
يجيب عن الاستشارة د. جواد الشيخ خليل
أنا أُمٌّ.. ولي طفلانِ؛ الأكبرُ منهما عشرُ سنواتٍ؛ يكرَهُ المدرسةَ والتدريسَ! ولا يحبُّ كتابةَ الواجباتِ، لا أشعرُ بأنه غبيٌّ ولا يفهمُ، ولكنّ مشكلتَه أنه لا يتقبلُ المدرسةَ، وقد ذهبَ والدُه إلى المدرّسينَ وتحدّثَ معهم؛ وقد أشادوا بقدراتِه ومهارتِه، مشكلتُه أنه كسولٌ! وقد حاولتُ معه مِراراً وتكراراً؛ ولكن بلا فائدةٍ! لدرجةِ أنه حصلَ على مُعدّلٍ مُتدَنٍّ في الاختباراتِ!؛ فهو غيرُ مستعدٍّ لمراجعةِ الدروسِ وقراءتِها! كيف أجعلُ ابني يحبُّ الدراسةَ ؟ .
عزيزتي صاحبة المشكلة:
هناك العديدُ من الأطفالِ الذين يَكرهونَ المدرسةَ والدراسةَ، ولا يرغبونَ بالذهابِ إليها؛ وهذا يَرجعُ لأسبابٍ عديدةٍ؛ منها ما يعودُ إلى الطفلِ نفسِه، ومنها ما يعودُ إلى الأهلِ، ومنها ما يعودُ إلى المدرسةِ نفسِها، والنتيجةُ أنّ الطفلَ يَكرهُ المدرسةَ..!
هناك مقولةٌ قديمةٌ : “إنكَ تستطيعُ أنْ تأتيَ بالحصانِ إلى النهرِ؛ ولكنكَ لا تستطيعُ أنْ تُجبِرَه على أنْ يشربَ منه”؛ وهذا ينطبقُ على الطفلِ؛ فهو يذهبُ مُجبَراً إلى المدرسةِ؛ ولكنه لا يتعلمُ؛ والسببُ في ذلكَ يعودُ إلى أنه لا يوجدُ مَن يهتمُ بأمرِ الطفلِ داخلَ المدرسةِ، وحتى داخلَ الأُسرةِ؛ نقدّمُ للطفلِ كلَّ ما يَلزمُه من وجهةِ نظرِنا؛ ولكنه لا يهتمُ بذلك؛ لأنّ كلَّ ما يُقدَّمُ له عبارةٌ عن “روتين” يثيرُ المَلَلَ في نفسِه.
لذلك يجبُ أنْ نقدّمَ لأطفالِنا ما يَرغبونَ به هم؛ ومن خلالِ ذلكَ نثيرُ دافعيتَهم وتعزيزَهم تُجاهَ المدرسةِ والدراسةِ، فنُقدّمَ لهم ما يحتاجونَ، ونجعلَ في حياتِهم قِيَماً يُحبّونَها ويحافظونَ عليها، ونجعلَ لديهِم ما يخشونَ عليه، ومن خلالِ ذلك نبدأُ معهم رحلةَ الاهتمامِ بالدراسةِ تدريجاً، فنقدِّمُ لهم قبلَ أنْ نطلبَ منهم، ونكونُ عوناً لهم في الدراسةِ؛ بتذليلِ كلِّ الصعوباتِ التي يواجهونَها، وإذا كان لديهِم ضعفٌ في أحدِ المباحثِ؛ فلا بُدَّ أنْ نعالجَ ذلك معاً، ونتابعَ أيضا وضْعَ الطفلِ في المدرسةِ باستمرارٍ، ونقدّمَ التعزيزَ المناسبَ كلّما تَقدّمَ الطفلُ في المدرسةِ، ويجبُ ألّا يُتركَ الأطفالُ هكذا..
وكلُّ ما يقدِّمُه الأهلُ هو الأكلُ والشربُ والملبسُ، يجبُ أنْ يكونَ هناك أكثرُ من ذلكِ.. مساعدةُ الأطفالِ في الدراسةِ، وفي عملِ واجباتِهم، وفي إعدادِ دروسِهم، وجداولِ الدراسةِ.
يجبُ مشاركةُ الطفلِ في كلِّ خطوةٍ تتعلقُ بالدراسةِ؛ مع تقديمِ المكافآتِ والحوافزِ التي يريدُها الطفلُ، مع المتابعةِ المستمرةِ مع المعلمينَ وإدارةِ المدرسةِ، وعلى صعيدِ المدرسةِ يجبُ أنْ تكونَ المدرسةُ بيئةً جاذبةً للطفلِ؛ وألّا تكونَ مُنَفِّرةً من خلالِ الممارساتِ غيرِ السوِيّةِ التي تَصدرُ بحقِّ أطفالِنا.