الدين والحياة

كيف تجعل قلبك دائم الاتصال بالله

بقلم د. محمد شريدة ؛ بروفيسور في الشريعة الاسلامية – جامعة النجاح الوطنية.

أحيانا تأخذنا الدنيا و تشغلنا بتفاصيلها المختلفة، وقد يغفل القلب أحيانا دون إرادة منه وتمر الأيام فيستفيق من غفلته، فكيف أجعل قلبي دائم الاتصال بالله- عز وجل- لا تلهيه الدنيا بما فيها، وما الأدوات التي استخدمها لتحقيق ذلك؟

يقول الله- تعالى- في الحديث القدسي الجليل:” أنا عند حسن ظن عبدي بي، فليظن عبدي بي ما شاء وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، و إن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منه، و إن تقرب إلىَّ عبدي شبراً، تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلىَّ ذراعاً، تقربت إليه باعاً، و إن أتاني يمشي أتيته هرولةً”، بهذا الحديث يتحقق الاتصال بالله، و يستشعر الإنسان بعظمة هذا الاتصال، بل و في حديث قدسي آخر يقول الله- عز و جل-:” من عادى لي ولياًّ فقد آذنته بالحرب، و ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، و لا يزال عبدي يتقرب إلىَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، و بصره الذي يبصر به، و يده التي يبطش بها، و رجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، و لئن استعاذني لأعيذنه”، فأي حبٍّ هذا الذي يحبه الله لعبده إذا أحبه و تقرب إليه بالطاعات والنوافل.

و أما أدواته في ذلك فأولها هي القلب، فالقلب محط نظر الله- عز و جل-، و ابن القيم يقول:” في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، و في القلب وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، و في القلب خوف و قلق لا يذهبه إلا الفرار إلى الله، و في القلب حسرة لا يطفئها إلا الرضا بالله”.

و أما الأداة الثانية فهي اللسان، فهو ترجمان القلب، وهو وسيلة اتصال قوية و فعالة مع الله- عز و جل- القائل :” فاذكروني أذكركم”، و في الحديث القدسي يقول النبي -صلى الله عليه و سلم-:”أنا مع عبدي ما ذكرني و تحركت بي شفتاه”، و لك أن تتصور أخي و أخيتي هذا الاتصال الراقي في حال ذكر الله، فكلما ذكرت الله، ذكرك الله و كان معك.

وهل الاتصال بالله يكون في أماكن معينة وأوقات معينة؟

يقول النبي- صلى الله عليه و سلم-:” ربَّ أحدكم يكسل على الطاعات أن يكابدها، و يجبن عن العدو أن يجاهده، و يبخل بالمال أن ينفقه، فعليه بذكر الله”، فأعظم عبادة نتقرب بها إلى الله هي ذكر الله، فلا تحتاج لوقت معين أو هيئة معينة، و الأمر الذي يجب الحرص عليه هو إخلاص النية لله- تعالى- سواء في العمل أو في البيت أو في أي عمل نقوم به، و بأي عمل نقوم به نستطيع أن نذكر الله باستمرار، فلا يعيقنا عن أي عمل نقوم به، و بذلك يأخذ المرء ثلاثة أجور، أجر النية و أجر العمل وأجر ذكر الله .

والأمر الذي يحقق الاتصال بالله تنوع الطاعات، فلا يبقى المرء على طاعة معينة؛ لأنه إذا تعود عليها أصبحت عنده عادة، و إذا أصبحت عادة، فلا يستشعر المرء بقيمتها وحلاوتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى