الدين والحياة

الولاء والبراء في الإسلام

إعداد: إسراء ابو زايدة

من مقاصد الشريعة الإسلامية المطهرة أن يكون المسلم متميزاً عن الجميع، في عقيدته وأخلاقه وسلوكه وتفكيره، بل وفي مظهره ولغته أيضاً، وقطع جميع علائق المحبة والولاء والنصرة لكل كافر بالله ورسوله، وهذا ما يقودنا للحديث عن الولاء والبراء. “الثريا” طرقت هذا الموضوع في حوار مع د. نسيم ياسين عميد كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية، لمعرفة ماهيته وحكمه ومنزلته وصوره، وما إلى غير ذلك.

تغافل الكثيرون عن قضية الولاء والبراء إما لجهلهم بها أو لعدم معرفتهم لماهيتها، فما المقصود بها؟

الولاء والبراء ركن من أركان العقيدة، وشرط من شروط الإيمان، تغافل عنه كثير من الناس وأهمله البعض، فاختلطت الأمور وكثر المفرطون، فالولاء هو حُب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم، مصداقاً لقوله تعالى”الله ولي الذين آمنوا”. والبراء هو التخلص والبعد والخلاص والعداء، وهو بُغض من خالف الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والصحابة والمؤمنين الموحدين، من الكافرين والمشركين والمنافقين والمبتدعين.

يقول شيخ الإسلام في بيان معنى الولاء والبراء: “الولاية ضد العداوة، وأصل الولاية القرب والمحبة، وأصل العداوة البغض والكره، وولي الله هو المؤمن المتابع له فيما يحبه ويرضاه ويبغضه ويأمر به وينهى عنه.

ما حكم من والى كافراً وأعانه وظاهره على مسلم ومن عادى أولياء الله؟

كل من والى كافراً وأعانه وظاهره على مسلم فقد كفر ونقض هذا الأصل “الموالاة” وخرج من دين الله سبحانه وتعالى، وهذا يصدق أيضاً على من أطلع الكفار على عورات المسلمين في الحرب وأفشى لهم أسرارهم، وقد جاء بشأن هذا آيات كثيرة منها قوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين” (المائدة:51) فقوله تعالى ” فإنه منهم” يدل على أنه قد خرج بذلك من الإيمان إلى الكفر، وهو نص صريح.

والمعادي لولي الله يعتبر معادياً لله ويعاديه الله، ولهذا جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله قال: “من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب” وقد نهى الله عز وجل عن التقرب من أعداء الله وهم الكفار بالمحبة أو المودة، مصداقاً لقوله تعالى: “يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة”.

ما منزلة عقيدة الولاء والبراء في الشريعة الإسلامية؟

إنها جزء من معنى الشهادة، وهي قول: (لا إله) من (لا إله إلا الله) فإن معناها البراء من كل ما يُعبد من دون الله، وإنها شرط في الإيمان، كما قال تعالى: (ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيراً منهم فاسقون). وهي أوثق عرى الإيمان لقوله- صلى الله عليه وسلم -: (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله).

كذلك فالولاء والبراء سبب لتذوق حلاوة الإيمان ولذة اليقين، لما جاء عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (ثلاث من وجدهن وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار). كما أنها الصلة التي يقوم على أساسها المجتمع المسلم، (إنما المؤمنون إخوة)، وبتحقيق هذه العقيدة تنال ولاية الله، لما روى ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: (من أحب في الله وأبغض في الله، ووالى في الله وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك )، كما أن عدم تحقيق هذه العقيدة قد يدخل في الكفر، قال تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم).

الناس في نظر الإسلام بحسب الولاء والبراء ثلاثة أصناف، ما هي؟

الصنف الأول من يحب بالجملة وهو المؤمن التقي، والثاني الذي ارتكب بعض المعاصي، والثالث من يبغض بالجملة، ونبرأ منه وهو من كفر بالله وملائكته وكتبه واليوم الآخر. يقول الله تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ”.

لموالاة الكفار صور شتى، هلا حدثتنا عنها؟

الرضا بكفر الكافرين وعدم تكفيرهم أو الشك في كفرهم، والتشبه بهم في اللباس والكلام، والإيمان ببعض ما هم عليه من الكفر أو التحاكم إليهم دون كتاب الله، واتخاذهم بطانة ومستشارين، والتأريخ بتاريخهم خصوصاً التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخ الميلادي، والتسمي بأسمائهم، ومشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها، كذلك مدحهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة، والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون النظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد، والاستغفار لهم والترحم عليهم، والركون إليهم، لقوله تعالى: “ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النا”، ومداهنتهم ومجاملتهم على حساب الله ورسوله والمسلمين، وطاعتهم فيما يأمرون ويشيرون به عليهم لقوله تعالى: “ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا”، ومجالستهم والدخول عليهم وهم يستهزؤن بآيات الله، وتوليتهم أمراً من أمور المسلمين كالإمارة والإنابة “مستشارين” في دولة الإسلام لقوله تعالى: “ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا”، والرضا بأعمالهم خاصة الدينية والتشبه بها لقوله صلى الله عليه وسلم:”من تشبه بقوم فهو منهم”، ومعاونتهم على ظلمهم ونصرهم على المسلمين، والتآمر معهم وتنفيذ مخططاتهم والدخول معهم في أحلافهم وتنظيماتهم “كالماسونية”، والتجسس من أجلهم كتحالفات الدول العربية على المسلمين، والانخراط في الأحزاب العلمانية أو الإلحادية كالشيوعية والاشتراكية.

انتشرت بين بعض الشباب ظاهرة التعلق بأعلام وشعارات بعض الدول غير المسلمة، وإقبالهم على شرائها واقتنائها، وطباعتها على القمصان والبناطيل والأحزمة، فما حكم ذلك؟

هي صورة من صور موالاة الكفار التي لا تجوز شرعاً، ولا يجوز اقتنائها، فلا يجوز لبس ملبس عليه رسومات بشر أو حيوانات أو رموز لها دلالات دينية أو عقائدية فاسدة، فإذا كان قاصداً بلبسبه ذلك موالاتهم دخل في موالاتهم، وإذا كان بجهل منه دخل في الحرمة وهو آثم، إلا إذا تركها وندم على ذلك واستغفر.

هل تجوز مجاملة النصارى والكفار القاطنين بنفس البلد بحكم المعرفة أو المجاورة، ورد السلام عليهم أم أنها من صور الموالاة؟

يجوز تحيتهم بأي تحية غير تحية الإسلام ككلمة “مرحبا”، ويجوز تهنئتهم بأي عبارة غير عباراتنا الدينية فلا يقال لهم “تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال”، وتجوز تهنئتهم كمجاملة بحكم الإحسان إلى الجار والمعاملة الحسنة، وليس اعترافاً بدينهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى