أسرانافلسطينيات

ممارساتٌ فاضحةٌ للاحتلالِ بتجميدِه التعليمَ داخلَ الأَسر !


الثريا- إسراء أبوزايدة

طاقاتٌ إبداعيةٌ لم تُكتبْ في صالوناتٍ مكيّفة، أو بينَ الورودِ والبساتينِ التي تصدحُ في سمائها الطيورُ المغرّدة؛ بل كُتبت في أجواءٍ ممزوجةٍ  بالألمِ والأمل ، وفى ظِل المعاناةِ والصبرِ والتأمُلِ داخلَ مَحرقةِ العدو, ومن خلفِ القضبانِ، حيثُ كانت مغيَّبةً داخلَ دهاليزِ السجونِ الإسرائيلية، وبعدَ عملياتِ صراعٍ مع السجانِ؛ تم تجميعُها على شكلِ كتبٍ وأبحاثٍ تُبرِزُ من خلالِها المرحلةَ النضاليةَ الطويلةَ للأسرى داخلَ الأَسر، إلّا أنّ المَقصلةَ الإسرائيليةَ تسعى لحصرِ جسدِ الأسيرِ وروحِه في أمتارٍ؛ بل سنتيمتراتٍ معدودةٍ؛ ليبقَى معتقلَ الظروفِ والسياساتِ المجحِفةِ بحقِّه، حتى عمدتْ في الفترةِ الأخيرةِ إلى مصادرةِ أكثرَ من (2000) بحثٍ وكتابٍ دراسيٍّ للأسرى في معتقلِ “هداريم”! .

“سمحتْ قواتُ الاحتلالِ “الإسرائيلي” في نهايةِ السبعينياتِ بدخولِ الكتبِ إلى السجونِ؛ فكان ذلك  طفرةً أدبيةً مثّلتْ العصرَ الذهبيَّ للأسرى على الصعيدِ الثقافي، يتخلَّلُها ممارساتٌ فاضحةٌ للاحتلالِ بمحاربتِه للتعليمِ وإدخالِ الكتب”، وذلك وِفقاً لِما تحدّثَ به” للثُريّا” مديرُ مركزِ الأسرى للدراساتِ “رأفت حمدونة” .

وضيّقتْ إدارةُ السجونِ الخناقَ على الأسرى  في فترةٍ من الفتراتِ_ كما يبيّنُ “حمدونة”_ واشترطتْ إخراجَ الأسيرِ ثلاثةَ كتبٍ يَملكُها؛ كبديلٍ لثلاثةٍ من الكتبِ التي سيُدخِلُها للسجنِ، مشيراً إلى أنّ مسألةَ إدخالِ الكتابِ ازدادتْ صعوبةً، وطالَ التضييقُ على الكتبِ التي كانت تصلُ عبرَ الصليبِ الأحمرِ!.

تجميدُ التعليمِ :

ويَعُدُّ مديرُ مركزِ الأسرى للدراساتِ أنّ مصادرةَ ألفَي  كتابٍ وبحثٍ أمرٌ استثنائيّ له دلالاتُه وعلاماتُه، ويهدفُ لإعادةِ السجونِ إلى ما كانت عليه سابقاً؛ عندما كانت تخلو من القرطاسيةِ والورقِ.
وحولَ تداعياتِ مصادرةِ أبحاثِ الأسرى، يقولُ حمدونة:” إنّ “هداريم” هو السجنُ الوحيدُ الذي فيه دراساتٌ عُليا مع جامعةِ أبو ديس، ومصادرةُ هذه الأبحاثِ يعني تجميدَ التعليمِ الذي تفتقدُه السجونُ”، مضيفاً أنّ ملاحقةَ الأسرى اليومَ في تعليمِهم هو طمسٌ لإبداعِ الأسرى والتعليمِ والثقافةِ داخلَ السجونِ، وهذا مؤشِرٌ سلبيٌّ.. وهناك تخوّفاتٌ من أنّ يتطورَ الوضعُ..  ويصلَ باقي السجونِ وليس “هداريم” فقط.

ويلفتُ “حمدونة” إلى أنّ سلطاتِ الاحتلالِ تسعى إلى محاربةِ الأنشطةِ الثقافيةِ التي ينفّذُها الأسرى؛ كونَها تعزّزُ  الانتماءَ الوطنيّ لدَى الأسرى، لاسيّما وأنّ المسئولَ المباشرَ عن متابعةِ البرامجِ التعليميةِ داخلَ الأَسرِ الأسيرُ “مروان البرغوثي”.

وبدَورِه يؤكّدُ محامي نادي الأسيرِ الفلسطيني في الضفةِ المحتلّةِ على لسانِ الأسرى _عَقِبَ زيارتِه لعددٍ منهم_ بأنّ هذه الخطوةَ جاءت لمواجهةِ مواصلتِهم التّعلُّمَ والتّعليمَ، والحصولَ على الشهاداتِ الجامعيةِ بالرغمِ من اعتقالِهم والحُكمِ عليهم بالمؤبّداتِ والسّنواتِ الطويلةِ.

تصعيدٌ خطيرٌ :

ويستنكرُ أمينُ عام اللجنةِ الوطنيةِ الفلسطينيةِ للتربيةِ والثقافةِ والعلومِ؛ الشاعرُ “مراد السوداني” خطورةَ استيلاءِ إدارةِ سجونِ الاحتلالِ على أكثرَ من (2000) بحثٍ وكتابٍ دراسيّ للأسرى في معتقلِ “هداريم”، بادِّعاءِ احتوائها على “قضايا أمنية”، مُعتبراً هذه الخطوةَ  تصعيداً خطيراً  ضدّ الأسرى لزيادةِ الخناقِ عليهم، وسلْبِ  حقِّهم بالتعليمِ.

ويشيرُ “السوداني” في بيانٍ له إلى أنّ مصادرةَ الأبحاثِ، ومنْعَ إدخالِ الكتبِ للأسرى؛ يعزّزُ المبادرةَ التي تَقدّمَ بها رئيسُ قائمةِ حزبِ «إسرائيل بيتُنا» ، “روبرت إيلتوف”، لِسَنِّ مشروعِ قانونٍ جديدٍ؛ يَحرمُ الأسرى الفلسطينيينَ استكمالَ دراستِهم الأكاديميةِ، إلى جانبِ  منْعِ إدارةِ سجونِ الاحتلالِ التعليمَ للأسرى؛ استناداً لقرارٍ سياسيّ منذُ (2009)؛ بهدفِ منعِهم من إكمالِ تعليمِهم الثانويّ والجامعي.

ويطالبُ “السوداني” كافةَ المؤسساتِ والبرلماناتِ الدوليةِ، ومؤسساتِ حقوقِ الإنسانِ بالتحرّكِ العاجلِ لوقفِ سياساتِ الاحتلالِ العنصريةِ؛ التي يُشرّعُها ضدّ الأسرى الفلسطينيينَ، وإجبارِه على  الالتزامِ بالقانونِ الدوليّ الإنسانيّ، واتفاقياتِ جنيف، والاتفاقياتِ والقراراتِ الدوليةِ المتعلقةِ بحمايةِ حقوقِ الأسرى.

ويُشارُ إلى أنّ معتقلَ “هداريم”، والذي يضمُّ نحوَ (120) أسيراً؛ يُعَدُّ المعتقلَ الوحيدَ الذي يتمكّنُ فيه بعضُ الأسرى من مواصلةِ التّعليمِ العالي، ويقومُ فيه أسرى من ذَوي الشهاداتِ العليا بتدريسِ زملائهم، ومتابعةِ إعدادِهم للأبحاثِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى