عين على القدسفلسطينيات

مَن باعَ بغدادَ والقدسَ.. لن يشتريَ دمشق

بقلم: فداء عوني عبيد

أُولَى القِبلتَينِ، وثالثُ الحرمينِ، ومسرَى نبيِّ الإسلامِ محمدٍ _صلى الله عليه وسلم_ استمرَّ مدَى قرونٍ طويلةٍ مركزاً لتدريسِ العلومِ ومعارفِ الحضارةِ الإسلاميةِ، وميداناً للاحتفالاتِ الدينيةِ الكبرى، والمراسيمِ السلطانيةِ.

يا قدسُ يا مدينةً تفوحُ أنبياء.. يا أقصرَ الدروبِ بينَ الأرضِ والسماء.. يا منارةَ الشرائعِ.. يا طفلةً جميلةً محروقةَ الأصابع.. حزينةٌ عيناكِ يا مدينةَ البتول.. يا واحةً ظليلةً مرّ بها الرسول.. حزينةٌ حجارةُ الشوارعِ.. حزينةٌ مآذنُ الجوامع.. يا قدسُ يا جميلةً تُلَفُّ بالسواد!.

قضيةُ القدسِ لا تزالُ كما كانت عليه منذُ بدئِها، قضيةً دوليةً بامتياز، تحتلُّ درجةً عاليةً جداً في سُلّمِ الاهتماماتِ العالمية، ولأيِّ حدَثٍ فيها _سلبياً كان أَم إيجابياً، هزيمةً أو انتصاراً_؛ أصداءٌ عالميةٌ عاليةٌ، تتسببُ في إعادةِ الحساباتِ، وإعادةِ التفكيرِ في كلِّ ما تمَ وضعُه لها من مخططاتٍ وبرامجَ وخرائطِ طريق .

تماسُكُ الفلسطينيين، والتكاملُ بين أساليبِ النضالِ الفلسطيني؛ بما يتناسبُ مع كلِّ موقعٍ وساحةِ نضال، واستكمالُ ذلك بموقفٍ سياسيّ عمليّ علنيّ واضح، يُقِرُّه الرجالُ والنساءُ المرابطون في كلِّ فلسطينَ؛ هو المفتاحُ الذهبيّ لتحقيقِ إنجازاتٍ فلسطينيةٍ عمليةٍ ملموسة من المقاومةِ بكافةِ أشكالِها.

كذلك التنسيقُ الكاملُ مع الدولِ العربيةِ في المشرقِ العربيّ، والمغربِ العربي، بعيداً عن الخلافاتِ والصراعاتِ العربيةِ- العربيةِ، وتعزيزُ ذلك بالتنسيقِ مع ما أمكنَ من دولِ العالمِ الإسلاميّ، هو عنصرٌ أساسٌ في أيِّ عملٍ فلسطينيّ جدِّي؛ يتطلعُ إلى تحقيقِ إنجازاتٍ ومكاسبَ تحمي المصالحَ الفلسطينيةَ العليا.

إسرائيلُ قابلةٌ للهزيمة، وهي ليست «الدولةَ التي لا تُقهر»،“وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ”، فكيف نطلبُ النصرَ؛ ونحن أبعدُ ما نكونُ عن النّاصرِ! و كيف نرجو العزّةَ ونحن أبعدُ ما يكونُ عن المُعِزِّ!

ونحن للأسفِ لا نملكُ القوةَ ولا الإيمانَ الصحيح، فجيوشُنا لا تضاهي جيوشَ القوَى العظمى، ومعظمُ بلدانِنا مَدينةٌ بمبالغَ طائلةٍ، ولا نزالُ نستوردُ العلمَ.. ولا نصنعُه، وأُمَّتُنا مشتَّتةٌ مقسَّمةٌ إلى دولٍ، ودويلاتٍ، ومذاهبَ، ومِلَلٍ بشكلٍ عنصريّ مَقيت، كيف لنا القوة ونحن بهذا التخلّفِ الجاهلي! أمّا إيمانُنا فإنّه إمّا يَنُصُّ على أنّنا نحن صنّاعُ الانتصارِ، ونسينا مسبِّبَ الأسبابِ، أو أنّنا نؤمنُ _بتواكل_ أنّ الدعاءَ بدونِ عملٍ سيَجلبُ لنا ما نريدُ، ونحن نجلسُ في بيوتِنا نشاهدُ التلفاز، ولكنْ لحظةً يا عزيزي، هل أدّيتَ حقّ اللهِ عليكَ؛ قبلَ أنْ تطلبَ حقّك في أنْ يمدَّ لك يدَ العونِ؟

هذا السؤالُ يحتاجُ إلى إجابةٍ صادقةٍ مع النفسِ، صريحةٍ في شكلِها ومضمونِها، يحتاجُ إلى معرفةٍ بوسائلِ ومسبِّباتِ النصرِ؛ التي تبدأُ بالشخصِ نفسِه قبلَ أنْ تكونَ عامةً، فليبدأْ كلٌّ مِنا بنفسِه يرَى مَواطنَ القصورِ في ذاتِه؛ ليُصلِحَ زلَلَ نفسِه، ويقوِّيها لينتصرَ على نفسِه أولاً، فيُحقِّقَ أسبابَ النصرِ للأُمّة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى