الابتلاء سنة الله تعالى في عباده المؤمنين

بقلم: أ.د. خالد الخالدي بروفيسور في التأريخ الإسلامي
الابتلاء (الاختبار) سنة الله تعالى في عباده المؤمنين، لم يستثنِ منه سبحانه حتى الأنبياء عليهم صلوات الله، بالرغم من علمه أنهم خير البشر، بل إن الابتلاء يزيد كلما زاد الإيمان، فعن مُصْعَبِ بن سَعْدٍ عن أبيه قال قلت يا رَسُولَ اللَّهِ أي الناس أَشَدُّ بَلاَءً قال الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ ثُمَّ الامثل فَالأَمْثَلُ مِنَ الناس يُبْتَلَى الرَّجُلُ على حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كان في دِينِهِ صَلاَبَةٌ زِيدَ في بَلاَئِهِ وان كان في دينة رِقَّةٌ خُفِّفَ عنه وما يَزَالُ الْبَلاَءُ بِالْعَبْدِ حتى يَمْشِىَ على ظَهْرِ الأَرْضِ ليس عليه خَطِيئَةٌ (مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 172).
وإن الله تعالى ليُسَرّ بنجاح عبده في الاختبار، وينزل عليه بعده مباشرة من فضله وبركاته وعطائه في الدنيا، ثم يُجزل له الأجر في الآخرة، نلاحظ ذلك بعد كل نجاح، لنبي أو وليّ، وتأملوا كيف سُرّ الله تعالى بنجاح إبراهيم عليه صلوات الله وسلامه، وكيف كافأه بعد نجاحه الباهر:
{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)} [الصافات: 103 – 113]