنْ تلتزمَ بلِباسِها الشرعيِّ؛ الذي يَحملُ بذاتِه جمالَ الدِّينِ والأخلاقِ والحياءِ، وعليها أنْ تختارَ ما يناسبُها ويناسبُ شخصيتَها وأسلوبَها؛ لا أنْ تلجأَ إلى مُحاكاةِ الصديقاتِ، أو الجَريِّ وراءَ الموضةِ العالميةِ بطريقةٍ عشوائيةٍ.
و قد انتشرَ في الآوِنةِ الأخيرةِ الحجابُ الساترُ الجميلُ؛ الذي لا يَحملُ تعقيداً في شكلِه وألوانِه، ومع ذلك حينما تمشي؛ ترَى العَجبَ العُجابَ ممّا تفعلُ الفتياتُ؛ خصوصاً لوحةَ الأشكالِ المختلفةِ لحجابِ الرأسِ؛ فتَجِدُه رأساً على رأسٍ، وليس حجاباً !.
ولا يمكنُ القولُ أنّ هذا ينطبقُ على الفتاةِ وحدَها؛ بل يَطالُ الشبابَ؛ خصوصاً في الطرُقاتِ، وعندَ مُلتقَى الجامعاتِ؛ ترَى العجَبَ العجابَ منه ما يُعرَفُ بـ(بنطالِ الخصرِ الساحلِ)، مروراً بقصّاتِ الشعرِ المختلفةِ؛ التي ما أنزلَ اللهُ بها من سلطانٍ!، والبعيدةِ كلَّ البُعدِ عن القِيَمِ الجماليةِ مُحاكاةً للغربِ.
ومن ملابسِ الموضةِ التي شاعتْ انتشاراً بينَ الشبابِ والصبايا على نطاقٍ واسعٍ؛ بنطالون “الجينز” اللاصقُ على الجسدِ، والذي يُظهِرُ بِنيةَ الجزءِ الأسفلِ من جسدِ الشابِّ أو حتى الفتاةِ التي ترتديهِ، والملابسُ الممزَّقةُ عندَ مستوى الرُّكبةِ أو في الخلفِ كذلكِ!.
وظهورُ قصّاتِ شَعرٍ مختلفةٍ _ما أنزلَ اللهُ بها من سلطانٍ_!، بعضُها كأنه عمليةُ نفشٍ! وقصاتٍ تُسمَّى بأسماءِ الحيواناتِ _أكرمَكمُ اللهُ_، وحينَ نفكِّرُ بطبيعةِ الثقافةِ التي تَعكِسُها هذه الأزياءُ؛ نَجِدُ أنّ شبابَنا فارغٌ من مُحتواهُ النفسيِّ والفكريِّ؛ فانغمسَ في عالَمِ المادةِ والشهوةِ أكثرَ!، وكلُّ ذلك بدَعوَى التحضُّرِ و التمَدُّنِ الذي لا يَحمِلُ شيئاً من اسمِه!.
والمثيرُ في كلِّ هذا؛ أنّ الشبابَ والفتياتِ لا يجِدونَ حرَجا في ذلك؛ مُعتبِرينَ أنها “موضة” مِثلَ كلِّ الموضاتِ الغربيةِ!.
وأَختِمُ حديثي، بأنّ للأُسرةِ دَوراً كبيراً في ضبطِ هذه السلوكياتِ من خلالِ تصويبِها ومعالجتِها؛ لأنه لو كانت هناك مراقبةٌ ورعايةٌ ومتابعةٌ لِتصرُّفاتِ الأبناءِ؛ لَما رَكضوا خلفَ هذه الأنواعِ من “الموضة” التي تختلفُ عن قِيَمِ وهُويةِ مجتمعٍ عربيٍّ ومسلمٍ مِثلَ “فلسطين”.