ابنتي متعلقة جدا بصديقتها!!

إعداد: أنوار هنية
ابنتي في المرحلة الثانوية، تعلَّقت كثيرا بصديقتها، فدائما تتحدث عنها وترغب باستمرار بزيارتها والخروج معها، و حتى وهي نائمة تحلم بها، تعلقها الشديد بها يقلقني كثيرا اخشي عليها كثيرا فهي مفرطة الحساسية، فما إن تتشاجر مع صديقتها في أي موقف صغير فلا تأكل ولا تخرج وكأن الحياة توقفت لديها، أشعر أنه تعلق مرضي سيؤثر على حياتها، كيف أتصرف معها؟
يجيب عن التساؤل د. فضل أبو هين مدير مركز الأزمات والتأهيل المجتمعي
بداية عليك أن تعلمي أنه عادة ما يبدأ التعلق مع الإنسان منذ بداية نشأته، فهو ملتصقٌ بأمه – وهي أول مواضيع تعلقه – ، يقترنٌ عالمُه بعالَمِها، ثم يحبو في مدارجِ النُّمو فيتعلقُ بأبيه ، ويرى فيه صورةَ القادرِ الذي يُعَوِّض عجزَه، ثم يخرج من بيت الأسرة إلى فضاء المدرسة ، فيتعلق بكثيرٍ من أقرانه أو أساتذته ، ويرى فيهم نماذجَ لما يُحِبُّ أن يكون عليه.
ثم تأتي المراهقة بعواصفها، فتتناثر عليه التَعَلُّقَات من كل حدب وصوب، إذن، فهناك تعلق سوي ، يعتبر دافعاً أساسياً لنمو الإنسان ، وبدونه يتشوه بناؤه النفسي ، وهو الذي يظهر في علاقة الطفل بأمه ، ثم أبيه ، ثم إخوته وأصدقائه، وهو تعلق طبيعي إذا كان في الحدود الطبيعية.
وهناك التعلق المرضي وهو : الميل المبالغ فيه إلى موضوع من الموضوعات ، بحيث يفقد المتعلِّق استقلاليته ، ويتبع المتعلَّق به تبعيةً كاملةً ، وكأنما تذوب شخصيته عنده، وهو ما يجب الحذر حيث أن ابنتك في مرحلة حرجة والتعلق في هذه المرحلة ظاهرة خطرة جدا والدليل ما يحدث مع ابنتك عند حدوث أي مشكلة كما أسلفت في التساؤل، من حيث ردة فعلها حينما تتشاجر مع صديقتها.
فأنصحك بضرورة مفاتحة ابنتك مباشرة والتحدث معها عن الصداقة والحب في الصداقة والتضحية في الصداقة، لكن افهامها أن الصداقة لا تعني التملك والهيام في الآخر فقولي لها:(صادقي لكن بمعايير وبمقاييس معينة –حبي صديقتك لكن لا تتعلقي بها خوفا من هذه النتيجة – فالحب المرتفع يؤدي إلى إضعاف صاحبه بصورة كبيرة وأنت الآن في مرحلة ناضجة تستطيعين بناء علاقات صداقة مع أكثر من واحدة وهذا للحماية، لأن طاقة الحب طاقة كبيرة يجب أن لا تُختزن مع صديقة واحدة بل توزع على أكثر من واحدة، فهو أسلم.
كما عليك محاورة ابنتك ، وتحليل أسباب هذا التعلق الذي قد يكون ناتجاً عن حرمان عاطفي في البيت وهو ما يجب أن تلتفتي إليه فعليك تحيطي ابنتك بالإشباع العاطفي من قِبَلِك و من والدها و إخوتها، لأن ذلك ينشئ شخصية سوية توزع طاقة الحب لديها بقدر معقول دون تعلق فالصداقة شيء جميل لكن تعلق الصديقات خصوصا في مرحلة المراهقة له آثار سلبية يجب محاولة الأهل تلافيها قبل فوات الأوان.
كما يجب التنويه إلى أنه في بعض الأحيان تصل الصداقة إلى حد لا يقبل فيه أحد الطرفين أي هفوة أو خطأ من الآخر حتى إذا كان صغيراً، وقد تصل إلى درجة من العمق الذي لا يمكن معه السماح أو التنازل عن أي تقصير أو إخفاق منهما، لذا يتعامل الصديق مع صديقه على أنه لا يمكن أن يخطئ في حقه و هو أمر غير صحيح فلسنا ملائكة نحن بشر و قد يصدر بعض الأخطاء.
لكن مع اشتداد علاقة القرب يفترضان الكمال في علاقتهما، وفقد تطرأ عوامل خارجية تفرضها ظروف الحياة مثل الظروف النفسية والاجتماعية والانتقال من مرحلة إلى أخرى ومن ظرف إلى آخر مثل التغيير الاجتماعي الذي يطرأ على حياتنا.
وقد تشمل هذه التغيرات السمات الأساسية في الفرد؛ مثل طريقة التفكير و نمط الحياة، وفي بعض الأحيان يصعب توضيح ذلك لصديقه الذي تعود عليه في شكل واحد وأصبح لا يقبل غيره، و بالتالي يجب أن يكون الحب بدون تعلق لتلافي آثاره المدمرة، وهذا ما يجب عليك إيضاحه لابنتك.