كتاب الثريا

” لحوم العلماء مسمومة “

بقلم- د. صادق قنديل أستاذ الشريعة الإسلامية

أود في هذا المقال أن أحذر من قضية بالغة الخطورة ، عواقبها وخيمة فلا قيمة لأمة العلم والعلماء، ولا هيبة لأمة الجهاد والاستشهاد – عند الأعداء- إن بقى هذا الخطر الداهم – لا أقول من الخارج بل من الداخل- يستشري؛ فإنه سيأتي على البيت من قواعده فيخر علينا السقف جميعاً.

والذي يزيد من خطورته أن أتباعه بالدرجة الأولى هم من الشباب يلتقون في مناسبات مختلفة ويكون حديثهم عن العلماء، هذا من أهل البدع وذاك من أهل الشرك والضلال، يذمون ويمدحون، يقربون ويبعدون، أكلوا لحوم العلماء واستباحوا أعراضهم، بدعوى أنهم من طلبة العلم، رحم الله ابن عساكر حين قال : ” إن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالسب، بلاه الله قبل موته بموت القلب ”.

جهل هؤلاء الشباب أن من عقيدة أهل السنة والجماعة” أنهم يدينون الله باحترام العلماء “ ، أي أن أهل السنة والجماعة ، يتقربون إلى الله تعالى بتوقير العلماء ، وتعظيم حُرمتهم؛ لأن موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار.

ومن هنا وجب أن يوفيهم الناس حقهم من التعظيم والتقدير والإجلال والتكريم وحفظ الحرمات والمكانة ، قال الله تعالى: { ومن يُعَظِّم حُرٌماتِ الله فهو خيرٌ له عند ربه }. ويقول سبحانه: ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تَقْوَى القلوب ) والشعيرة ” كل ما أذِنَ الله وأشعَر بفضله وتعظيمه، والعلماء يدخلون دخولاً أولياً فيما أذِن اللهُ وأشعر الله بفضله وتعظيمه .

وعليه فالنيل من العلماء والطعن في أعراضهم يُعد تقصيراً في تعظيم شعيرة من شعائر الله ، بل أعراض العلماء على حفرة من حفر جهنم، ومما يدل على خطورة الطعن والسب والاستهزاء بالعلماء ما رواه البخاري عن أي هريرة – رضي الله عنه- ، قال : قالَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: قال الله- عز وجل- في الحديث القدسي : ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ) روي عن أبي حنيفة والشافعي – رحمهما الله – أنهما قالا: “ إن لم يكن الفقهاء أولياء الله فليس لله ولي ” بل إن الصحابة من قبل قالوا بمثل هذا فعن ابن عباس – رضي الله عنهما- : ( من آذى فقيها فقد آذى رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، ومن آذى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فقد آذى الله -عز وجل– ” .

ولا شك أن لهذه الآفة من العواقب الوخيمة والمصائب الخطيرة؛ فمنها إهانة للعلم الذي هو ميراث النبي- صلى الله عليه وسلم- ثم بسبهم يسمحون للعامة من الناس فضلاً عن الفساق بسب العلماء مما يقلل من هيبتهم ومكانتهم ، فتمرر مخططات الأعداء بكل سهولة ويسر، لأن جدار الحماية للغزو الفكر لا قيمة له عند الناس فيقعون فريسة لأعدائهم.

وفي المقابل يجب على العلماء أن يحموا أنفسهم بأن يكونوا القدوة في علمهم وعملهم ، يقولون الحق ولا يخشون في الله لومة لائم ، وبما أن البشر من طبيعتهم الاختلاف فلا بد نحن الشباب أن نحترم العلماء ونجلهم حتى وإن وقع الخلاف بينهم في الرأي، أو ذهب أحدهم لرأي خالف به جماهير العلماء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى