من أجل إصلاح الأونروا

ياسر علي/ بيروت
أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز العودة الفلسطيني في لندن، وتجمع العودة الفلسطيني «واجب» في دمشق، ومنظمة «ثابت» لحق العودة في بيروت، بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس «الأونروا»، أظهر أن 92% يؤيدون استمرار «الأونروا» في عملها، غير أن 69.7% غير راضين عن أدائها.
فماذا عن وضع الأونروا في لبنان؟
بعد أشهر على الحملة التي نظمتها المؤسسات الأهلية الفلسطينية في المخيمات، على تقليص خدمات الأونروا وسوء تعاملها مع قضايا شعبنا، يتساءل البعض هل خمدت هذه الحملة، ولماذا؟
مصادر في الحملة قالت إن توقف الحملة كان لإعطاء فرصة للجهات المعنية في الأونروا، وفسحاً لطريق الإصلاحات التي وعد بها المدير العام الجديد، غير أن هذه الإصلاحات والوعود لم تتقدم، بل ازداد تراجع الخدمات، وإقفال الأبواب في وجوه الناجحين في الامتحانات الإجبارية للوظائف، وغير ذلك..
مسئولون معنيون بالتعاطي مع الأونروا، شككوا بدورها وأدائها. وبتقديرنا لا يمكن إلا أن ننظر بريبة وشك إلى سلوك الأونروا تجاه الخدمات التي ما زالت تتراجع، وكأن هذا هو المسار السياسي الذي تشكّله أمريكا والغرب و«إسرائيل»؛ باتجاه تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وشطب حق العودة، ولجهة إنهاء خدمات الأونروا، تمهيداً لإلغاء دورها باعتبارها الشاهد الأساسي على لجوء الشعب الفلسطيني.
وما يبرر القلق مجموعةٌ من الخطوات والسياسات التي تنفذها الأونروا باتجاه تكريس اللامركزية في الإدارات الأساسية وفي مكاتب المناطق، في خطوة تهدف إلى تعزيز اعتماد هذه الأطر على نفسها في اللحظة التي تتخلى فيها الأونروا عن دورها. وقد قامت فعلاً بخطوات تمهيدية لتسليم الحكومة اللبنانية المؤسسات التابعة للأونروا، وخصوصاً المؤسسات التعليمية والصحية، وذلك عندما يحين وقت انهيار الأونروا.
ولا ننكر أننا استبشرنا خيراً عندما سمعنا عن برنامج إصلاحي في مؤسسات الوكالة يستطيع القضاء على الفساد المستشري فيها وإنهاء المحسوبيات في عمليات التوظيف، إضافة إلى تعزيز الخدمات وزيادتها.. لكننا بعد عدة أشهر فوجئنا بأن الممارسات السابقة نفسها ما زالت تحكم سلوك مؤسسات الأونروا لجهة استمرار الفساد المالي والإداري، والمحسوبيات في التوظيف، والتقليص في الخدمات، رغم ما تصوره إدارة الأونروا بأنها حسنت من الخدمات..
ما الجديد في الأمر؟ وهل ستقدم الآراء أو تؤخر في هذا المجال، إذا لم تُقرن بعمل؟
على قوى شعبنا الفلسطيني الفاعلة في لبنان ومناطق عمل الأونروا أن لا تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذا التسويف، خاصة أنها لم تلمس تغييراً في ممارسات الأونروا ومؤسساتها. بل إن هذه الوعود تشكل مزيداً من المماطلة وكسب الوقت والتضليل.. وإن السكوت عن ما يجري مشاركة فيه، وشعبنا بانتظار من يحمل الشعلة من جديد، ليقود عملية الإصلاح، ويقوم بخطوات احتجاجية للضغط على الأونروا حتى تستجيب لمطالب شعبنا، ويجري تنفيذ البرنامج الإصلاحي بالفعل وليس بالكلام.
قد لا تستطيع الاحتجاجات أن تضخ الحياة والإصلاح من جديد في جسد هذه المؤسسة العجوز، وقد تبقى البيروقراطية والمحسوبيات هي الغالبة، ولكن أقل الإيمان أن نحرك المياه الراكدة.