كتاب الثريا

ألفاظك تصنع شخصية ابنك..

بقلم: أ. سمية صايمة – محاضرة بالجامعة الإسلامية

الأبناءذهب أحد التربويين في زيارة إلى مدرسة ابتدائية بدولة عربية، ودخل أحد الفصول وسأل التلاميذ سؤالاً غريباً، من منكم غبي لا يفهم..؟؟ والعجب أن بضعة تلاميذ رفعوا أيديهم.. “نحن”.. وهنا ارتفع صوت بعض الطلبة قائلاً:”يا أستاذ، هناك فلان وفلان أيضاً لم يرفعوا أيديهم، فقام التلميذان المشار إليهما في خجل، فسألهما التربوي:”هل أنتم فعلاً كذلك..؟ فقالوا:”نعم”.

والسؤال: كيف عرف هؤلاء المساكين أنهم أغبياء..؟

والإجابة: وبلا تردد من أشخاص كان الأجدر بهم أن يتحملوا أمانة هؤلاء التلاميذ بدلاً من تحطيمهم، الأم تقول:”أنت غبي لا تفهم”، والمدرس يعيدها أمام التلاميذ، إلى أن تصبح حقيقة بداخلهم، ويبرمجوا أنفسهم عليها.

الصورة التي يرسمها الطفل عن نفسه

هي نتيجة كلماتنا عنه، وأن كثير من

إحساس الولد بنفسه وذاته إنما

تأتيه من طريقة معاملتنا له..


لقد تحول كلام الأب أو الأم أو المدرسة إلى نبوءة يعمل الطفل على تنفيذها، ويدفع نفسه لا شعورياً إلى التماشي معها.
ولا أعتقد أن الأمر بحاجة إلى ذكاء كي نعرف أن هؤلاء التلاميذ سيكونوا مضرباً للمثل على الفشل والتخلف ما لم تتغمدهم رحمة من الله أو تتلقاهم يد أمينة واعية..

وهناك دراسة مؤلمة تقول.. “إن الفرد وإلى أن يصل إلى سن المراهقة يسمع ما لا يقل عن 6000 كلمة سيئة مقابل بضع مئات من الكلمات الحسنة أو الطيبة”..

ومن الحقائق المقررة لدى علماء التربية أن الصورة التي يرسمها الطفل عن نفسه هي نتيجة كلماتنا عنه، وأن كثير من إحساس الولد بنفسه وذاته إنما تأتيه من طريقة معاملتنا له..

فلماذا لا نستبدل قاموسنا السلبي بآخر إيجابي، رأفة بأبنائنا المساكين..؟ لماذا لا نلصق على ألسنتنا عبارات مثل(أحسنت، بوركت، بارك الله فيك، أنت بطل، أنت لها،  أنت الأفضل).

يحكي السلطان محمد الفاتح “فاتح القسطنطينية”، التي بشر رسول الله فاتحها بأنه في الجنة، أن أمه كانت تأخذه إلى الشاطئ وتشير له بإصبعها إلى أسوار القسطنطينية وتقول له، أنت فاتح تلك المدينة، ولمثل هذا اليوم أربيك.

ويضيف – رحمه الله- فكنت وانا صغير أركب الفرس واقتحم الموج ناحية القسطنطينية متخيلاً يوماً أقود فيه الجيوش لفتحها إلى أن كان،
مَنْ الذي زرع هذا الهدف الكبير بقلب ذالك الفتى اليافع حتى صار حلماً يراوده يوماً بعد يوم، ثم إلى حقيقة وحدث تاريخي لا ينسى، إنها كلمات الأم الإيجابية التي حركت مشاعره وألهبت حماسته، وأيقظت ذكاءه..

عزيزتي الأم: لا تستهيني أبداً بكلماتك التي تقوليها لطفلك، ولا تتفوهي أمامه إلى بكلمات إيجابية طيبة تساعده على بناء شخصيته..

فطفلك يرى العالم من خلالك، وينظر لك أنك مرشده ودليله في دنياه، واستهزاؤك به واستخفافك بقدراته يراه خيانة منك لهذا الدور، وقسوة لا تبرير لها..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى