كن عفيف النظر عفيف السمع

الثريا :خاص
يجيب عن التساؤل د. نسين ياسين الأستاذ المشارك في كلية أصول الدين – أمين سر رابطة علماء فلسطين
كثيرا ما أواجه تدخل وفضول في أدق تفاصيل حياتي، علما أنني أحترم خصوصيات الناس، فكثيرا ما يحرجونني باسئلتهم التي لا نهاية لها، فما حكم ذلك و ما النصيحة التي توجهها لمثل هؤلاء الأشخاص الفضوليين؟
أخي الكريم، الفضول نوعان: أحدهما محمود والآخر مذموم، أما المحمود؛ فهو محاولة الإصلاح والتدخل عند حدوث مشكلة معينة فيحتاج الشخص في هذه الحالة إلى التدخل لفهم شكل القضية و تفاصيلها ولكن في حدود المعقول وهنا لا شئ عليه بل يثاب لما يقوم به؛ لأن هدفه الإصلاح، و ذَكَر الله تعالى فيه الثناء، فقال تعالى﴿ لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ ( سورة النساء : 114)
وأما النوع الثاني من الفضول، فهو المذموم الذي يتدخل فيه المرء في خصوصية أخيه و يحاول معرفة دقائق أموره و هذا يعني الاعتداء على حريته و حقوقه، فلكل إنسان أسراره، و خصوصيته، فلا يجوز الحديث فيها، لما يترتب عليها من آثار سلبية فيتعرف على أسراه و يحملها و يتحدث في أعراضهم، و يكون سبباً في نشر الغيبة والنميمة بين الناس، وهذا ما حرمه الإسلام فالإنسان مسئول عن كل كلمة يتحدث بها.
كما أن فضوله و تطفله قد يقوده إلى سؤال أشخاص آخرين عنه و عن تفاصيل حياته فيدخل في باب النميمة التي حرمها الشرع.
ويكفي المتطفل زاجرا عن تطفله واتباعه لعورات الناس قول الرسول – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال :(من ستر عورة أخيه ستر الله عورته يوم القيامة ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته) رواه ابن ماجه والترمذي
وقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) رواه الترمذي وصححه الألباني، و السؤال الذي يجب أن يطرحه المتطفل على نفسه هل يحب أن يتدخل أحد في حياته و يعرف دقائق أسراره الإجابة بالطبع لا، فما يحبه لنفسه يجب أن يحبه لغيره والعكس، لقول الرسول- صلى الله عليه وسلم-:” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
فعليك أن تتعود أن تحترم خصوصيات غيرك وأن تقتنع بأن لكل إنسان أسراره الخاصة التي يجب أن يحتفظ بها لنفسه، فكما أن لك أسرارك فللآخرين كذلك أسرارهم.
فيجب أن يسأل الفضولي نفسه باستمرار، ما شأني بهذا الأمر ؟ وهل من حقي التدخل فيه ؟ ولا تحاول أن تقرأ خطابات غيرك أو تعبث بأوراقه الخاصة أو كتبه ومذكراته وإن وقع في يدك شئ من هذا فكن أمينا ولا تطلع على ما ليس من حقك إلا بإذن صاحبه فكن عفيف النظر، عفيف السمع، عفيف اليد.